المفكر أحمد المسلمانى .. والهندسة السياسية (2-3)

ثانيا : هندسة الحاضر
1- تحالف عديمى الموهبة
يقول : ” الجاهل إذا تولى منصبا فهو فاسد , وحتى إذا لم يسرق ولم ينهب .. ذلك أن خسائر الجهل تفوق خسائر الفساد .
لا تهوى الأوطان على نحو مفاجئ .. بل هناك من يقومون بالتجريف المستمر حتى يقع الانهيار … أقول وبقدر كبير من الثقة سينهزم الإرهابيون ويولون الدبر , ولكن تحالف عديمى الموهبة هو الإرهاب الأكبر .. إنهم العملاء الحقيقيون الذين يزعجهم سلطان العقل ويسعدهم الدخان الأزرق ” .
2- الجغرافية الحضارية
يقول : ” إن أسماء الشوارع والطرق يجب ألا يترك للمصادفات أو المجاملات أو لتقدير صغار المسئولين والموظفيين المحليين .. إن إلغاء اسم سليم الأول وتعظيم اسم الليث بن سعد وإطلاق اسم تحتمس الثالث على شارع صلاح سالم .. ليست بالقرارات المحلية الهامشية بل هى قرارات ثقافية وتأسيس لمعالم حضارية .. إنها تغيير بعض عناوين بلادنا إلى العنوان الصحيح ” .
3- إضاءة الجغرافيا
يقول : ” حان الوقت لإعادة توزيع الإضاءة فى بلادنا .. إلى رؤية استراتيجية لإحياء المحافظات المصرية وانتشالها من الإهمال واليأس .. لماذا لا تصبح الإسماعيلية ” باريس الصغرى ” والمنصورة ” كليفلاند مصر ” والمحلة ” مانشستر مصر ” والفيوم ” مصر الصغرى ” والأقصر ” عاصمة العالم ” ؟
إن اختزال مصر فى العاصمة .. هو تدمير منظم للجسد المصرى .. الاكتفاء منه بالقلب والإطاحة بباقى الأعضاء ! ”
4- صناعة الأمل
يقول : ” إن صناعة الأمل مثل الصناعات الثقيلة .. خطط وموارد معرفة وعزيمة , وإذا فقدت الأجيال الجديدة الأمل , فإننا نصبح أمام وطن يتآكل , مستقبله وراءه .
إذا فقدت الأجيال الجديدة الأمل .. فانكفأت على ضلالات التواصل الاجتماعى أو غابت فى خيالات الدخان الأزرق أو ذهبت إلى أعداء الدين والحياة .. ناقمة ومنتقمة .. أو اعتكفت أمام أبواب السفارات بحثا عن تأشيرة خروج .. أو تجمدت فى أمواج البحر هربا من المجهول إلى المجهول … عندئذ يصبح الأمن القومى كله فى خطر ” .
5- إهدار الذكاء العام
يقول : ” إهدار الذكاء العام .. هو أخطر كثيرا من إهدار المال العام .
إن قوة أمريكا ليست فى حكم الأغلبية الديمقراطية ولكنها فى حكم الأقلية الذكية ” .
6- علم الرياضيات
يقول : ” فى تقديرى .. هذه هى المعادلة العملاقة والبسيطة لصناعة الحضارة المعاصرة
فيزياء +رياضيات = اقتصاد + سلاح= حضارة

يمثل علم الرياضيات فى الدول المتقدمة مدخلا لتطوير العقل ورفعة التفكير .. إن حرب الرياضيات هى حرب الانتقال من الفوضى إلى العصور الحديثة ” .
7- طائفة البدون فى مصر
يقول : ” طائفة البدون فى بلادنا .. أعنى بها أولئك الذين يملكون الجنسية ولا يملكون الانتماء
إن التعليم الأجنبى له دور مهم فى تقدم العديد من الدول .. ولكن أغلبه فى مصر يأخذ بعض المظاهر غير الجادة من الغرب .. دون أن يأخذ ما ينبغى من المنهج العلمى والانضباط المؤسسى والطموح الجاد والإنجاز الحقيقى .
لم نأخذ سير العلماء فى الاجتهاد والإبداع .. بل أخذنا طرائق السفهاء فى احتقار الهوية وكسر الانتماء .. والنظر إلى كل ما هو “وطنى ” باعتباره ” بلدى ” وكل ما هو ” أجنبى ” باعتباره
” عصرى ” .
التعليم الأجنبى على النحو القائم فى بلادنا .. يمكن أن يكون خطرا على الأمن القومى المصرى ” .
8- إعادة تدوير مخلفات الماضى
يقول : ” إن استهلاك طاقة المستقبل فى إعادة تدوير مخلفات الماضى لن يخدم إلا أعداءنا . ذلك لأن الهتافات والشعارات والأكف المرتفعة بالتحريض والكراهية إنما تغذى ” الأخبار ” وتحرق ” الأحلام ” .. إنها تحقق الفائض فى السياسة والعجز فى الاقتصاد ” .

