محمد الجم.. الفنان الذي ينتزع ضحكتك حتى في حال صمته
كلمة و إيماءة و نبرة صوت، و لباس يشد الناظر لغرائبيته المقصودة في إثراء المشهد، كلها مؤثرات اجتمعت لتفرز لنا أنموذجا للفكاهة المتفردة في هادفيتها، صمد فنه في وجه التقلبات الهشة للكوميديا المغربية، فظل متربعا على عرشها لحدود اليوم .
فهو الضيف الذي يملك من المؤهلات ما يجعله يدخل حياتك دونما استئذان، و يتسلل إلى روحك فيملك عليك كل جارحة من جوارحك، و كلها تمظهرات تكاثفت لتفرز لنا أيقونة الفن : محمد الجم.
إنه الفنان الذي ينتزع منك الابتسامة بانسيابية من غير تكلف، فتستشعر معه نوعا من التوحد و الانصهار و الذوبان الكلي في كليته : شكله و عمق ابتسامته، حركته و نبرة صوته، طريقته الحصرية في انتقاء شكل معين من اللباس، كلها إبداعات تخدم الفكرة و توصل الهدف.
محمد الجم البصمة المتفردة في عالم الكوميديا، و الفنان الأسطورة الذي أطل علينا من خلال محطات عديدة من حياته، تبقى أهمها محطة 1975، المحطة المشرقة و الحافلة التي تمخضت عن عطاءات، تختزل زبدة محمد الجم في عالم الكوميديا الهادفة.
و يبقى زخم الأعمال التي أثثت فضاء الكوميديا المغربية، شاهدا على تميز هذا الهرم في ذخيرته و التي نجملها في : “وجوه الخير” “قدام الربح” “ساعة مبروكة ” “جار و مجرور” “الرجل الذي”… الخ، كما يظل محمد الجم فعلا الرجل الذي ملأ الدنيا و شغل الناس، و الأسطورة التي ملكت منهم القلوب و لا تزال، و هي ميزة لن تتأتى إلا لمن استطاع أن ينتزع منك ابتسامة أو إغراقا في الضحك، لحظة كلامه او لحظة حركته أو حتى لحظة صمته.