النفس البشرية كيان شديد التعقيد

النفس البشرية شديدة التعقيد والتشابك، وإلى يومنا هذا يظل علم النفس من أصعب العلوم وأكثرها تعقيدًا، ولمَ لا وسائر العلوم تتعامل مع مواد جامدة أو نظريات أو معادلات أومواد كيميائية ، أما العلوم الإنسانية التى يُعد علم النفس واحدًا منها فهى تتعامل مع كتلة من المشاعر والإنفعالات والعواطف ، لا معايير واضحة يُمكنها وزن تلك المشاعر والإنفعالات أو قياسها ، لا يستطيع أحد أن يضع لإنسان برنامج أو نظام معين يسير عليه ويُطبقه فعلياً ، فالنفس تارة ملتزمة وتارة أخرى متقلبة بل عادةً تمل النفوس من الروتين والجمود بل إنها تتغذي على التطور والحراك والتَغيُر بل أحيانًا التمرد ، والمزاجية والتأرجح بين الصواب والخطأ ، المعصية والطاعة حقيقةً هذه هى الحقيقة التى لا نُلقى لها بالاً ولا نستوعبها لذا يظل علم النفس يحمل كم كبير من الصعوبة فى تحقيق ما ينشده من أكبر كم لمساعدة النفوس الحائرة والأفراد المضطربين ..

وفى هذا الصدد استدعتنى مقولة لجورج أورويل هى أنه: “لن يكون بوسعك أن تشعر بعاطفة إنسانية وكل شئ في داخلك سوف يموت، ولن تكون أبدًا أهلاً للحب أو الصداقة أو السرور بالحياة أو الضحك ، أو الفضول والشجاعة، أوالاستقامة…
بل ستكون أجوفًا فارغًا.
الحرية عبودية……. والأدمي الحر الوحيد مغلوب دائماً علي أمره”

يا لها من كلمات بالغة الصعوبة وشديدة الإقتراب من الواقع فلقد أضحى إنسان العصر محاصر بالعديد والعديد من الأسباب التى تجعله أكثر عرضة للإصابة بأمراض العصر ألا وهى الإكتئاب والقلق العام وصار جهاد عظيم وكبير الحفاظ على الصحة النفسية بقدر ما فالعالم يحمل كم كبير من التناقضات التى لا تفلح العقول فى فهمها وتفسيرها والإنسان شاء أم أبى فهو يتأثر بكل الأحداث التى تحيط به على المستوى العالمى والمحلى.

لقد أخضع العالم ” فونت” لأول مرة علم النفس للتجريب وكان هذا سبق فريد فى العلوم الإنسانية ومع ذلك كانت هناك ثمة معوقات لتحقيق عملية التجريب على أشياء غير ملموسة ولكن جهوده هو وغيره من العلماء حققت طفرة كبيرة فى علم النفس بلا شك .

أخيرًا كثير من الأمهات يعتقدون أنه ثمة برمجة للأطفال وسحر يفعله المتخصصين تجعل أطفالهم أكثر هدوءاً وأكثر طاعة وأكثر ذكاءًا والحقيقة أن السر يكمن فى الحب والصبر والقناعة بأن عملية التربية أمر يستحق العناء . وعملية التربية تتطلب تطبيق لبعض الأسس والنظريات في التربية للوصول إلي أفضل النتائج فى تنشئة فرد صالح ونافع للمجتمع ، وجميع النظريات والعلماء تتفق في أن التربية الإيجابية بالحب والمودة والدعم والإحتواء للطفل هي الأنجح والأفضل علي الإطلاق حيث أن المغالاة أمر غير محمود وكما هو الحال فى كل شئ أن الوسطية والإعتدال هى الصواب .

بواسطة
صفاء عبد الصبور - مصر
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق