الصّحة أوّلاً.. فلتتحمّلوا مسؤولياتكم !

يبدو أن وزارة الصحة فضّلت أن تنهج  سياسة الآذان الصماء تجاه مطالب ساكنة الجماعة القروية آيت احمد بإقليم تزنيت التي طالما تنادي بتجويد الخدمات بالمؤسسة الصحية بمركز الجماعة، أو على الاقل إعادة هذه الخدمات إلى سالف عهدها قبل مغادرة الطبيب بعد عدة أشهر من الغياب.
فمبرر “الظرفية الصحية التي تمر منها البلاد بسبب جائحة كورونا” أمر واقع يتفهّمه الجميع،بل إن أغلب السكان واعون بذلك  أتم الوعي؛ لكن هذا المبرر لا يستدعي مهما كان الحال كل هذا التجاهل الذي نلاحظه اليوم يُواجه به المواطنين الضعفاء في مؤسسة حكومية لا يقصدها إلا من خرّت قواه و أنهكه المرض والألم يرجو العناية وتشبت  ببصيص أمل في حياة وغد أفضل.
في الآونة الأخيرة حالات كثيرة وردت على المركز الصحي لأربعاء آيت احمد من عمق جبال الجماعة الترابية  يشهد الله حجم معاناتها وصراعها مع الألم ولم تستفذ من حقها في التشخيص والتطبيب والعلاج لسبب واحد وهو غياب الطبيب؛ منها من يُصرّ و يواصل المشور في اتجاه المستشفى الإقليمي أو عيادات القطاع الخاص وقليل ما هم؛ بينما الباقي يُرغم بسبب العوز والفقر  على العودة إلى البيوت مُكرها ومستسلما للأمر الواقع ينتظر تحت رحمة العلّة والمرض إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
والنتيجة واضحة للعيان ،لقد  سُجلت حالات خاصة جعلت الممرضات المكابدات بالمركز الصحي في حيرة من أمرهن ، بين هاجس ما هو  عاطفي إنساني وما يمليه الضمير  وبين هاجس ما هو قانوني وما يدخل عن دائرة الاختصاصات المخولة ؛ فكانت النتيجة مثلا عدم اتخاذ قرار ما  بشأن حياة أو وفاة سيدة واردة  إلا بعد تدخل السلطات وكثرة الاتصالات بعد انتظار طويل وهدر كثير من الوقت والزمن،أما مسألة إعادة توجيه الحالات الواردة بمجرد وصولها إلى المركز في اتجاه مناطق أخرى بدون أي فحص يُذكر ،فهو إجراء روتيني وأصبح حديث العام والخاص بالمنطقة في الأيام الأخيرة.
جمعيات المجتمع المدني في مناطق نائية بالجماعة الترابية  لأيت احمد ،  تيمزكو ،تغرات ،أطلس ،الأمل …   دقت ناقوس الخطر في بيانات استنكارية للوضع القائم موجّهة إلى الراي العام وإلى مصالح وزارة الصحة إقليميا وجهويا ومركزيا وإلى رئيس الحكومة أيضا ، والسلطات المحلية كثيرا ما عانت هي الأخرى مع هذا الأمر وطالما انخرطت في مساعي البحث عن الحلول  المناسبة لكل حالة على حدة ،والحمد لله أن ظلت هذه السلطة المحلية الملاذ الوحيد بعد الله لمن لا ملاذ له ب”آيت احمد”.
 بدون رد مسؤول، اللهم ذلك الجواب الكلاسيكي المعتاد  الذي نسمعه من هنا وهناك “ما كينش طبيب ..ماكاينينش موارد بشرية ” ،فلا جواب رسمي في الموضوع كأن جلالة الملك لم ينبهكم  يوما قائلا :

“من غير المقبول ، أن لا تجيب الإدارة على شكايات وتساؤلات الناس وكأن المواطن لا يساوي شيئا ، أو أنه مجرد جزء بسيط من المنظر العام لفضاء الإدارة.

فبدون المواطن لن تكون هناك إدارة، ومن حقه أن يتلقى جوابا عن رسائله، وحلولا لمشاكله، المعروضة عليها،وهي ملزمة بأن تفسر الأشياء للناس وأن تبرر قراراتها التي يجب أن تتخذ بناء على القانون ..” انتهى كلام جلالة الملك.

وهذا الأمر كله نحمّل فيه المسؤولية الأخلاقية والقانونية للحكومة الحالية  فليس من المعقول يا مسؤولينا الحكوميين  أن تحرموا عيِّنة من مواطني هذا البلد من حقهم الدستوري في الصحة ذنبهم الوحيد أنهم خلقوا في مناطق تعتبرونها معزولة ونائية؛ فإذا لم تستطيعوا إيجاد الحلول لمشاكل الناس كما وعدتموهم من قبل  فلماذا لا تعلنوا ذلك صراحة و تنسحبوا إلى حال سبيلكم؛ فإن للوطن  رجالاته كما قال جلالة الملك في خطاب سابق  فـ”كفى من “اللامسؤولية” ..واتقوا الله في وطنكم ..”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق