الصمت حكمة في زمن الثرثرة

الصمت صديق حقيقي لا ولن يخون أبدا، والكثير من مواقف الحياة علمتنا أن الصمت أبلغ اللغات،فمن خلال الصمت تستطيع أن توصل عدة رسائل بليغة إلى الآخرين يعجز الكلام عن توصيلها ، وكثيرا ما نندم على الكلام لكننا قليلا ما نندم على الصمت،لأننا حين نتكلم نكون عرضة للوقوع في الخطأ، بينما حين نصمت نحصن أنفسنا من الخطأ، والإنسان الذي يبوح بأسراره لأصدقائه أو للناس بصفة عامة، قد يحفر قبره بنفسه أو يطلق رصاصة الرحمة على نفسه لأنه كشف لهم عن أوراق لعبه يمكن أن يلعبوا بها ضده في أي لحظة من اللحظات، خاصة حين تتوتر العلاقات التي تجمعهم، لذلك ينبغي على الإنسان أن يحتفظ بأسراره لنفسه ويبتعد عن لعب دور الضحية.

وصحيح أن الصمت متعب ولكنه يبقى أرقى طريقة للرد على كثير من الكلام، ففي كثير من الأحيان يتعرض الشخص للإساءة أو الاستفزاز من طرف الآخرين،وربما يفكر في الرد عليهم بالكلام لحفظ ماء وجهه وإعادة اعتباره ،بيد أن هذا الانفعال لن يجدي نفعا، بقدر ما سيجعله ينزل إلى ملعبهم ليخوض معهم مباراة في ملعب السفاهة الذي يجيدون اللعب فيه، لذلك سيكون النصر حليفهم دون نقاش ، في الوقت الذي يظل فيه الصمت هو الرد الأنجع، لأنه إذا جادلت الأحمق لن يفرق الناس بينك وبينه، إضافة إلى أن الصمت حكمة في زمن الثرثرة حيث الجميع يتكلم فقط من أجل الكلام.

و يعد الصمت أحد صفات الشخصية الكاريزمية، فلا يتقن هذا فن إلا أصحاب الشخصيات القوية، فكما يقال الصمت لغة العظماء الذين يتكلمون قليلا ويستمعون ويفعلون كثيرا، الذين لا يهدرون طاقاتهم في الكلام بل يكرسونها للفعل والتطبيق ،لذلك دائما ما يكون الإنسان الذي يتميز بصمته هادئا وجذابا وغامضا أكثر من غيره، مما يبعث الآخرين على البحث عن سر هذا الغموض الذي يترك علامة استفهام عندهم، تجعلهم يحترمون ويقدرون الشخص الصامت ويأخذون كل الحيطة والحذر منه،إذ الصمت بمثابة حاجز يعيق اختراقهم لخصوصيات صاحبه ويجعلهم يضربون له ألف حساب.

بواسطة
أنيس مريني-تازة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق