في جنة الخالدِين

ظلمةٌ و جو مخيفٌ في الخارج، أخبارٌ قد تحوِّلُ أكبر أمنياتك في هذا البلدِ أن تموت بشرف و بين عائلتك؛ ضبابيةٌ لا متناهية و فرص شغلٍ أصبحت بأيدي وحوشٍ رأسمالية لا تهتم سوى بمنتوجها و شبابٌ يفقدُ شبابهُ و يعانقُ الأمراض و الأزمات بمقابل هزيل لا يتوافق مع متطلبات العصر بل يتوافق مع مصطلحات الظلم و القهر.

مرَّ وقتٌ طويل و نحن نستيقظ على وقعِ الجرائم و المصيبات، و مر وقت طويل كذلك و نحن نرى رئيس الحكومة أو غيره من المسؤولين يطالب بفتح تحقيقٍ و لا تحقيق قد شاهدنا نتائجه أو عقوباته، و لم نرى كذلك حتى تطبيق دستورٍ شريفٍ في مضامينه التي لا تطبق و لا تتحقق.

لم نرى أيضاً في يوم من الأيام وزيراً يقدم استقالته نظراً لفشله الدريع في تحقيق مهماته كما يقع في دولٍ أخرى، و نحن نعلم إن تحققت هذه الديمقراطية و تم تفضيل الصالح العام سنشك أننا نعيش في المغرب، لكن في المقابل إن لم يقع هذا الحلم علينا أن نواجهه بربط المسؤولية بالمحاسبة و بالسجن لكل مسؤولٍ حول الشعب بشبابه و شيابه إلى أجسادٍ رخيصة تدرف قلوبها دماً و همّاً قاهراً، جعلهم يبتلعونه بقول الحمد لله و إن الله محكمةٌ نزيهةٌ لا تفرق بين هذا وذاك.

من الجميل أن تحمي الدولة مواطنيها من شرِّ الهجوماتِ و أعداء الله، وأن تكتشف أمرهم قبل التفكير في الأمر أو في محاولة تنفيذه، و من المنطقي أن تكون نفس الأجهزة والآلياتِ على علمٍ بأي شيء آخر خاصةً في زمن الكوفيد، أي أنه من غير الواقعي اليوم ربط المعمل بالسرية أو بأي مصطلح يشابه هذا و نحن مغاربةٌ أيضاً نعلم ما تعلمون و كيف تدبر الأمور.

28 شخصاً معيلاً لأسرته راح ضحية الإقصاء و التهميش و عدم المراقبة، رحمة الله عليهم و نقتنع كما تقتنع هذه الأسطر بأنهم سيحلقون نحو جنة الخالدين، في المقابل فمصير المسؤولين عن هذا هو العقاب إلى يوم الدين.. و بعد هذه الحادثةِ و ما قبلها و ما قد يأتي بعدها علينا أن نرى عمليات الهجرة السرية بأنها شيء عادي يجب تقبله في ظل هذه الظروف، و علينا أن نتقبل بأن الشعب لم يكن في يومٍ من الأيام هو المشكل، و علينا أن نعلم بأن نفور الشباب عن الميدان السياسي و عن الإنتخاب هو الأمر الصحيح، فجميع من يوكل لخدمة الشعب يخدمُ نفسه و يتعارك من أجل إرسال أطفاله للدراسة في الخارج و يتقاتل من أجل معاشه و تقاعده، و يبقى الشعب يلفظ آخر أنفاسه في محيطٍ خانقٍ.

ختاما فاليوم لن نطالبكم سوى بتوفير مقابر إضافية لمحاولة استيعاب حجم الأرواح التي قد تقع بسبب ما يقع

 

بواسطة
حمزة زاهيد - الدار البيضاء
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق