اطفالنا وشبح تدخين الاركيلة
ظاهرةٌ غريبة ومحزنة تقشعرُ لها الأبدان، عندما تشاهد طفلٌ أو طفلةٌ بأيديهم خرطوم الاركيلةِ ويدخنون كما الكبار ليخرج الدخان من فمهِ وأنفهِ، ويتباهى الاهل بما يفعلهُ طفلهما وكأنه يحقق إنجازاً عظيماً، لا يعلمون بالنتائج المتوخاة من تدخينِ الاركيلة، والتي حسب ما ذكر في بعض التقارير على المواقع العلمية وشاشات التلفزة بإنها تعادل 100 سيكارة!!.. يا أيها الوالدان اولادكما يدخنون لكل جلسة اركيلة العديد من السيكاير التي تدمر حياتهما واعضاء جسدهما الغض ورئتيهما الصغيرتان، ليصابوا فيما بعد بمرض التدرن الرئوي أو السرطان القاتل الذي يؤدي بهما الى الموت .
العديد من العوائل في مجتمعاتنا تدخن الاركيلة وتتسلى بها دون معرفة أضراها على صحتِهم وصحة اطفالهم، بأنتشار الدخان القاتل في ارجاء الغرفةِ التي تجمع العائلة، ويستنشقها مع المدخنِ غير المدخن، مما تؤثر على الجهاز التنفسي لكليهما، وقد يشارك طفلهما العود الطري بالتدخين السلبي والايجابي مع التشجيع من قبل العائلة وتعليمه وتدريبه عن كيفية تدخينها، دون مراعاة خطورتها على صحته، وعند إصابة الطفل بالامراض الخطيرة تتساءل العائلة عن أسباب إصابة اطفالهما بهكذا أمراض، متناسين إنهم من دفعهم لهذه المرحلة التي تؤدي الى تدهور صحتهم وتقودهم للنهاية القاتلة، وفي وقتها الندم لايجدي نفعاً.
لقد أحزنني إحدى الفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والفيس بوك، طفلةٌ تصرخُ وتبكي لمنعها من تناول الاركيلة، وعند منحها الخرطوم الخاص بالاركيلة تبدأ بالتدخين وكأنها لها باعٌ طويل بالتدخين، ويخرج الدخانُ من خلالِ إنفها وفمها، وسط ضحكات وقهقهات العائلةِ وفرحتهم وتمتعهم برؤية أبنتهما الصغيرةِ تدخن بأمتيازٍ، مما جعلني أشعر بألم لأهلٍ يجعلون من طفلتِهم ضحيةً من ضحايا تدخين الاركيلة.
الطفلُ بطبيعته الفطرية يقلد الوالدان بما يفعلانه في داخلِ وخارج المنزل، ويفعل ما يفعله اقرانه من الكبار، لكي يشعر بأنه اصبح كبيراً كأبيه وأمه، وقد يدفع بعض الآباء بأطفالهم لشراء المعسل والاختلاط مع أصحاب محلات شرب الاراكيل والتعرف على كل ما يتعلق بشرب الاركيلة، أضافةً الى الاختلاط بالاصدقاءِ خارج المنزل ودخول المقاهي العامة وممارسة الالعاب في داخلها، وهنا سيتقربون من المدخنين والتعايش معهم، وعن طريق باب المداعبة والمزاح يدفع الطفل للخوض في تجربة تدخين الاركيلة، ليصبح بمرور الايام مدمناً لها ويشارك أصدقائه في تدخينها.
لذا يقع على عاتقِ الاسرة بالدرجة الاولى مراقبة اطفالهما والتقصي عنهما أينما ذهبوا، ومراقبة تحركاتهما لمنعهما من الدخولِ في مستنقعِ التدخين الذي يؤدي بهما الى الموت المحتم، وعدم تشجيعهما على تدخين الاركيلة وتوجيههما بمضارها وخطورتها، كما للجهات الرقابية دوراً بارزاً لمحاسبة من يدفع أو يبيع بكل مايتعلق بالتدخين وأنواعه للطفل وأستغلاله، وتطبيق العقوبات الصارمة التي تردع مثل هكذا ممارسات والتي تدمر حياة اطفالنا وصحتهم.
كما لمنظماتِ المجتمع المدني ووسائل الاعلام دور بارز لنشر التوعية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وعقد الندوات والنشر في الصحف المحلية لتوعية المجتمع بما تسببه مضار التدخين بصورة عامة، والاركيلة بصورة خاصة، وابعاد شبح الاركيلة السام عن اطفالنا لينعموا بصحة جيدة بعيداً عن الامراض الخطيرة التي تذبل زهرة حياتهم.