الصراع القوقازى ما بين التركى والخليجى (1)
ربما لم يحاول أحد حتى الآن في كل وسائل الإعلام أن يشير إلى الدوافع الحقيقية للصراع ( القديم/ الجديد) الذي اندلع فجأة في منطقة القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان، ومن هي الأطراف الفاعلة في الصراع أو المحركة له ولماذا؟
هذا ما سوف نعرفه فى هذه الحلقات التى بين يديك …
محمود جابر
هناك فى وسط آسيا، فى منطقة القوقاز، فى المساحة الواقعة بين بحر قزوين شرقا، وتركيا غربا، وروسيا وجورجيا فى الشمال، وإيران فى الجنوب وقعت أعمال القوقاز عنف وحرب بين دولتين جارتين، الأولى هى أرمينيا المجاورة لتركيا وحليفة كلا من روسيا شمالا وإيران جنوبا، وأذربيجان المجاورة لروسيا شمالا وإيران جنوبا وحليفة تركيا، هذه الاشتباكات قديمة جديدة وتكاد ان تنزلق الى حرب شاملة، ليست بالوكالة ولكنها يمكن ان تكون حربا حقيقة كلا من تركيا وورائها حلف الناتو، وبين روسيا ومعها إيران والصين .
الخلاف بين أرمينيا وأذربيجان قديم وتاريخى، وهو خلاف حول منطقة إقليم ناغورنو كاراباخ أو بالتركية (قرة باغ) المرتفعة فى داخل أذربيجان.
كلمة ناغورنو باللغة الروسية تعني مرتفعات، بينما تعني كراباخ الحديقة السوداء باللغة الآذرية.
هذا الخلاف التاريخي سببه شكلا هو الدين، إذ تعيش في أذربيجان أغلبية مسلمة مع وجود تركي مكثف، بينما تعد أرمينيا دولة ذات أغلبية مسيحية يسكنها أرمن بشكل أساسي.
ثم حدث ان ضم الاتحاد السوفيتي (سابقًا) أذربيجان وأرمينيا، وأُنشئت منطقة مرتفعات قرة باغ المستقلة داخل حدود أذربيجان بواسطة الاتحاد السوفيتي عام 1924.
تقع منطقة ناغورنو كاراباخ داخل أراضي أذربيجان وتسكنها أغلبية أرمينية وتحظى بدعم من أرمينيا المجاورة.
بعد سقوط الاتحاد السوفيتى وتفككه نشب الخلاف بين الدولتين حول مستقبل منطقة قرة باغ/ ناغورنو كاراباخ، تطورت الخلافات بين أرمينيا وأذربيجان إلى أعمال عنف بعد تصويت برلمان المنطقة لصالح الانضمام لأرمينيا.
وبدأ أول الاشتباكات في عام 1988، واستمرت بشكل متقطع حتى 1991.
خلفت الاشتباكات واعمال القتال ما يقرب من 20 ألفاً إلى 30 ألف قتيل، ونزوح نحو مليون شخص وسط تقارير عن تطهير عرقي ومذابح على الجانبين.
تم التوقيع على وقف لإطلاق النار بوساطة روسية عام 1994، لتصبح كاراباخ ومساحات من الأراضي الأذرية في هذا الجيب تحت السيطرة الأرمينية.
ورغم وجود اتفاق لوقف إطلاق النار مبرم بين البلدين في 1994، فإن أذربيجان وأرمينيا تستمران بتبادل الاتهامات بشن هجمات حول الإقليم وعلى الحدود بينهما.بيد ان هذه الهدنة سارت في طريق مسدود ما بين الطرفين، وكانت روسيا وفرنسا والولايات المتحدة رئاسة ما يعرف بمجموعة مينسك -ضمن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا- والتي تبذل مساعي للتوسط من أجل وضع حد للنزاع.
وعلى الرغم من وجود حالة احتقان جديدة فى ديسمبر 2006 جرى استفتاء وعمل دستور جديد للإقليم لم تعترف به أذربيجان، واعتبرته غير شرعى، ولكن طرفى النزاع ظل على التواصل من اجل عدم تفاقم النزاع مرة أخرى، وحدث ان جرت محادثات بين رئيس أذربيجان ورئيس أرمينيا عام 2009، إلا أنه لم يستمر، ووقعت منذ ذلك الحين انتهاكات عدة خطيرة للهدنة، كان من أبرزها مقتل عشرات الجنود من الجانبين في أعمال عدائية متبادلة في إبريل/ نيسان 2016.
وفي عام 2018 شهدت أرمينيا انتفاضة سلمية أطاحت بالرئيس سيرج سيركسيان من السلطة. وتولي زعيم المعارضة نيكول باشينيان رئاسة الوزراء بعد انتخابات حرة في العام نفسه. وبعد توليه السلطة، اتفق باشينيان مع رئيس أذربيجان إلهام علييف على تهدئة التوتر بين الجانبين.
وأصدر البلدان عام 2019 بياناً يعلن حاجتهما “لاتخاذ إجراءات ملموسة لإعداد الشعبين للسلام”.
غير أن هذه الكلمات لم تفض إلى نتيجة.
في ساعة مبكرة من صباح الأحد 27 سبتمبر، أيلول 2020، أعلنت أرمينيا أن جارتها أذربيجان شنّت هجمات صاروخية استهدفت أهدافًا مدنية، بينها مدارس، في “ناغورنو قرة باغ” المُتنازع عليها وحثّت السكان على الاحتماء بملاجئ.
ولا أعتقد أن هذه الحرب الاذرية على الأرمينية، نشبت لأسباب داخلية بين البلدين، ولكن ورائها محرك قوى وهو المحرك التركي الذي يحاول أن يقفز على ما أجرى فى الخليج، من اتفاق تطبيع بين كلا من الإمارات والبحرين من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى برعاية أمريكية، ولكن ما السر وراء اندفاع تركيا فى إشعال منطقة القوقاز وما علاقة ذلك بما جرى فى الخليج هذا ما يمكن أن عرفه فى الحلقة القادمة …. فانتظرونا