إلى صديقي: أينما يكون النبل هناك تكون

طالما أن قلب الانسان ينبض ورئتيه تستقبلان الهواء، فإن الاحتمالات لانهائية، و الأجدر للإنسان أن يملأ حديثه بالكلام ويجمل أعماله بفعل الخير، لما لهما من أثر عميق في نفوس الآخرين. فسطوة ذلك لا تقتصرعلى اللحظة الآنية، بل تمتد لتترك بصمة دائمة في وجدان الانسان.
ولعل كل واحد منا قد التقى في حياته بأشخاص تركوا أثرا من الخير ولو بقولهم لكلمة طيبة، حتى أصبح نسيانهم من المستحيل، فنحتو وسجلوا أسماءهم في قلوبنا بحروف من نور، وأبوا ان يكونو مؤقتين في ممر الحياة، بل كانوا قطعة من تفاصيل أيامنا، ومحاور جوهرية في إقامة ذكرياتنا.
واليوم أنا أكتب كلماتي بكل حب وإخلاص وافتح نافذة على حياة واحد من هؤلاء الشرفاء، عن أخ وصديق عزيز ترك في نفسي أثرا طيبا بكلماته وتصرفاته، ودفع بنوازعه الداخلية إلى خدمة أنبل ما في الانسانية وهي مساعدة الأخرين، وأفنى حياته في خدمة مجتمعه ووطنه بكل ود وشرف، فكان أسوة في التفاني والصدق والولاء.
ومن يعرف “الحاج نافع” المسؤول الأمني الذي شهدوه أهل مدينة “تمارة”، يعرف جيدا ويعي على أنني لا أكتب على “موظف” يؤدي وظيفته بأمانة وإخلاص فقط، بل اكتب على رمز وشعار للإنسانية في أرقى وأرفع صورها.
فلم يكن “الحاج نافع” ساهرا على أمن وسلامة المواقع التي اشتغلت بها فحسب، بل كان عمادا متينا وعونا لكل من وجد نفسه في ضيق، كانت الابتسامة لا تغيب عن محياه وتلون قسماته، وكانت روحه المرحة تبعث على الأمان والطمأنينة في النفوس. في كل تدخل أو حديث له يخبرنا بنهج واضح وغير مقصود على أنه لا يرى مهنته كواجب وظيفي فقط، بل كان يستبينها ويؤديها بروح الأب الحريص، والأخ الكبير الذي يرى في الناس أسرته، فكان قريبا من الجميع، محبوبا لديهم.
فكم من ليلة سهرت يا صديقي العزيز وأنت تسهر على أمن المواطنين، وكم من موقف كنت فيه الحصن الذي يحمي الآخرين، دون أن تتطلع الى ثناء أو جزاء. كنت تعطي بلا إعتبار او إنتظار مقابل، لأن الخير فيك متأصل، والإحساس بالمسؤولية سليقة فيك.
نقضت الفكرة القائلة بأن المناصب تجعل المرء ينسلخ عن مبادئه وأخلاقه، وأكدت للجميع على ان ذوي النفوس الطيبة والمعدن الأصيل لا تبدلهم المناصب أو المكانة الاجتماعية. وعشت ولا زلت محتفظا بطبعك “البدوي” الذي زرع فيك التواضع والكرم والنخوة والحميه وطيب المعشر وكنت دائما تفتخر به وممتنا له، كنت قريبا من الجميع، فكل من جالسك يشعر وكأنه يتحدث إلى أخ أو أب أو إلى احد من افراد اسرته المقربين.
كنت دوما ذلك الشخص الذي ينشر الطاقة الإيجابية حوله، ويبعث الأمل في النفوس، ويساعد كل من يقصده، ولو بكلمة طيبة أو نصيحة صادقة.
واليوم يا صديقي، وأنت تواجه اختبار المرض بكل شموخ وزهد كما عهدناك، اقول لك على أن كل أحبابك وأصدقاءك هم بجانبك ولو بكلمة طاهرة او دعاء مقبول عند السجود للمولى تعالى.
فالحياة يا صديقي مليئة بالاختبارات، وأنت اليوم تمر بواحد من أصعبها، لكننا نؤمن على أنك، كما كنت دائما قويا في كل المواقف، ستظل كذلك في هذه المحنة. فالمرض ليس سوى مرحلة عابرة، وعقيدتنا قوية وأملنا كبير في أن الله سيمنحك القوة لتجاوزها، لأنك تستحق الحياة، وتستحق أن تبقى بيننا بكامل صحتك وعافيتك.
نحن جميعا إلى جانبك، ندعو لك من قلوبنا، لأنك لم تبخل علينا يوما بحبك واهتمامك. كنت معنا في كل المواقف، وها نحن معك اليوم، نقف بجانبك بقلوب ممتلئة بالدعاء، وألسنة لا تكف عن التضرع لله أن يشفيك، ويعيدك إلينا كما كنت، شعلة من العطاء والمحبة.
شكرا “الحاج نافع”، لأنك كنت أكثر من صديق، وقد لا تكفي الكلمات للتعبير عن مدى امتناننا لك، لكننا نقولها بكل صدق، شكرا لأنك كنت دائما إلى جانبنا، شكرا لأنك لم تكن مجرد رجل أمن، بل كنت الأخ، والصديق، والسند. شكرا لأنك كنت نموذجا نقتدي به في الإخلاص والتفاني، وشكرا لأنك كنت، وما زلت، جزءا وقطعة من أرواحنا وذكرياتنا الجميلة.
نسأل الله أن يمن عليك بالشفاء العاجل، وأن يمنحك القوة والصبر، وأن يطيل في عمرك لترى بأم عينيك مقدار الحب الذي زرعته في قلوب كل من عرفك. حفظك الله ورعاك، وأعاد إليك صحتك وعافيتك، ورجائي للمولى تعالى أن تعود الينا مضيئًا كعادتك، بابتسامتك التي لم تغب يوما عن محياك النبيل.