التأثيرات و الجو العام الذي انتج وثيقة المطالبة بالاستقلال
I. المقدمة
إن التطرق لموضوع وثيقة المطالبة بالإستقلال يحيلنا على جيل عاش هذه المرحلة بمرها و حلوها و بانتصاراتها و هزائمها، جيل عاش تسلط الاستعمار و نهبه لخيرات هذا الوطن الحبيب و ظلمه و جشعه و تحكمه في دواليب الحكم و الإدارة، و اغرق المغرب في بحر المديونية.
و نحن اليوم بتناولنا و محاولتنا فهم جزء من فترة هذا الجيل نطرح السؤال التالي: هل فعلا تم القطع مع الإستعمار؟ أم هي مسألة تبعية من نوع جديد لنعش نحن الجيل الثالث مخلفات الإستعمار، من تبعية ثقافية و إقتصادية و مالية و إدارية و قانونية؟ و هل ستمكننا قراءة المرحلة الإستعمارية و دراستها و فهمها من وجهة نظر المؤرخ و السوسيولوجي و الإقتصادي و غيرهم من تجاوز مخلفات هذه المرحلة؟
قبل الحديث عن وثيقة المطالبة بالإستقلال التي تقدم بها حزب الإستقلال بتنسيق مع المغفور له السلطان محمد الخامس إلى الإقامة العامة الفرنسية، لا بد من وضع هذه الوثيقة في السياق التاريخ الذي تولدت عنه، و في هذا الصدد يمكن طرح السؤال التالي:
ما هي الظروف التاريخية التي برزت فيها هذه الوثيقة؟ و هل يعني ذلك انتقال الحركة الوطنية من المقاومة المسلحة و القطع معها للانتقال إلى مرحلة المقاومة السياسية؟ و أي ظروف سياسية خارجية ساهمت في بلورة الفكر السياسي التحرّري من قبضة الإستعمار بالمغرب؟
II. التأثيرات الخارجية على حركة مقاومة الإستعمار الفرنسي بالمغرب:
لقد تطرق ألبير عياش في كتابه “المغرب و الاستعمار حصيلة السيطرة الفرنسية” بإيجاز الى الاحداث العالمية التي أثرت على مطالب الحركة الوطنية، و التي يمكن تلخيصها في مايلي:
1) محاولة هتلر و موسوليني التقرب من الدول الاسلامية.
2) تعبير روزفيلت و تشرشل في ميثاق الاطلسي (14 غشت 1941) و ميثاق الامم المتحدة (يونيو 1945) عن حق الشعوب في تقرير مصيرها.
3) انتصار الجيوش السوفياتية بعد معركة ستالينغراد خلال الحملة العسكرية الألمانية على الاتحاد السوفياتي استمرت 6 أشهر بين 21 غشت 1942/02 فبراير 1943 و تراجع الألمان في الجبهة الشرقية كان له انعكاسات عميقة في المغرب.
4) نمو حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار في كل بقاع العالم (شمال افريقيا، الهند الصينية، الهند، استقلال سوريا و لبنان 1943…)
5) تنامي التناقضات بين الامبرياليات المهيمنة إثر الحرب العالمية الثانية.
6) مشاركة المغرب إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية و مساعدة فرنسا في تحرير نفسها من الاحتلال النازي.
7) انتصار الجبهة الشعبية في الانتخابات في فرنسا سنة 1936م الذي ساهم في السماح لكتلة العمل الوطني بممارسة نشاطها في جو من التساهل مما دفع الكتلة بتنظيم مؤتمرها الوطني الاول علانية في اكتوبر 1936 معلنة برنامجها الذي تضمن مطالبا مستعجلة كوجوب الاعتراف بالحريات العامة و الفردية و تطوير التعليم و إقرار قوانين اجتماعية تقدمية، و قد تم رفض هذه المقترحات من الحكومة الفرنسية.
8) قدوم المراقبين الأمريكيين إلى المغرب سنة 1941م و نزول قوات الحلفاء في 8 نونبر من نفس السنة و اغلبهم من الأمريكيين بالسواحل الأطلسية و خاصة الدارالبيضاء و القنيطرة.
9) مؤتمر آنفا خلال شهر يناير 1943م الذي شارك فيه كبار قادة الحلفاء منهم الرئيس الأمريكي فرانكلان روزفيلت، و رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل و عن فرنسا الجنيرال شارل دوغول و هنري جيرو، لتدارس خطط متابعة الحرب و وضع اسس اعادة نظام عالم ما بعد الحرب؛ و قد تم استقبال الضيوف من طرف السلطان المغفور له محمد بن يوسف و معه ولي العهد مولاي الحسن، و غاب عن هذا اللقاء رئيس الاتحاد السوفياتي جوزيف استالين، و قد استغل ملك البلاد فرصة حفل العشاء المقيم على شرف المؤتمرين في “دار السعادة” ليأخذ مكانه إلى جانب روزفيلت ليفصح له عن مطامح الشعب المغربي و سلطانه في بناء مغرب حر و مستقل على أسس ديمقراطية، و قد جرى هذا الحوار و لأول مرة بدون رقابة فرنسية.
III. التأثيرات الداخلية و الجو العام الداخلي الذي ساهم في انتاج وثيقة الاستقلال:
إن ما سمي بالإصلاح في معاهدة الحماية تكشفت اهدافه مع الوقت ليظهر بأنه في العمق سياسيا و ما يوضح هذا هو الظهير البربري الصادر في 16 مايو 1930م الذي سعى منه المستعمر التفريق بين مكونات الشعب المغربي بفرض جهاز قانوني قبلي معقد مبني على العرف، و قد فطنت النخبة الوطنية إلى خطورته فوقفت ضده و طالبت بإلغائه و تحققت بذلك الانطلاقة الحقيقية للعمل السياسي للحركة الوطنية، و عمت التظاهرات جميع الوطن ضد السياسات الاستعمارية حيث تشكلت تجمعات بالمساجد و أحدثت خلايا سياسية سرية نذكر منها “كثلة العمل الوطني” التي تأسست و أصدرت في غشت 1933م جريدتها باللغة الفرنسية تحت اسم “عمل الشعب” تولى الاشراف عليها في فاس محمد حسن الوزاني، و دعت هذه الجريدة إلى الاحتفال بعيد العرش في 18 نونبر من كل سنة تخليدا لذكرى تتويج السلطان المغفور له محمد بن يوسف الذي تقلد مفاتيح الحكم بتاريخ 18 نونبر 1927م، كما تعاطفت العديد من الدول الاسلامية من تونس إلى القاهرة إلى العراق، بالإضافة إلى العديد من المنابر الاعلامية التي تناولت هذه القضية من جانب ارتباطها بعقيدة المغاربة و بهويتهم ليتم بذلك تراجع السلطات الاستعمارية على الظهير البربري.
ظل المغرب من سنة 1906م و هو يقاتل و يحارب حروبا عسكرية حتى سنة 1934م، ثلاثين سنة كلها معارك متواصلة و لم يتمكن الفرنسيون بنزع السلاح و انهاء فترة المقاومة المسلحة إلا بحلول عام 1934م، بعدها ستعرف الساحة السياسية بلورة العديد من الأفكار المطلبية و السياسية نتج عنها مقترحات إصلاحية تقدمت بها كثلة العمل الوطني سنة 1934م إلى المقيم العام و السلطان و رئيس وزراء الحكومة الفرنسية تضمنت:
– المطالبة بتطبيق معاهدة الحماية.
– مشاركة الوطنيين في الوظائف الادارية.
– تأسيس مجلس وطني يضم نواب مسلمين و يهود.
و في 1936م قدم اعضاء كثلة العمل الوطني وثيقة مطالبة الشعب المغربي الاصلاحية و المستعجلة، و الملاحظ خلال هذه المرحلة هو ان سقف المطالب لم يتجاوز الالتزام ببنود معاهدة الحماية !!
و بعد فشل حركة الاصلاحات في تحقيق مطالبها، و المشاكل الداخلية و اختلاف وجهات نظر قادة كثلة العمل الوطني، و تنامي مظاهر القمع الذي واجهت به سلطات الحماية الحركة الوطنية، انشقت كثلة العمل الوطني إلى حزبين ” الحزب الوطني لتحقيق المطالب المغربية” الذي سيتحول فيما بعد إلى حزب الاستقلال بزعامة علال الفاسي، و حزب ” الحركة القومية ” بزعامة محمد بن الحسن الوزاني مؤسس حزب الشورى و الاستقلال. و مع بداية شهر شتنبر 1937م قامت مظاهرات حاشدة بمكناس يومي 1 و 2 شتنبر 1937م ضدا على تحويل مياه نهر بوفكران، الذي كان يزود المدينة بالماء الصالح للشرب، لصالح ضيعات بعض المعمرين الفرنسيين.
و قد تولّد عن كل الاحداث السالفة الذكر تأسيس احزاب جديدة منها حزب الشورى و الاستقلال بقيادة محمد بن الحسن الوزاني بعد عودته من المنفى بقرية أيتزير على القرب من فاس، و قد نص الحزب في برنامجه بأن يحصل الشعب المغربي على دستور يضمن له حقوقه و على نظام نيابي شوري كما اصدر جريدته “الرأي العام”، و حزب الوحدة المغربية، و حزب الاصلاح، و الحزب الشيوعي، و حزب الاستقلال الذي صدرت له جريدة “العلم” اليومية بالرباط؛ و تعززت الساحة الاعلامية بظهور العديد من الصحف. و خلال هذه الفترة تم توجيه العديد من الوثائق الى السلطات الاستعمارية تطالب بالمزيد من الاصلاحات. و تسببت هذه التغييرات في المواقف إلى اعتقال العديد من الوطنيين و نفي بعض اعضاء الحركة الوطنية منهم الزعيم علال الفاسي مؤسس حزب الاستقلال الذي نفي إلى الغابون (المستعمرة الفرنسية) ثم الكونغو حيث مكث هناك لمدة ازيد من تسع سنوات.
و في سنة 1943 تعزز المشهد النقابي العمالي بتأسيس “اتحاد النقابات الموحدة بالمغرب” و خاض العمال المغاربة معارك نضالية ضد المستعمر تزامنت مع تأسيس جيش التحرير.
IV. المطالبة بالاستقلال
بدأت المطالبة بالاستقلال في وقت متقارب من طرف الاحزاب الوطنية فكان السبق لمنطقة الحماية الاسبانية عام 1942م، بعدها سيأتي الدور على الحزب الشيوعي المغربي سنة 1943م و حزب الاستقلال سنة 1944م.
تأسس حزب الاستقلال و كان بلفريج كاتبا عاما له، و في يوم الثلاثاء 14 محرم 1363هــ الموافق 11 يناير 1944م قدم الحزب الذي كان يأمل الحصول على الدعم الأمريكي، وثيقة المطالبة بالاستقلال إلى جلالة السلطان و الإقامة العامة و قنصليات الدول الكبرى بالمغرب و قنصل الاتحاد السوفياتي بالجزائر، كتبت وثيقة المطالبة بالإستقلال بخط عبد الوهاب الفاسي في منزل مكوار بمدينة فاس ساحة البطحاء، و قد تضاربت الاراء حول عدد الموقعين فيها مابين 58 و 66، و هنا يمكن الاعتماد على قول مستشار الاقامة العامة الذي جاء فيه بعدما تلقى وثيقة الاستقلال من يد المغفور له محمد الخامس قائلا: “إن الوثيقة وقعها 66 شخص فقط و هؤلاء لا يمثلون المغرب” (مأخوذ عن مجلة زمان في عددها الصادر شهر يناير 2016 أثناء حوار اجرته مع محمد العيساوي المسطاسي). و الملاحظ هو أن وثيقة المطالبة بالاستقلال قد اقتصرت في توقيعها على بعض المدن المغربية: فاس 28، الرباط 11، سلا 6، مكناس 5، مراكش 4، آسفي 3، و 1 في كل من الخميسات و الفنيطرة و و جدة و سطات و سيدي قاسم و ابن احمد و تيفلت، و شخص كان يقيم بمدينة مانشيستر الانجليزية. و من هذه الارقام نستشف بأن المدن التقليدية قد ظفرت بنسبة كبيرة من التوقيعات أي حوالي 63% منها 36% خاصة بفاس، و كان من بينهم امرأة و هي السيدة مليكة الفاسي ممثلة لنساء المغرب.
من جانب آخر يمكن تسليط الضوء على وظائف و مهن الموقعين، فنجد: 3/4 من المثقفين المنتمون في معظمهم إلى البرجوازية المتوسطة إلى جانبهم بعض التجار الأغنياء، 8 تجار و صناعيين، 5 فلاحين أو ملاكين عقاريين، 6 موظفين مخزنيين، 4 قضاة، 7 من اعضاء المهن الحرة، 10 علماء، 18 من سلك التعليم.
و هنا نطرح الاسئلة التالية: هل توقيع وثيقة المطالبة بالاستقلال هي بمثابة اعلان عن نهاية المقاومة المسلحة و بداية المقاومة السياسية المتمثلة في احزاب الحركة الوطنية؟ و هل هذه النسبة من التوقيعات التي ضفرت بها مدينة فاس يمكن اعتبارها مؤشرا على مدى ارتفاع الوعي السياسي بفاس دون المدن المغربية الأخرى؟ أم أن الامر يتعلق بشأن تنظيمي و داخلي لحزب الاستقلال برئاسة الاستاذ علال الفاسي؟ أم أن الأمر مرتبط بصيرورة تاريخية كانت فيما قبل في يد فقهاء و علماء الدين بفاس؟
و لإعطاء الصبغة الوطنية لوثيقة الاستقلال، قامت الحركة الوطنية بجمع التوقيعات من مختلف المدن التي تعرف تواجدا لتنظيم حزب الاستقلال بغرض توعية الشعب بمطلب الاستقلال، حينها تحركت السلطات الفرنسية لإجهاض هذه العملية و ذلك باعتقال العديد من رموز الحركة الوطنية، و بالموازاة تلقى القضاة و النظراء و الوجهاء عبر جميع التراب المغربي رسائل سلطانية تؤكد على إلتفاف الجميع حول مشروع المطالبة بالاستقلال.
و يمكن تلخيص أهم مطالب وثيقة الاستقلال في:
1. المطالبة بالاستقلال التام و توحيد المناطق الاربعة.
2. المطالبة بالاعتراف الدولي باستقلال المغرب من قبل كل القوى الدولية المعنية بالأمر.
3. المطالبة باعتراف الدول بأن المغرب طرف موّقع على الميثاق الأطلسي.
4. المطالبة بدستور ديمقراطي.
V. ردود فعل المستعمر الفرنسي اتجاه وثيقة المطالبة بالاستقلال:
لقد عمدت الاقامة العامة الفرنسية كعادتها إلى اسلوب القمع و الترهيب و العنف، أما الحركة الوطنية فقد تجنبت المواجهة بالمثل فتجمعت الجماهير خارج القصر الملكي بالرباط، و عقدت اجتماعات في مختلف المدن كآسفي و مراكش و وجدة و غيرهم، غير أنه لم يطلع فجر يوم السبت 29 يناير 1944م حتى قرر المقيم العام الفرنسي اعتقال أحمد بلفريج الذي نفي إلى “كورسيكا” و عبد الله ابراهيم و أبو بكر القادري و عبد الرحيم بوعبيد و محمد اليزيدي و آخرين من الزعماء الوطنيين بتهمة التجسس لفائدة ألمانيا. و لمّا شاع خبر اعتقال هؤلاء عمّت المظاهرات أرجاء المغرب و كانت اغلبها في منطقة القصر الكبير و سلا… و عمدت فرنسا على اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين و اعتقال الكثير و قتل العديد منهم، و بالرباط هرعت الجماهير إلى مشور القصر و اسفرت حوادث ذلك اليوم عن قتيلين و بعض الجرحى، و بفاس تحولت المظاهرات السلمية إلى معارك عنيفة بعد تدخل الجيش الفرنسي حيث قتل ما يقارب ثلاثون مغربيا على أيدي الجنود السنغاليين، وقد لجأ المستعمر الفرنسي إلى قطع الغداء و الماء و الكهرباء على احياء المسلمين بفاس مدة اسبوع، و في مراكش قام الباشا الكلاوي بقمع المظاهرات و منعها، و بالدار البيضاء تم منع الاضراب العام للشغيلة، كما تم تنفيذ حكم الاعدام في بعض الوطنيين من بينهم المختار جازوليت و بن عبود. و خلال هذه الفترة، قام المقيم العام بالتضييق على عناصر الحركة الوطنية و المؤيدين لها، حيث عزل وزير العدل شيخ الاسلام محمد بن العربي العلوي بتهمة تعاطفه مع الحركة الوطنية و أبعد إلى الصحراء، و فصل وزير التعليم و نائب الصدر الأعظم، و اغلقت المدرسة الحرة في الرباط التي كان يشرف عليها بلفريج، و بفاس اغلقت جامعة القرويين.
و رغم موجة القمع التي عمت ارجاء الوطن، فإن الحركة الوطنية استطاعت ان تحقق وعيا شاملا للمطالبة بالحرية و الاستقلال، و بالمقابل تعزز المشهد السياسي و التنظيم الحزبي عبر مختلف المدن المغربية. و في خضم هذه الانتفاضة الواسعة جاء تصريح ديغول مخالفا للوقائع حيث أكد بأن المغرب مرتبط بفرنسا و قد تحدد ذلك من خلال معاهدة الحماية و أن الاصلاحات السياسية لا يمكن أن يبحث فيها.
VI. الخاتمة
و مع حلول شهر مارس من عام 1945م سوف تأخذ وثيقة الاستقلال بعدا دوليا بالتمثل لدى عصبة الأمم، وكانت هذه بداية تدويل كل القضايا المتعلقة بالمطالبة بحرية و استقلال المغرب من غطرسة الاستعمار الفرنسي.
و قد ثلث هذه المحطة الزيارة التاريخية للسلطان محمد بن يوسف لمدينة طنجة الدولية في 9 أبريل 1947م مرورا بالمنطقة الخاضعة للحماية الاسبانية مؤكدا بذلك على وحدة الاراضي المغربية، فكان خطابه الشهير بطنجة الدولية بمتابعة صرخة احتجاج على الوضع الاستعمار بطريقة دبلوماسية مبرزا رغبة الشعب المغربي القوية في نيل الحرية و الاستقلال معلنا بذلك عن بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين القصر و الاقامة العامة مبنية على مبدأ تقرير المصير.
و نحن نتدارس اليوم وثيقة المطالبة بالإستقلال تتبارى إلى أذهاننا اسئلة كثيرة مازالت عالقة بفعل السياسات الكولونيالية التي استعبدت الشعوب و جعلت من الدول دول متخلفة اكثر ما نقول عنها دولا نامية أو في إطار النمو تابعة و مسلوبة الإرادة الاقتصادية و السياسية و الثقافية و غارقة في براكن المديونية و الصراعات المفتعلة بسبب الحدود الترابية الوهمية التي أنتجها الإستعمار…
حتى أصبح حال شبابها اليوم يرى الإنعتاق من الفقر و الحل الوحيد لمشاكله في الضفة الأخرى التي صنّفت نفسها من الدول المتقدمة. فهل يعني هذا أن جيلنا اليوم يعاني من استعمار من نوع جديد ساهمت في نجاحه عوالم التكنولوجيا الحديثة؟ أم أن جيلنا الحالي أصبح غير قادر على استيعاب الدروس القديمة و الكشف عن حقيقة الاستعمار في كل تجلياته؟ و هل نتوفر على جيل له نفس الرغبة و العزيمة و الاصرار و التضحيات في بناء وطن مستقل و حر و ديمقراطي كجيل ما قبل الاستقلال؟ كل هذه الأسئلة و أخرى تدفع بنا إلى قراءة جديدة في تاريخ المغرب المستعمر.