الدكتور منير القادري.. بناء مستقبل أفضل للإنسانية يتم عبر القيم الأخلاقية للإسلام

أشار الدكتور منير القادري مدير الملتقى العالمي للتصوف إلى أن الملتقى الى جانب مظاهر الابتهاج الأخرى التي تحييها الطريقة القادرية البودشيشة وسائر الطرق الصوفية الأخرى عبر العالم، يشكل مناسبة علمية وأكاديمية يستحضر فيها الهدي النبوي باعتباره حاملا لجميع القيم الكونية والكمالات الإنسانية.

جاء ذلك  الاثنين 18 اكتوبر الجاري، أثناء الجلسة الافتتاحية للدورة السادسة عشر من الملتقى العالمي للتصوف، الذي تنظمه الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بشراكة مع المركز الاورومتوسطي لدراسة الاسلام اليوم ، وذلك تحت اللرعاية السامية للملك محمد السادس، تحت شعار «التصوف والقيم الإنسانية: من المحلية إلى الكونية”، وعرف حفل الافتتاح حضور شيخ الطريقة القادرية البودشيشية الدكتور مولاي جمال الدين القادري، وعدد من العلماء و المسؤولين والشخصيات العلمية والفكرية.

وقدم القادري التهاني لسائر الأمة الإسلامية بحلول ذكرى المولد النبوي الشريف، مذكرا في هذا الصدد بما دأبت عليه الطريقة القادرية البودشيشية من تنظيم أسبوع كامل فرحا بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبر تنظيم عدة أنشطة وفعاليات، من ضمنها الملتقى العالمي للتصوف .

وأوضح أن أبرز ما يميز عالمنا المعاصر هو وجود الصراعات المدمرة والمخاطر المحدقة التي تهدد أمن الإنسان وتَخْلُقُ لديه قلقا وجوديا، وأضاف أن الأزمة الصحية المتمثلة في جائحة كورونا فاقمت هذا الوضع أكثرو أبرزت بشكل جلي الحاجة الملحة إلى القيم.

وزاد أن إنسان اليوم أصبح ضعيفا في مواجهة العولمة المتوحشة، وأهدافها القائمة على ترسيخ ثقافة الاستهلاك المادي وإقصاء أي مظهر من مظاهر القيم الانسانية او البعد الروحي وإقصاء الآخر و تغييب الجانب الخلقي في الإنسان.

وأكد أن بناء مستقبل أفضل للإنسانية يحتم علينا الانفتاح على الآخر والتواصل معه من خلال الرجوع إلى القيم الروحية والأخلاقية للإسلام كحل واقعي يمكننا من تجاوز الحالة المرضية لحاضرنا طلبا لغد مشرق، لأنه يقوم على التوازن بين المادة والروح، وبين الدنيا والآخرة ، ولأن قيمه مفتوحة لكل الناس دون تفرقة بين الأجناس والألوان واللغات. مستشهدا بآيات   من القرآن الكريم وأحاديث نبوية، موردا في نفس السياق أقوال بعض المفكرين الغربيين.

وتابع أن هذه النزعة الإنسانية العالمية المنفتحة لا فرق فيها بين مسلم ومسلم أو غير مسلم ، وأنها تمثل حقيقة جوهرية في الممارسة الصوفية ومنهجها التربوي والسلوكي عملا بالمقولة الصوفية الشهيرة: ” لا تكره يهوديا ولا نصرانيا ولكن أكره نفسك التي بين جنبيك ”.   باعتبار أن هذا هو الجهاد الأكبر ( جهاد النفس ) كما ورد في الحديث النبوي  .

وسلط الضوء على ما قدمه التصوف عمليا من جهود في ترسيخ  هذه الرؤيا الكونية  و تنزيلها عبر نماذج حية عرفها تاريخنا الإسلامي بما في ذلك الجهود الكبيرة و المتميزة التي قدمها رجالات التصوف المغربي لترسيخ و تثبيت هذه الرؤيا الإنسانية الكونية التي جعلت من التدين المغربي تدينا متسما بقيم الوسطية و الاعتدال في ظل ثقافة التسامح والانفتاح و التعايش، و أضاف أن ذلك هو ما جعله مطلوبا إقليميا و قاريا و دوليا،  رغبة  في استلهام ما يتسم به و يحمله من قيم إنسانية و كونية بانية في ظل ما يعرفه من رعاية مولوية سامية  و التي جعلته مرجعا لحل عدد من الأزمات الإقليمية والقارية والدولية، على أساس من الأخوة والتعاون والاحترام المتبادل، على قاعدة رابح –رابح التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مقدما المثال  بالرؤيا الاستراتيجية المقاصدية المتنورة والمتبصرة لجلالته في أزمة كورونا ، و التي قدمت الساجد على المساجد والإنسان على البنيان، واستطرد موضحا أنها قيم أخلاقية رفيعة تظهر ما للمغرب من تراث قيمي و رأسمال لا مادي يساهم في نشر فقه الرحمة  و قيم السلم و السلام التي تساهم في بناء الإنسان و إنجاح كل مشروع تنموي مستدام و تؤسس  لمواطنة صادقة فاعلة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق