إلى أين نحن ذاهبون ؟

_ منذ الأزمة العظيمة ، أزمة الكوفيد 19 ، الأزمة التي بدأت تُزين سماء هذا العالم ، مثلما تتزين الشعوب الغربية فرحاً ب ” الهالووين ” Halloween في ليلة 31 أكتوبر من كل سنة ، أصبح السؤال الأول _ الذي يُطرح في كل المجالات تقريباً _ هو : إلى أين نحن ذاهبون ؟ أي ما مصير هذا العالم في السنوات القليلة القادمة ؟ و حتى نلتزم بالدقة أكثر نقول : ما مصير العالم بعد أزمة الكورونا ؟ .

_ طبعاً ، و بدون أدنى شك ، لم يكن الإنسان على علمٍ بأن شهر ديسمبر 2019 ، سوف يُضاف لقائمة الشهور السوداء في تاريخ البشرية ، ذلك التاريخ الذي أعلن فيه الرئيس الصيني ” شي جين بينغ ” Xi Jinping عن إنتشار فيروس الكورونا في مدينة ” ووهان ” الواقعة شرق الصين ، و التي يصل عدد سكانها إلى أكثر من 11 مليون نسمة ، و لئن كانت كل الأزمات تُرسل قبل بدايتها نور الحزن ، فإن هذا الوباء كان متعالياً بعض الشيء ، ما دامه لم يحذر البشرية و لم يمهد طريقهم نحو المعاناة .

_ لقد كان الكوفيد 19 بمثابة الضيف المُزعج ، بل أكثر من ذلك ، كان بمثابة ” الثقب الأسود ” _ الجديد _ الذي يلتهم كل نور يمر بجانبه ، و الذي يُصيب الهدف بسرعة إنتشار قد تصل إلى سرعة الضوء ، فمن الصين إلى بلدان القارة الأوروبية ثم القارة الإفريقية وصولاً إلى قارة الأمريكتان ، إنتشر الكورونا في الأرجاء مثل إنتشار النار في الهشيم ، و ساهم هذا الإنتشار في إنكسار أكثر من مليون شخص ، بما أن موقع ” ورلد ميتر ” worldometer الذي يراقب عن قرب إحصائيات المصابين و المتوفين بفيروس كورونا ، يؤكد بأن عدد المتوفين بالكورونا تخطى المليون ، و عدد المصابين تخطى 44 مليون .

_ هذه الإحصائيات تزعزع راحة الإنسان في كل مكان و في أي زمان ، و تجعل من المشاعر البشرية تجتمع تحت سقفٍ واحد، لتحاول الإجابة عن سؤال : إلى أين نحن ذاهبون ؟ فمن دون أدنى شك يذهب البيولوجي الآن إلى المختبر طمعاً في إيجاد الحلول ، طمعاً في إيجاد اللقاح الأسطوري الذي يتأرجح بين صقيع روسيا و طموح الولايات المتحدة ، دون أن ننسى بعض الدول الأخرى ك ” ألمانيا ، إيطاليا ، بريطانيا ، اليابان ” و الصين نفسها التي تريد رفع شعار ” من بلد الداء يأتي الدواء ” بالإضافة إلى بلدان العالم الثالث الذين يجتهدون من أجل الوصول إلى القمة ، هذه القمة التي لا تقدر بثمن و التي لن تأتي من العدم .

_ حقاً زعزع فيروس الكورونا العالم ، وساهم في ضرب كل المجالات ، ضرباً غير مرئي ، بداية بالإقتصاد و الصحة وصولاً إلى التعليم و الرياضة ، لكن يبقى التأثر النفسي هو الأعظم ، فلا شيء يعادل إنكسار قلب الإنسان في هذه الحياة ، إنكسار فقدان شخصٍ عزيز دون وداع ، لهذا إذا كُنا نعتقد بأن الإجابة عن سؤال العنوان هين ، فإن طريق الإجابة ليست هينة ، بل شاقة و شائكة أكثر مما نتصور ، لكن لا يمكن أن نتراجع بعد الآن ، فمحاربة الكورونا تبدأ من الإنسان نفسه و طريقة عيشه في هذا العالم ، تبدأ بإتباع خطوات الوقاية و الحماية ، و إتباع خطوات النجاح في البقاء ، وهذا الذي نتمناه لكل شعوب العالم ، البقاء من أجل العيش الأفضل و المريح ، فنحن ذاهبون نحو التغيير ، هذا كل ما نتوقعه الآن .

_ إن أزمة الكورونا زعزعت أسئلة العلم الكبرى ، و بعثرت أعمال العلماء ، فمثلاً لم يعد الفيزيائي يُقلب أعماق هذا الكون من أجل الإجابة عن سؤال : من أين أتينا ؟ بل أصبح الآن يصارع الزمن من أجل الإجابة عن سؤال ” إلى أين سنذهب ؟ أي إلى أين سيُرسلنا فيروس الكورونا ؟

بواسطة
أسامة العبيدي بكار - تونس
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق