الفساد انتهاك.. والحرب ضده أولوية مقدسة

العالم بمافيه وطننا الحبيب، يحتفل باليوم العالمي لمكافحة الفساد في التاسع من ديسمبر ويتلوه يوم حقوق الانسان في اليوم العاشر من نفس الشهر، ليؤكد بأن الفساد انتهاك لحقوق الانسان وان انتهاكاته في حد ذاتها فساد.

وتعتبر المناسبة فرصة و محطة هامة لتقييم جهود مكافحة الفساد وإزالة المعيقات التشريعية والإدارية، كون تبديد موارد الدولة في غير ماخصص لها ونهب أموال الشعب انتهاك جسيم لحقوق الانسان كونه يحرم الشعب من أهم حقوقه الإنسانية، ومثلما ينظر المجتمع الى اللص الذي يسرق أموال عشرة الف شخص كمجرم خطير لاستيلائه على أموال هذا العدد الكبير بعمله الاجرامي بالمثل، الأمر الذي يستلزم ان ينظر الجميع الى الفاسد كمجرم اخطر كونه لايسرق أموال عشرة او مائة الف شخص بل ينهب أموال الشعب، كل الشعب في الكف ضحيته حيث يتجاوز عددهم ثلاثين مليون شخص رجال منهم ونساء أطفال كانوا أو كبار .

نعم الوطن يعيش ظروف خطيرة واستثنائية والبعض يبرر تأخير المعركة ضد الفساد بانها ستمزق الصف الوطني ولكن هذا تبرير خاطئ جداً، لان الفساد هو من يمزقنا جميعا و اضراره اخطر منه في الظروف الطبيعية ويستوجب استعجال المعركة لاتأخيرها ..

و البعض يبرر تأخير اشعال الحرب ضد الفساد بأنها ستؤخر صناعة السلام وستؤجج نيران الحرب وهذا ايضاً تبرير خاطئ ، فالفساد يغذي الحرب ويطيل امدها لان هناك تجار حروب مستفيدين من استمرارية الوضع لما هو عليه، ولايمكن ان يتحقق السلام وتتوقف الحرب إن لم يتم استئصال الفساد الذي يؤجج نيران الحرب ليشغل الوطن في حروب بعيدة عنه، ولأن الفاسدين يعرفون جيداً بان توقيف الحرب معناه فتح حرب ضده.

وهنا نشيد بمبادرة المجتمع بما فيها الأوتاد التي اطلقت مبادرتها الشهيرة وحملتها القوية سلام بلا فساد لصناعة سلام حقيقي ومستدام مبني على عدم التسامح مع الفساد في كل وقت ومكان دون تمييز ولا استثناء ..

وإشعال حرب لاهواده فيها ضد الفساد هي اهم الجبهات التي يواجهها الوطن كون الفساد مثل السرطان يعيش وينتشر في الجسد بسرعة ليلتهم أعضاء الجسد ويعطلها حتى يسقط الجسد بعد ان نخره السرطان من الداخل، وكذلك سرطان الفساد ينخر جسد الوطن من الداخل ويعطل مؤسسات وأجهزة الدولة حتى يسقط الوطن ومثلما يتم إزالة السرطان بالتضحية ببعض جسد الانسان وازالته لتلك الأعضاء الذي لوثها السرطان لمنع انتشاره لاعضاء أخرى وللحفاظ على ماتبقى، فكذلك مكافحة الفساد يجب ان يتم ازالته وازلة الخبايا التي لوثها الفساد لمنع انتشاره في باقي الأماكن، و مهما كانت الأعضاء التي لوثها الفساد مهمة للوطن، فاستئصالها هو الحل الوحيد للحفاظ على بقايا الوطن وتأخيرها هو صعوبة  لمكافحته ومقاومته .

سرطان الفساد يمزق أجهزة الدولة والأخطر من كل هذا انه منتهك خطير لايسرق فقط الحاضر بل يسرق مستقبل شعب ووطن، ويعطل مؤسسات وأجهزة الدولة ويصيبها بالشلل بنخره لامكانيات وموارد الدولة الذي تعتبر حق الشعب كل الشعب .

و يتوقف التعليم نتيجة تبديد الفساد وتلاعبه ونهب المخصصات المالية للمدارس والجامعات من نفقات ومرتبات كوارد التعليم، فتتوقف المستشفيات الحكومية عن تقديم الرعاية الصحية المجانية للشعب نتيجة واضحة للفساد الذي نخر الخزينة العامة ومزق ونهش مواردها ولم تستطيع الإيفاء بمستحقات المنشات الطبية وكوادرها .

وبالمثل كافة انتهاكات حقوق الانسان سببها الرئيسي الفساد الذي عطل مؤسسات الدولة ودمرها وتحولت من حامية لحقوق الانسان الى منتهكة لها، وهنا يطبق مثال” فاقد الشيء لايعطيه”  فموظفي الدولة المحرومين من مراتبهم الشهرية كيف تطالب منهم حماية حقوق المواطنين وحقوقه منتهكه .

لذا، نؤكد على أهمية مكافحة الفساد لحماية حقوق الانسان الذي يتسبب الفساد في مذبحة كبيرة لحقوق الانسان يسقط ضحيتها الاف وملايين من الشعب.

لامبرر لتأجيل المعركة ضد الفساد الا اعلان الهزيمة والخضوع له وهي اول مراحل الهزيمة في جميع المعارك و الجبهات لان الفساد يسقط كافة أسلحة المواجهة ويجعل الوطن ضعيف يتهاوى ويتساقط كما تتساقط أوراق الشجر في فصل الخريف .

كل عام نحتفل ويحتفل العالم باليوم العالمي لمكافحة الفساد وتنظم الفعاليات وتصدر التصريحات القوية ثم يتم اغلاق هذا الملف والانشغال بملفات أخرى حتى يأتي العام القادم ليتم تكرار التصريحات والفعاليات دون أي خطوات قوية في الواقع واذا ما استمرينا في هذا المنوال نخشى ان يأتي اليوم الذي يحتفل الفساد بفساده وانتصاره على الوطن ويصبح الكلام عن مكافحة الفساد جريمة يعاقب عليها

بواسطة
عبدالرحمن علي علي الزبيب - اليمن
المصدر
مقال الرأي ينشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق