الواجب الرقابي.. قائم وباقي
زمان كان من أهم واجبات نواب البرلمان أن يقدموا أنواعاً عديدة من الخدمات لأهل الدائرة.. وفى المقدمة خدمات التعيين.. ودخول الكليات العسكرية، والواسطة التى تفشت.. وتصل إلى حد توفير مياه الرى للأراضى الزراعية فى نهايات الترع.. أو رصف وصلة طريق، أو توصيل مياه الشرب.. والكهرباء، وحتى بناء المدارس والعيادات والمستشفيات.
ولكن الدولة – والآن بالذات – تقوم بكل ذلك وأكثر.. بالذات من توفير الخدمات.. وما تقوم به الدولة الآن فى المناطق العشوائية ونقل سكانها إلى مناطق ومساكن آدمية خير قيام، بل وحتى قبل أن يطالب الناس بها.. وبذلك لم تترك الحكومة شيئاً من هذه الخدمات إلا وقامت به الآن. وفى مجال بناء المساكن أقر وأعترف بأن ما قامت الدولة الآن – ومازالت – فى قطاع الإسكان هو أكبر من كل ما سبق أن قامت به كل حكومات مصر على مدى نصف قرن، وأيضاً خدمات توفير مياه الشرب والصرف الصحى.. والكهرباء والطرق العامة.. وهى – فى مجال الطرق والكباري – لا تكتفي فقط بالطرق الرئيسية.. بل وصل نشاطها إلى الطرق الفرعية بين القرى والمحافظات، وما يجرى فى طريق الإسكندرية الزراعي خير مثال.
المهم أن الدولة تقوم الآن بهذا الدور الخدمي، ليس نيابة عن البرلمان، ولكن قناعة بتقديم هذه الخدمات للناس، قبل أن يطلبوها.. وبذلك يبقى الدور الرقابي للبرلمان وللنواب فى كلا المجلسين الأول مجلس النواب وانتخاباته على الأبواب.. ومجلس الشيوخ وقد بدأ جلساته بالفعل.. وهذا الدور الرقابي دور برلماني أصيل، إذ لم تنشأ البرلمانات إلا للرقابة على أعمال الحكومة، رقابة شاملة وليس فقط الرقابة المالية.. وكان ذلك واضحاً سواء فى البرلمانات الغربية أو حتى فى مجلس شورى النواب الذى عرفته مصر عام 186، ورغم أن ذلك لم يكن واضحاً عند بدايات هذا المجلس، إلا أن النواب – ومن يومها – استطاعوا أن يقوموا بهذا الدور الرقابي.
وإذا كانت فى مصر أجهزة عديدة للرقابة على تصرفات الحكومة المالية، إلا أنها تظل فى النهاية رقابة «من الحكومة.. على أعمال الحكومة»، هنا نجد ضرورة فى وجود رقابة شعبية فعالة فى كلا المجلسين، وهو ما نتمنى من مجلسى النواب والشيوخ أن يقوما به.. بالذات فى ظل غياب أى دور للمجالس المحلية، الذى يفترض أن تقوم به هذه المجالس.. داخل القرى والمدن.
هنا يمكن لمجلس النواب أن يؤدى دوره وبنفس الوسائل البرلمانية من أسئلة.. وطلبات إحاطة.. بل وأيضاً استجوابات، وتلك هى وسائل وأدوات المساءلة البرلمانية المتاحة، دستورياً وتشريعياً، لمجلس النواب حتى وإن غابت هذه الوسائل عن أيدي وفكر مجلس الشيوخ.
وربما كان ذلك من أهم أسباب تغيير حجم الدوائر الانتخابية، لتصبح المسؤولية أوسع انتشاراً وأكثر قدرة على «عمومية» النيابة.. والتى تجسد فكرة أن النائب بمجرد انتخابه يصبح نائباً عن الأمة المصرية كلها. وأهلاً بالبرلمان الجديد بشعبتيه النواب والشيوخ.