9- د. أحمد زويل .. والمراكز المضيئة
يقول : ” كان الدكتور زويل مأخوذا بتجربة المراكز المضيئة فى آسيا .. تلك التى حققت المعادلة المستحيلة .. فى كيفية التقدم العلمى رغم الفقر, والإبداع التكنولوجى رغم التخلف . والمشاركة فى قيادة المعرفة فى العالم رغم ضعف البنية الأساسية وتدهور بيئة التنمية .
كانت رؤيته أن يتم بناء ” سور ” .. يكون ما فى داخل السور جزءا من العالم الحديث بمعايير القوى الكبرى , على أن يلحق ما فى خارج السور بما فى داخل السور .. بعبارة أخرى .. أن تنتقل عدوى التقدم من الداخل إلى الخارج .. حتى يتسنى للقاطرة أن تجر العربات إلى الأمام .. لا أن تأخذ العربات القاطرة إلى التخلف ” .
10- التفسير الكروى للتاريخ
يقول : ” تحتاج مصر إلى تأسيس ” حركة المؤرخين الجدد ” كمدرسة فكرية جديدة .. تقود إعادة القراءة فى التاريخ المصرى .. على أسس عقلانية ووطنية .
إن أفضل ما يمكن أن تقدمه حركة المؤرخين الجدد لبلادنا هو تجاوز البساطة السياسية فى التفكير .. وإعادة الكثافة والاتساع للعقل السياسى المصرى .. وإنهاء حقبة التفسير الكروى للتاريخ , تلك الحقبة التى تعاملت مع الاجتهادات الوطنية بمنطق الأندية الرياضية !!
يمكن لحركة المؤرخين الجدد أن تنقل التاريخ من فوضى المعادلات الصفرية .. إلى طاقة أسطورية فى بناء المستقبل . ”

11- تجديد العقل المصرى
يقول : ” لقد حفلت المدرسة الفلسفية المصرية بقامات رفيعة .. من أصحاب مواقف فلسفية ذات وزن مثل : فؤاد زكريا وعاطف العراقى ومراد وهبة وحمدى زقزوق أو من أصحاب مشروعات فلسفية ذات مكانة مثل : عبد الرحمن بدوى وحسن حنفى وسمير أمين وعبد الوهاب المسيرى وزكى نجيب محمود .
حان الوقت لإعادة تجديد العقل المصرى عبر إعادة تقديم العقل المصرى
فى قولة واحدة : إن عودة الحضارة تبدأ من عودة العقل ” .
12- القادة الجدد
يقول : ” تحتاج مصر إلى أن تكون ” بلد المليون قيادة ” .. ذلك أن مائة مليون نسمة يحتاجون بالضرورة إلى أن يصل حجم النخبة العامة فيها إلى ١٪ من السكان .. أى ما يعادل مليون شخصية ذات مستوى قيادى .
إذا كانت مصر قد قدمت للعالم كله نموذجها العظيم فى الديمقراطية المباشرة : ” المليونيات ” فإنها تحتاج اليوم إلى أن تقدم لنفسها ” مليونية جديدة ” .
لقد قامت المليونيات السياسية على أساس ” الكم ” وتحتاج المليونية الحضارية الانطلاق على أساس ” الكيف ” .
إنها عملية العبور من حقبة ” النشطاء ” إلى حقبة ” الخبراء ” من ” المخلصين ” الذين صنعوا الحاضر إلى ” المتميزين ” الذين يصنعون المستقبل “.

13- مراكز الدراسات ضرورة وطنية وسياسية وحضارية
يقول : ” تحتاج مصر إلى شبكة واسعة وقوية من مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية . تحتاج إلى نخبة من المراكز القائدة التى تحظى بمكانة إقليمية واحترام عالمى .. كما تحتاج إلى عدد من المراكز المتخصصة والمتخصصة للغاية .. لتشكل المراكز جميعها ” العقل السياسى ” لمصر .
لا يمكن للسياسة أن تمضى بلا فكر .. ولا يمكن للإعلام أن يمضى بلا عقل .
لقد أصبحت مراكز التفكير سلاحا استراتيجيا لا غنى عنه .. فى إدارة السياسة المعاصرة تأتى الفكرة بما لا تأتى به الحركة .. ويأتى العقل بما لا تأتى به الحرب ” .
14- مبادرة تجديد النخبة
يقول : ” الفلسفة الحاكمة لمبادرة ” تجديد النخبة ” :
هى سد احتياجات مصر من الصفوة .. وتشكيل ” طبقة فكرية ” رفيعة المستوى تكون بمثابة الظهير العقلى للدولة .
الحرب على اليأس .. لابد من أن نتخذ قرارا نفسيا بالأمل .
إن مصر تحتاج إلى العائدين من جغرافية المعرفة .. وليس العائدون من جغرافيا الإرهاب .
تحتاج بلادنا إلى العائدين من هارفارد لا العائدين من أفغانستان ” .

15- اللوبى المصرى العالمى حتمية وطنية
يقول : ” لقد حان الوقت لتأسيس اللوبى المصرى العالمى ليس لأجل رئيس أو نظام .. بل لأجل المصلحة الاقتصادية والسياسية والعسكرية .. ومن أجل حماية بلادنا ودورنا ومشروعنا
لقد بات إقناع العالم بحقوقنا ومصالحنا حتمية أساسية ؛ بعد أن أصبح الخارج جزءا
من الداخل ” .
16- الرعاة لا يبنون الأوطان
يقول : ” إذا لم تؤمن الدولة بالقوة الناعمة كالقوة الصلبة .. فإن الرعاة والممولين فى الداخل والخارج يسيطرون ويتاجرون .
القوة الناعمة هى مسئولية الدولة .. إذا ما أرادت أن تطلق مشروعا حضاريا حقيقيا .
الرعاة ” وكالات الإعلان .. مكاتب رجال الأعمال .. أقسام العلاقات العامة فى الشركات ” لا يبنون الأوطان !! ”
17- الثقافة ليست ترفا أو ملأ للفراغ
يقول : ” تحتاج بلادنا أن تدرك .. أن الثقافة ليست ترفا أو ملأ للفراغ .. وأن المعرفة ليست إهدارا للموارد والميزانيات .
وأن تفصل بين وظائف ” المؤسسات التى تهدف إلى الربح ” ووظائف ” المؤسسات التى تهدف إلى الفكر ” .

18- هندسة الشهرة
يقول : ” لا تبتسم فى وجه أى مشهور تافه , لا تذهب إليه وتلتقط معه الصور , لا تشعره أنه ناجح ومحبوب , قدر الإمكان شارك فى تجاهله وإهماله .. قم بعقابه بطريقة سهلة وكريمة : أنت لا تراه وهو لا يوجد .. لا تجعل من التافه شخصا مشهورا ” .
19- موليوود .. السينما المصرية
السينما الجانب الأكثر سطوعا من القوة الناعمة فى عالم اليوم يقول : ”
وهى تستطيع الهدم والبناء بمثل ما تستطيع الجيوش وأجهزة المخابرات تماما .. بنفس القدر وبذات القدرة .
إن السينما أخطر من أن تترك للسينمائيين وحدهم .. ويجب أن يكون المفكرون ومخططو السياسيات ورجال الدولة حاضرين فى رسم الخريطة العامة لصناعة السينما من منظور الاقتصاد وصناعة العقل من منظور السياسية “.
20- الكتاب الأبيض للأزهر الشريف
يقول : ” يحتاج الأزهر الشريف إلى إصدار ” الكتاب الأبيض ” الذى يشرح استراتيجية الأزهر ورؤيته العالمية للإسلام والمسلمين .. على غرار ” الكتاب الأبيض ” الذى تصدره وزارة الخارجية فى الصين واليابان .
وهو بمثابة خريطة طريق للدين فى خضم الدنيا .. وعرض لاستراتيجية الدفاع والهجوم فى معركة ” الإسلام الحضارى ” مع المخاطر الكبرى :
التطرف السنى , التطرف الشيعى , المذاهب الهدامة , الإلحاد
يجب هيكلة الإعلام بالأزهر وكذلك ” مأسسة الأزهر ” وإعادة عولمته بما يناسب تاريخه ويوازى مكانته ” .
21- الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين
يقول : ” لم يعد الاتحاد العالمى راية للجميع .. بل صار راية للبعض دون البعض .. وسلاحا لبعض المسلمين فى وجه بقية المسلمين .
الأهم أن الاتحاد العالمى قد انخرط فى السياسات المرتبكة فى العالم العربى والشرق الأوسط . واندمج إلى حد كبير فى المؤسسات والأجهزة التركية والقطرية .. وأصبح فى أحيان كثيرة وكأنه ” الجناح الدينى ” للدولتين .. وليس ” الاتحاد العالمى ” لكل المسلمين .
ثم كان شبه الاندماج بين ” الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين ” و” التنظيم الدولى للإخوان المسلمين ” .. ما جعل ” الاتحاد العالمى ” يبدو وكأنه إحدى شعب جماعة الإخوان .. أو أن
” الاتحاد ” هو أحد مؤسسات التنظيم الدولى .. القيادة والأمانة العامة أصبحت كلها فى إطار الجماعة ” .
22- حركات الإسلام السياسى
يقول : ” فشلت حركات الاسلام السياسى فى أن تعيد الروح أو أن تبنى المادة .. فلا نهضة أمام العالم ولا صفاء أمام النفس .. بل حديث متواصل عن الكم لا الكيف .. عن الصناديق والمقاعد والسلطة .. وحديث لا ينقطع عن القتال والدماء وعن الإجبار والمغالبة ” .

23- التسامح قوة والتطرف ضعف
يقول : ” التسامح قوة والتطرف ضعف .. إن جانبا من هندسة الصورة الذهنية للإسلام والمسلمين .. إنما يتطلب جسارة الوسطية وجرأة الاعتدال ” .
24- الثورة ليست مستمرة
ينتقد الفوضويين الذين يعتبرون مجرد وجود الدولة عملا عدائيا للثورة , وأن المعادلة بينهما هى معادلة صفرية , إما دولة بلا ثورة أو ثورة بلا دولة .. والمثالية الثورية هى أن تكون لدينا ثورة بلا دولة .
بينما يرى المثقفون والوطنيون أن منهج الحياة هو البناء لا الهدم والتشييد لا التجريف والدولة لا الثورة .. وأن فلسفة البقاء والإرتقاء تكمن فى إلغاء معادلة الثورة مستمرة وتأسيس معادلة الحضارة مستمرة .
25- نقد خرافة الحكومة السرية للعالم
يقول : ” ثمة كتب ومقالات وبرامج ومواقع .. كلها تروج لهذه الخرافة .. حتى تمددت عقيدة
” اللا حيلة ” .. و ” اللا إرادة ” .. و” اللا قدرة ” فى مواجهة أناس لا قبل لنا بهم ولا طاقة لنا عليهم .
لم يدرك أحد من المؤمنين بخرافة الحكومة الخفية للكوكب .. أنه بذلك قد يدخل فى دائرة الشرك بالله .. ذلك أنه يشرك مع الله فى ملكه حفنة من البشر .. وأنه يؤمن بأن بعض ملك الله ليس لله .. وأن مصائر الأرض قد تم اختطافها من خالقها .. لصالح مجموعة من الأثرياء الذين انتزعوا لنفسهم إدارة الحياة الدنيا !!
لا توجد حكومة سرية تحكم العالم .. توجد صراعات ومنافسات .. توجد شركات ومؤسسات . توجد ثورات وحروب .. مشكلات وأزمات وكلها يمكن أن تخضع للعلم , كما أنها جميعا تقع فى إطار الممكن وفى دائرة الحل ولا يقول بحتمية الفشل إلا الضعفاء والمهزومون
السياسة فن الممكن … والجهل فن المستحيل ” .
26- المشروع اللاحضارى للتطرف
يقول : ” إن المشروع اللاحضارى للتطرف هو الدوران فى جغرافيا اليأس … ضد الأنا وضد الآخر .. ضد المبنى وضد المعنى ” .
27- الحداثة قبل السياسة
يقول : ” إن الحداثة هى سيادة العقل .. وإن عصر الحداثة هو تحكيم المنطق فى إدارة شئون الحياة وإذا كان الأمر كذلك .
فإن الحداثة هى سياق إسلامى .. وليست سياقا معاديا للإسلام .
فلا معنى لأن يلهث الإنسان وراء تطوير المادة مع إلغاء الروح .. أو تطوير المبنى مع تدمير المعنى .. أو تحديث الاقتصاد وإلغاء الرسالة !!
لقد جاءت تنظيمات الإسلام السياسى المتطرفة .. لتدفع العالم الإسلامى أبعد وأبعد نحو الخروج من حقائق العصر والإنجراف خارج حركة التاريخ .
إن الحداثة بمعنى : التحديث أو العلم أو العقل .. يجب أن تسود .. يجب أن تسبق السياسة
ذلك أن البناء السياسى فى مجتمع ما قبل حداثى .. هو بناء فى الفراغ .. أو تشييد قلاع من رمال .. هو كتابة موسوعة كبرى على قمم الأمواج “

بواسطة
محمد حسينى الحلفاوى - مصر
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق