سيدي الرئيس.. ألم يكن الشباب مشروعك!

كرّس النظام السياسي القديم ، نظام ما قبل 14 جانفي /كانون الثاني  ، عزل الشباب و القطيعة مع  الطاقة الشبابية ،بإعتبارها  رغبة في التغيير تهدد عرش الرأسمالية السياسية في تلك الآونة .

لكن  الثورة ، التي نجمت عن بركان الإستبداد والمقت الشبابي ، قلبت الرؤية ،لأن القوة الديمغرافية والفكرية للشباب فرضت نفسها وإفتكت حقها في الحياة السياسية  . علما وأن نسبة الشباب التونسي الأقل من 35 سنة ، أكثر من 30٪ من جملة الشعب التونسي أي ما يقارب 3.5 مليون نسمة ، وذلك وفقا للتعداد العام للسكان والسكنى الصادر في 2014 عن المعهد الوطني للإحصاء .

فاتحد الشباب ليشكلوا آمالا جديدة في سياق الإنتقال الديمقراطي ،لاسيما بعدما كنسوا الطبقة السياسية القديمة التي لم تقدم شيئا للبلاد ، ورسموا لوحة سياسية جديدة بفرشاة  أمل في نضام جديد يوضف ويستغل طاقاتهم، وفي إطار مشروع تنموي ينهض بالإقتصاد الوطني . لكن هذه الأحلام لم ترى النور كثيرا ، حتى خيم عليها ظلام اليأس والفشل من تعددية حزبية ،لم نرى منها شيئا غير التجاذبات السياسية والتراشق بالتهم والترهيب  والخطابات الطنّانة بوعود زائفة تحت قبة البرلمان . فنفر الشباب الحياة السياسية والإنتخابات لغياب الثقة في كل الأطراف السياسية .

تواصل الحال على هاته الوتيرة حتى  ظهرت أنت سيدي الرئيس لتنل ثقة الشباب التونسي من جديد ، شباب إنتخبك كصورة معيارية أو رمزية أخلاقية ، مع رسالة مفادها أن نظافة اليد وإستقامة الأخلاق هما الأساس، في غيابهما يغيب التقدم على كل الأصعدة .

كنت بصيص نور ، أعدت الأمل بحملتك الإنتخابية التي جعلت من تشريك الشباب مشروعا ، فكنت ملهما لتنطلق حملة نظافة في كامل الجمهورية في رمزية إستشرافية لإجتثاث ما يعكر الساحة الإقتصادية و السياسية .

إمتنعت عن تقديم برنامج إنتخابي وادعيت أنك في خدمة الشباب ،منفذا لمطالبهم وصرحت أن برنامجك يرسم بأحلامهم وإحتياجاتهم .

أين أنت من كل هذه الوعود سيدي الرئيس ؟ ما الذي قدمته للشباب بعد مرور سنة من توليك مقاليد الحكم ؟

صحيح أن سلطتك محدودة لا تخول لك ما وعدت به ناخبيك ، لكن حقك في تقديم مشاريع القوانين يضمنه الدستور .

أين أنت من مقترحات التشريعات الراجعة بالنظر لتحسين وضعية الشباب في تونس ؟

أيام قليلة مرت عن بداية حملة “خسارة فلوسك يا بابا ” من قبل أصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل ، والكل سمع عن الشاب التونسي منفذ العملية الإرهابية في نيس الفرنسية ،الذي وصل عبر إجتياز الحدود الإيطالية فرارا من وضع بائس عجزت عن تغييره .واليوم نرى مراكب جماعية مشحونة بالطاقات الشبابية تشق طريقها نحو السواحل الإيطالية ،خارجة من شواطئ الشابة ، باحثة عن مناخ يضمن كرامتهم كشباب ويمنع ضلمهم وإنتهاك حقوقهم .

هذه نماذج عن فشل وعودك سيدي الرئيس . لا نحملك مسؤولية الفشل بل نحملك مسؤولية الوعود والخطابات الفضفاضة التي  عودتنا بها .

لكن مع هذا لازلت تنال ثقة الشعب . فآخر صبر آراء قامت به جريدة المغرب حول نوايا التصويت للإنتخابات الرئاسية القادمة  بين نيلك ثقة الأغلبية بنسبة 64.8.

هذا يبرهن على أن مسؤوليتك لازالت قائمة ولازالت فرصتك لتحقق ما وعدت به في إطار صلاحياتك ،ولو بمقترحات قوانين تسهل إدماج الشباب في العجلة الإقتصادية ،كونهم طاقة لا يجب إهدارها .

وهو ما تبين في ما أنجز خلال أزمة كورونا من إختراعات طبية وتكنولوجية من متطوعين شبان .

وأنهي بالبيت الشعري لأبو العتاهية :
إن الشباب والفراغ والجدة                    مفسدة للمرء أي مفسدة

بواسطة
ذاكر مسعود - تونس
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق