“أصحاب ولا أعزّ” يكشف عورة مجتمعاتنا العربية
كتب “محمد الغزاوي” في تحقيقات نقد:
أثار الفيلم اللبناني ” أصحاب ولا أعزّ ” من إخراج وسام سميرة، ضجّة كبيرةً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لاقى انتقادات عديدة من نسبة كبيرة من النّاس، وكأيّ حدثٍ اجتماعي آخر، لاقى أيضاً عدداً كبيراً من المؤيدين لفكرة الفيلم غير المعتادة، وغير المألوفة والتي لم تطرح من قبل في المجتمع العربي.
ضمّ الفيلم عدداً من الممثلين العرب، نذكر منهم جورج خبّاز، عادل كرم، نادين لبكي، إياد نصّار منى ذكي…
وتدور أحداث الفيلم كاملة في بيت واحد، وبمناسبة واحدة وهي كسوف القمر، حيث يجتمع الأصدقاء كلّ منهم مع زوجته عدا أحدهم الذي يحضر منفرداً، ويقررون جميعهم ترك هواتفهم مفتوحة على الطاولة ليروا ويسمعوا جميع الرسائل الصوتية والاتصالات والرسائل النصيّة التي تصل لهم، ما أدى بالتالي لكشف العديد من الأسرار ووقوع العديد من الخلافات بين الأزواج الذين يكتشفون خيانتهم لبعضهم البعض، والخلاف يقع أيضاً بينهم وبين صديقهم الذي جاء وحيداً والذي اعترف بمثليته الجنسيّة بعدما وقع في مأزق.
يتمثّل المأزق عندما يضطر أحد الأصدقاء المتزوجين بأن يبدّل بين هاتفه وهاتف صديقه العازب لئلا يكشف أمام زوجته، حيث كان من المفترض أن تصله صورة فتاة في وضعيّة جنسيّة، فيقبل صديقه العازب ويتبادلان الهواتف، عندها تصل الصورة، فيظنّ الجميع أنها للصديق العازب ويثنون عليه ويتفاخرون به وهي في الأصل ليست له، فينجو الصديق المتزوج أمام زوجته ورفاقه.
وبعدها تصل رسالة للرجل المتزوّج من أحدهم يقول له فيها “اشتقتلك”، “اشتقت لشفايفك” وغيرها من الرسائل التي تحمل إيحاءات جنسيّة، عندها يطنّ الجميع أنّ الرجل المتزوّج مثليّ الجنس، فتتركه زوجته، وينبذه أصدقائه، عندها يكشف العازب حقيقة مثليته، وعندما يسألوه عن سبب تأخره في الاعتراف منذ سنوات معرفتهم به، يجيبهم الرجل المتزوج “أنا بقيت مكانو كمثلي ساعة واحدة، وعانيت من كلّ أنواع التنمّر والرّفض، بتطلبوا منه يعترف من البداية إزّاي يا بلا ضمير؟ هيتحملكو إزّاي”.
صاحب المنزل، الذي دعا أصدقاءه إلى العشاء، ابنته تخرج مع صديقها بالرغم من أنّ والدتها تكتشف أنها تمارس علاقة جنسيّة مع الأخير، والأب يقبل بالأمر ولا يبدي أيّة معارضة اتجاه ابنته وسلوكها.
تزداد الأمور سوءًا وينسحب الضيوف واحدهم تلو الآخر، وفي النهاية عندما يخرج الجميع من المنزل، يعودون كما كانوا، لا يعرفون شيئاً عن بعضهم البعض، وعلاقاتهم جيّدة وكأنّ شيئاً لم يكن، ويكون ذلك تزامناً مع انتهاء كسوف القمر.
مؤخراً، لاقى الفيلم معارضةً شديدةً من عدد من النواب المصريين الذين طالبوا بحجب الفيلم عن مصر والشعب المصري، معتبرين أنّ ظهور طبق “الملوخيّة” المصرية، واللهجة المصرية في الفيلم “المخلّ بالآداب العامة” كما وصفوه، ولدعمه قضيّة المثلية الجنسيّة، والإضاءة على الأشخاص الذين لم يعلنوا عن هويتهم الجنسيّة لخوفهم من المجتمع، ونتيجةً لكلّ ما سبق سيؤثر ذلك على الثقافة المصرية وتاريخ مصر.
مع العلم أنّ العديد من المسلسلات المصريّة أشارت بطريقةٍ أو بأخرى للمثليّة الجنسيّة، وعدد غفير من شركات الإنتاج العربيّة وعلى مرّ التّاريخ تناولت الخيانات الزوجيّة في العديد من أعمالها، سواءً في المسلسلات أو الأفلام، فما هذه الحجج الواهية التي يرتكز عليها منتقدو الفيلم؟ وهل هذه الحملة كانت مدبّرة منذ البداية لتفتح الطريق أمام مشروع قانون يجرّم المثليّة الجنسيّة في مصر؟ والذي تمّ تقديمه بالفعل في خضمّ موجة الانتقادات من قبل نواب مصريين.
إنّ حجب المثليّة الجنسيّة عن شاشات التلفاز والهاتف، لن يحجب حقيقة وجود مثليين بأعداد كبيرة في المجتمع العربي، لم يكشفوا حقيقتهم أمام الملأ بسبب الخوف من مكوّنات هذا المجتمع.
وحجب الخيانة الزوجيّة عن أعمالنا التلفزيونيّة، لن ينفي وجود هذه الخيانات في بيوتنا وأسرنا.
وحجب ظهور تضامن الأب مع ابنته في حياتها، لن ينفي حاجة الفتيات لآبائهنّ في العديد من مراحل حياتهنّ.
فيلم رائع، وواقعي، بكلّ ما للكلمة من معنى …