لَسْتُ كَاتِبًا وَإِنَّمَا عَاشِقًا لِلْكِتَابَة

لَسْتُ كَاتِبًا وَإِنَّمَا عَاشِقًا لِلْكِتَابَة و لعشاق الْكِتَابَةَ فِي غَزّةَ عَالمهم الْخَاصِّ الْمُخْتَلَفِ تماما عَن عالم عُشَّاق الْكِتَابَةَ فِي أَيِّ مَكَان آخَرَ . . .

فِي غَزّةَ وَبَعْد اقْتِحَام قُوَّات فَيْرُوس كورونا لمدن و أحْيَاء وشوارع الْقطَّاع جَلَسَتْ عَلَى سَطْحٍ مَنْزِلِنَا وَ القريب مِن السِّياج الْفَاصِل مَعَ الْأَرَاضِي الفِلَسْطِينِيَّةِ الْمُحْتَلَّةِ اُكْتُب مَقَالَة صَغِيرَةَ عَنْ الْحُبِّ وَقَدْ تَكُونُ مُقَدَّمَةٌ لِرِوَايَة صَغِيرَةَ عَنْ الْحُبِّ وَمَا قَدْ يُوَاجِه الْحَبُّ مِنْ مَخاطِر و شَوَائِب تُفْسِدُه ، فلَمْ يَعُدْ هُنَاك مَجَالًا لِلتَّحَدُّث بمثالية فَكُلُّ شَيْءٍ فِي فِلَسْطِينَ مُسْتَهْدَف . . .

يَسْأَل أَحَدُهُمْ حَتَّى الْحَبّ مُسْتَهْدَف، أيعقل ؟
نَعَم الْحَبّ و الْأَمَل و الْفَرَح و السَّعَادَة و الطُّمَأْنِينَة كُلُّ هَذَا مُسْتَهْدَف .

نَعَمْ كُنْت أَكْتُبُ عَنْ الْحُبِّ و أتأمل السَّمَاء الحزينة الَّتِي تَسَاقَطت دموعها فِي شَهْرِ تَمُّوز وَكَمَا يَقُولُونَ فِي ( عَزّ الصَّيْف ) حُزْنًا عَلَى حَالنَا الَّذِي أَصْبَحَ لاَ يَخْفَى عَلَى أَحَد حَتَّى الْجَمَاد يَعْلَمُه عِلْمَ الْيَقِينِ ، اُكْتُب و أرسمها مِنْ خِلَالِ النَّصّ فَأنا لَا أُحِبُّ الرَّسْم كَثِيرًا و لَا أُحِبُّ الصُّوَر الفوتوغرافية أَحَبّ الرَّسْمُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى شَكْلِ نَصّ أَدَبِيّ وَ إذْ بطائرات لُوكْهِيد – مارْتِن إف-35 لايتنيغ – أمريكية الصُّنْع تَطْلُق صاروخا يدمر أفكاري قَبْلَ أَنْ يَنْفَجِرَ وَبَعْدَ أَنْ ينفَجَر يدَمَّر في طريقه ملايين الأفكار المرتبة لآلاف الأشخاص و يدمر أيضا بناية كَبِيرَة وَ يقَتْل الْعَشَرَات مِنْ أَبْنَاءِ شَعْبِيٌّ الْعَزْل الْمَدَنِيِّين الَّذِي لَمْ يَعُودُوا يُرِيدُونَ إِلّا الْعَيْش بِسَلَام ، تُدَمّر أفكري ، عَقْلِيٌّ يُرْسِل أَمْرًا عَاجِلًا لِيَدَي بِتَغْيِير مَوْضُوعٌ الْكِتَابَةِ مِنْ الْحَبِّ إلَى الْحَرْبِ .

الْفَرْق شَاسِع لَكِنَّنِي مُضْطَرّ فكَيْف سَأَكْتُب عَنْ الْحُبِّ و أَبْنَاء شَعْبِيٌّ يَقْتُلُون و الْحَرْب تَسَحَّق كُلِّ شَيْءٍ ، أَبَدأ بِالْكِتَابَةِ عَنْ الْحَرْبِ و عَمَّا فَعَلَتْه بأبناء شَعْبِيٌّ وَعَن ذَاك الطِّفْل الَّذِي قَطَعْته دَبّابَةٌ لُوس أنجلوس الأَمْرِيكِيَّة الَّتِي يَقُودُهَا صَهْيُونِي حاقِد فِي شَوَارِعِ غَزّة و قَبْلَ أَنْ أَنْتَهِيَ يَقْطَع سِلْسِلَة أفكاري صَوْت إطْلَاق نَار كَثِيفٍ مِنْ الْحَيِّ الْمُجَاوِر فَرَحًا و احْتِفَالا ، أَخْرَج مُسْرِعا مهنئا بِعَوْدِه أَحَدٌ أَبْنَاء الْعَمّ الَّذِي قَدْ عَادَ مِنْ الْأَسْرِ كاسرا قَيَّد السِّجْن وَقَاهِرًا للسجان و أَعُودَ إلَى قَلَمِي فأتوقف عَنْ الْكِتَابَةِ عَنْ الْحَرْبِ و أَبَدأ بِكِتَابِة رِسَالَة تَهْنِئَة إلَى ذَلِكَ البَطَل الَّذِي كَسَرَ الْقَيْد وَقَهْر السَّجَّان وَ يدخل على حبل أفكاري صَوْت زغاريد قادِمَةٌ مَعَ جِنَازَةٍ شَهِيدٌ كَانَ يَحْمِي ثُغُور الوَطَنِ مِنَ الْعَدُوِّ الْمُجْرِم اخْتَلَط مَعَ صَوْت زغاريد مِنْ عُرْسٍ ذَلِك الشَّهِيدِ الَّذِي لَمْ تَعْلَمْ عائِلَتِه باستشهاده بَعْد . . .

نَعَمْ فِي غَزّةَ يَخْتَلِط الْحَبّ بِالْحَرْب و تَلْتَقِي السَّكِينَة مَعَ الْيَأْسِ عَلَى طَاوَلَة وَاحِدَةً وَ يَنَام الْحُزْن وَالْفَرَح فِي غُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ ، في غَزّةَ وَحْدَهَا تَجْتَمِع كُلّ التناقضات الَّتِي أَظُنّ إنَّنِي سأجمعها فِي رِوَايَةِ قريبا إن وفقني الله لذلك ❤. . .

بواسطة
محمود عبدالعزيز قاسم - فلسطين
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق