القمع يتجرأ على العلم.. و احترام المعلمين أساس التقدم والحضارة والازدهار

لطالما قرأنا عن تكريم المعلم و تبجيله، و لطالما تغنت الأمم بقيمته و قدره، حتى بتنا نخال أنه فعلا كاد أن يكون رسولا.

لكن واقع الحال في بلدي يرسم صورة قاتمة عكس المتعارف عليه أدبيا و أخلاقيا، و هي صورة تؤكد أن زمن الكرامة و التبجيل قد ولى، لتحل عوضا عنه لغة القمع و التنكيل، فأن تُهرَق دماء الشرفاء من نساء و رجال التعليم في وطني و تُشج رؤوسهم لأمر مخز و مؤلم و مؤسف.

لقد كان يوم الخامس من أكتوبر 2020 يوم النكبة بامتياز ويوم عار سيلاحق الحكومة إلى اللا منتهى، فإذا كان أسلوب التنكيل بالإنسان عموما مرفوض و غير مستساغ فما بالكم إذا كان المنكل به ذاك الذي به تنجلي ظلمات الجهل.

إنني أستطيع أنا المعلم أن أرفع رأسي عاليا عزة و كرامة في الوقت الذي لا يحق فيه لأي وزير أن يفعل ذلك ما دام العار يلطخ جبينه، ألهذا الحد من التردي وصلت حكومتنا؟ غريب ذاك المشهد الدراماتيكي الذي وُوجِهت فيه الشهادات العليا بالهراوي و الشتائم و السباب.

لن أتكلم عن حقوق الإنسان و لا عن النكوص السياسي الذي عرفته بلادنا، بقدر ما يوجعني انكسار العِلم و كرامته في عالم لا مكان فيه للجاهلين.

إن عدم الاعتراف بالشهادات العليا لموظفي وزارة التربية الوطنية هو ضمنيا عدم اعتراف بالجامعة المغربية و عدم اعتراف بالبحث العلمي ببلادنا و بداهة إرسال رسالة واضحة للمغاربة أن أفق تعلمهم و معرفتهم محدود، فهم ليسوا بذلك أهلا للتدرج في مسالك و مدارج العلم و المعرفة.

و حتى إن تذرع القوم بالجانب المادي فشواهد الحال تكذب زيف الادعاء ما دامت الأموال تهدر رخاء سخاء على أناس أتساءل كما يتساءل الملايين من المغاربة عن دورهم في بناء الوطن.

إنها سكيزوفرينيا من نوع آخر…. فالوضع لا يطمئن ما دام الأمر يتعلق بمستقبل أجيال من المؤمل أن تكون رائدة، فالتعليم ليس مجال مساومات، و نساء و رجال التعليم ليسوا على الهامش و لن يكونوا، فهم من يبنون الإنسان، و بناء الإنسان أهم من بناء الجدران… إنه البناء اللامادي الذي لطالما تم الحديث عنها في زمن الشعارات.

إن الحكومات إلى زوال و شمس الاستوزار آفلة، أما المعلم فباق ما بقي الدهر… صمود فإخفاق صمود فإخفاق صمود ثم نصر يقطفون الزهور و لا يقفون عند زحف الربيع.

بواسطة
الأستاذ عتيق الله يونس - اقليم افران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق