جريمة العصر والذكرى السابعة عشرة !
سبع عشرة سنة مرت على جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والكل حاليا يترقب، كيف سيتم إحياء هذه الذكرى هذه المرة؟
وماهي الرسائل التي سترسل خلالها؟ خاصة، انها تاتي قبل الانتخابات النيابية بثلاثة أشهر، و بعد الحدث السياسي الهام، وهو تعليق الرئيس سعد الحريري مشاركته، ومشاركة تيار، في الانتخابات النيابية المقبلة.
لا يمكن الكلام عن الذكرى، ددون المقارنة بين الماضي والحاضر، ففي السابق كانت الذكرى، تقام في الساحة. ساحة الشهداء، وبحضور جماهيري كبير، كان الكل يشارك، ليستمع إلى كلام قادة الرابع عشر من آذار، سعد الحريري، ووليد جنبلاط، وأمين الجميل، وسمير جعجع وغيرهم من المتحدثين، الذي كانت تجمعهم كلمة سياديون. لكن مالبثت ان انتقل احياء الذكرى، الى القاعة، لأسباب عديدة، تذرع بها المنظمون وقبلها الجمهور، – وان لم يقتنع بها-على مضض. وانحصر التحدث بابن رفيق الحريري سعد الحريري، فكيف ستكون هذه المرة؟ ومن سيكون المتحدث؟ وماذا سيقول؟ وخاصة انه سيتواجد في بيروت لإحياء المناسبة، – كما يشاع- ابنا رفيق الحريري، بهاء وسعد.
وهنا تجدر الاشارة، الى انها المرة الأولى التي ينوي بهاء الحريري، إحياء المناسبة او التواجد في بيروت وقتها، والمشاركة فيها ولعله بذلك سيستعملها لشد العصب الجماهيري، عندد انصاره قبل الانتخابات النيابية.
اما سعد، فلعله سيتخدم المناسبة ليوجه إلى انصاره كلمات يفكك من خلالها شيفرة تعليق مشاركته الانتخابية، ومن بعدها تستطيع القوى السياسية كافة وجمهور المستقبل خاصة، تحديد بوصلتهم الانتخابية، فيبنى على الشيء مقتضاه.
ويبقى الثابت الوحيد، – من خلال المقارنة بين تسميتي الثامن و الرابع عشر من آذار وان لم نعد نسمع هاتين التسميتين في السياسة- في كل ما سبق من أحداث عاشها لبنان، أن قوى الثامن من آذار، ما زالت متماسكة وموحدة على إيقاع الموسيقى التي يعزفها لها عرابها حزب الله، فهو بدهاء كبير، استطاع امتصاص آثار الجريمة، ومفاعيل نتائج المحكمة الدولية، والانقضاض على خصومه، فتخلص من رفيق الحريري بالاغتيال الجسدي، ومن سعد بالاغتيال السياسي، ومن وليد جنبلاط بعزله، ومن الحكيم يجعله يصارع وحيدا.
وها هو الآن يؤجج الخلاف بين جمهور المستقبل و القوات ليحدث شرخا كبيرا بين الجمهوري كما أحدثه بين القيادتين، حتى وصل إلى وصف أحدها الآخر، بالغدر والخيانة.
أخطأت قوى الرابع عشر من آذار، في التعاطي مع الحدث المهم الذي اخرج السوري من لبنان، واخطات لما بدأت تتناحر فيما بينهما من أجل مقعد من هنا ونقعد من هناك. ولكن لمتابع الحق ان يسأل : تراها هل هي مؤامرة ضد السنة، تتشارك فيها روسيا، أميركا إسرائيل، وايران؟
لان المطلع على سياق الأحداث، يرى ذلك جليا، من تدمير طال العراق، وسوريا ثم اليمن. وقتل اصاب الرئيسين صدام حسين ومعمر القذافي، وتوريط للسعودية وامرائها من مقتل خاشقجي، الذي أدى إلى توتر في العلاقة مع تركيا، سبقه توتر في العلاقة مع قطر أدى إلى فرض حصار خليجي عليها، ثم إلى حرب في اليمن.
وبالعودة إلى لبنان، نقرا منذ اغتيال رفيق الحريري، إلى انفجار مرفأ بيروت مرورا بكل الضحايا وخاصة غير، السياسيين
مثل المصور جو جاني
الا يدل هذا على ان القوى الاقليميّة الكبرى هي وراء كل مايحصل؟ وان كل ما يحصل يحصل في إطار شيء يحضر للمنطقة؟
لذا فإن على كل القياديين الاستقلابيين وراعيهم الإقليمي، ان يعيدوا درس ما حصل ويستفيدوا منه، فليعيدوا حساباتهم وليشكلوا جبهة سيادية، عريضة عنوانها سيادة لبنان، قبل أن يستيقظوا في السادس عشر من آيار وقد خسروا لبنان أيضا، وعندها لا تنفع ساعة ندم.