ازمة لبنان الاقتصادية الحالية
في منتصف العام 2019 بدأت بوادر الازمة الاقتصادية اللبنانية تظهر من خلال عجز الدولة اللبنانية عن تنفيذ مقررات مؤتمر سيدر، ذاك المؤتمر الذي لو كان قد كتب له الوصول الى اللبنانيين لأدخل الى خزائن الدولة ما يقارب العشرة مليارات دولار كدين بفوائد منخفضة تسدد على المدى الطويل، كما و ما يقارب المليار دولار هبات و مساعدات من الدول المانحة.
حاولت الحكومة انذاك اقرار موازنة العام 2019 و تخفيض العجز فيها بشتى الطرق، الا انها فشلت في اقناع المجتمع الدولي لاسيما البنك الدولي من خلالها، فجاءت موازنة منقوصة لا تلبي المتطلبات الدولية و لا حتى فئات المجتمع اللبناني، و بالتالي توقفت المساعدات الموعودة و بدأ منذ ذلك الحين فقدان العملة الاجنبية من الاسواق مما ادى الى بداية الارتفاع في سعر الصرف لاول مرة منذ تثبيت سعر الصرف اواخر تسعينيات القرن الماضي على معدل ١٥٠٧،٥ ليرة لبنانية للدولار الواحد كسعر الوسطي.
ثم اتى فشل السلطات المختصة في الحد من انتشار الازمة مع مزيد من الفشل بانت اولا في الخلافات السياسية العلنية بين اقطاب السلطة، تلاها الفشل في الحد من الحرائق الهائلة التي اتت على مساحات كبيرة من الاشجار و التي بينت العجز الكامل لدى السلطات، ثم برزت الضرائب التي اقرت و طالت الفئات الفقيرة و المتوسطة من الشعب اللبناني، فتفجرت ثورة ١٧ تشرين و التي ادت الى استقالة الحكومة.
و مع نهاية عام 2019 و بداية 2020 و مع تدهور الليرة و توقف المصارف عن العمل لفترة و خوف المودعين على ودائعهم و التخبط السياسي و الذي ادى الى تأليف حكومة غير مرضى عنها شعبيا و لا دوليا، ازداد الضغط على الاقتصاد و عجز لبنان عن تسديد ديونه الخارجية، فتفاقمت الازمة و تدنى مركز لبنان ائتمانيا و انهارت الليرة الى مستويات غير مسبوقة بلغت ما يقارب العشرة الاف ليرة للدولار الواحد في الاسواق، و برزت عدة اسعار للصرف رسميا و بنكيا و سوقيا، و زادت البطالة الى ما يقارب ال 40% و ارتفعت معدلات الفقر و التضخم بسرعة هائلة فاغلقت بعض الشركات و توقفت الاخرى عن دفع اجزاء من رواتب موظفيها و تقلصت التحويلات الخارجية.
يعاني لبنان حاليا ازمات متلاحقة، فمع ازمة كورونا و انفجار مرفأ بيروت و استقالة الحكومة مرة اخرى و الفراغ الذي يعيشه اللبنانيون حاليا بين سياسة المحاور التي يدفع ثمنها المواطن اللبناني و بين الانهيار الاقتصادي غير المسبوق، لم يتبقى للمواطن اللبناني شيئا سوى افكار الهجرة او العمل خارجا او انتظار المعجزات و التي لن تأتي دون العمل الجاد بين المسؤولين اللبنانين كافة لاعادة الامل للمواطن من خلال خطوات سريعة تعيد الثقة بكافة القطاعات الاقتصادية.