غريزة الصراع
غريزة البقاء … عندما نتأمل صفات الانسان بتجرد – كأحد المخلوقات على هذا الكوكب وهو الذي يراقب صفات كل المخلوقات – فأننا ندون العديد من الملاحظات التي تستحق التمعن والدراسة منها ما يسمى الغرائز .
وبنفس الوقت تعتبر الغرائز متلازمة لكل المخلوقات التي نعرفها ونراها , وتختلف من مخلوق الى آخر الا أن هناك غرائز يتشارك بها الانسان مع بقية المخلوقات ولعل أبرزها غريزتي ” البقاء ” و ” الصراع “…
ان الشخص المتمعن يدرك أن هاتين الغريزتين هما رديف اصيل ومرتبط كلاً منهما للآخر, وبالرجوع الى بداية وجود الانسان البشري من خلال التاريخ المكتوب وما قبله , نجد ان الانسان انخرط في الصراع من زمن هابيل وقابيل , وهنا أتسائل عن الدراسات التي تهتم بهذه الغريزة ! فهل ً يوجد فعلاً دراسات علمية متجردة تدرس هذه الظاهرة عند الانسان ؟!
اعتقد أن الصراع وجد في البداية من أجل البقاء , فمثلاً الحيوانات المفترسة قد تصنف الانسان كمصدر غذاء للبقاء , أيضا الانسان بحاجة للصراع مع الانسان من أجل الغذاء و المأوى .
وهنا أصبح الانسان بحاجة الى ناموس ينظم هذه الغريزة ويحد منها فجاءت الأديان لتميز هذا المخلوق وتزيده رقي ولعلنا نجد أن معظم – ان لم يكن كل – الأديان تؤطر الصراع بشكل دقيق وممنهج وتحد منه لكنها لم تحرَمه كونه غريزة متلازمة ولا يمكن التخلص منها ولو دفاعاً، ومن وجهة نظري فأن الصراع قد تطور من صراع لأجل البقاء (اضطراري) الى صراع مسبب (اختياري ) وأنا هنا لست في صدد انتقاد هذه الغريزة او الدفاع عنها ولكن أحاول وصفها بتجرد .
وعندما نعود لأشكال الصراع التي تفرعت من ” الصراع الغريزة “كصراع من أجل البقاء فأن هناك صراع الأديان والصراع السياسي وصراع الأفكار، الحضارات، العرقيات …. الخ.
أن المدقق في واقع العالم اليوم يجد أن الوضع كارثي، وأكاد أجزم أننا اليوم في أكثر المراحل شراسة من مراحل الصراع والتي شهدها هذا الكوكب حتى وان لم يكن اشرسها ميدانياً أذ نجد أن حجم وشراسة الصراع الحالي هو الأعنف من حيث عدة مؤشرات:
- الأنواع ومنها سياسي وديني وعرقي وفكري وحضاري ….. الخ.
- الأطراف المشاركة في الصراع حيث انها الممثل لكل أنواع الصراع وبعدَة أطراف وخصوم لكل نوع.
- الإمكانات والأدوات المستخدمة في الصراع وشدة فتكها، فمنها الأسلحة، الجيوش، الاقتصاد، الاعلام،الرأي العام وادارته , السياسة ……الخ .
وعن التساؤل عن أسباب هذا الصراع فأننا نجد أن الموارد كافية ليعيش كل سكان الكوكب برفاهية، كما أن المساحات الجغرافية تكفي لاستيعاب الجميع وكل أسباب البقاء متاحة لكل فرد على الكوكب في وجود إدارة وتنظيم!!
فهل الصراع فقط من أجل الصراع ” صراع عبثي “ أن صح فهذا يعد المؤشر الرابع الدال على شراسة هذه المرحلة
ولعل ما ذكر من مؤشرات تعد مبرر منطقي لتوصيف الوضع الحالي كأشرس حالات الصراع على مر التاريخ وبشكل عابث.
وهنا نتساءل ألم يكن هناك ضابط ومؤطر – الدين – لهذا الصراع الذي حول الانسان الى أشرس المخلوقات على الأرض وحرمه من إنسانيته؟! أعتقد ان الانسان قد جنى على نفسه فهو كالغريق الذي يرمى له بطوق النجاة الا أنه يتلذذ بالغرق.
يا له من غباء!!