آسفي.. شهداء البطالة والتهميش
هل تطلبون نبذة صغيرة عن أرض الفر و الكر، تلك البلاد التي تمتد من جبال البطالة إلى شواطئ التهميش، و من غابات القهر إلى بساتين الفقر، و من سهول الظلمات إلى هضاب الأحزان … سيفها يمتد في أعناق الرقاب بين الوريد و الشريان.
قبل الغوص في الكلام، سنستحضر كلمة أب مكلوم لأحد الضحايا قائلا “ولدي ما خلا فين دفع السيفي، و فالأخير دفعوا للبحر و قبلو الله !! ” ، رحمه الله !!
في هذا السياق، سنفضي بمقارنة طفيفة تشمل عقلية الشباب آسفي في السنوات السابقة مقارنة مع ما هي عليه اليوم، و سنلاحظ جليا أنه عند افتتاح مشروع “الطاقة الحرارية” و لو أنه خلق فرص الشغل بصفة آنية و غير مستديمة إلا و أنه قد ضم عدد كبير من شباب المدينة و احتضنهم مقلصا نسبة البطالة شيئا ما، مقلصا فكرة الهجرة الغير الشرعية شيئا ما أيضا، إذن فعند ظهور أول فرصة تقبلها الشباب بصدر رحب و أبانوا على رغبتهم في العمل و خدمة وطنهم، لكن سرعان ما انتهت تهيئة المشروع ليتم استبعاد عشرات آلاف العمال و استقطاب الأجانب و أبناء المدن الأخرى، لتوصد الأبواب في وجه الشباب و نعود لنقطة الصفر، و يتراود شبح الهجرة في خدمة مافيات البحار و القوارب حاصدا الأرواح و النفوس !! و هذا فقط مثال واحد وسط غابة من الأمثلة بخصوص المشاريع و المركبات و قطاعات التشغيل الضخمة في المدينة …
هذه الفاجعة التي أدمعت سكان المدينة ربما دقت ناقوس الخطر، و صفعت الجميع قائلة “استفيقوا أيها المسؤولين !! فآسفي الغنية بثرواتها و مشاريعها و إنعاشها لاقتصاد البلاد بنسبة خيالية شبابها يموت بحثا عن العيش، فمن اختار أن يقدم روحه للحوت لا يلام، فلو وجد البديل و لو بالقليل ما غادر ملزوما مرغما.
و الطامة الكبرى أن تلك الرغبة العمياء في الهجرة لازالت تنخر جسد المدينة بالرغم من هذه الفاجعة، و لازلنا سنشهد فواجع أخرى إن ظل الحال بما هو عليه، كما يقال في كل الأحياء كون أن هذه النازلة زادت الطين بلة، و زادت الحقد حقدا، شباب قد غادر و آخرون سيغادرون سراً أو علناً ، لأن البديل مفقود و المستقبل مجهول و آسفي تلفظ سكانها أنفاسهم الأخيرة .