بايدن.. ومشروع أقلمة العراق
ما السياسة التي ستتبعها الولايات المتحدة الأميركية في المرحلة المقبلة إزاء بلدان المنطقة العربية وما يجاورها، وما التوجهات التي سيعتمدها الرئيس جو بايدن الخبير بدهاليز السياسة الأميركية إزاء العراق على وجه التحديد في السنوات الأربع المقبلة؟
سؤال يكاد يتردد على السنة غالبية العراقيين من سياسيين ومواطنين بعد استلام بايدن الرئاسة الأميركية في 20 كانون الثاني الماضي، وبطبيعة الحال فان هذا الرئيس لديه آراء وتوجهات تكاد تجعله ضمن خانة الصقور المحافظين ( الجمهوريين) من حيث الشدة والصرامة لكنه بذات الوقت يكاد يشكل الصورة الفعلية للديمقراطيين الذين يمارسون أبشع أنواع التضليل وأكثر مهارة في تسويق أنفسهم بانهم حماة الديمقراطية وحقوق الإنسان ، بالوقت الذي يرسمون خططهم الجهنمية في إذكاء الخلافات الطائفية والمذهبية والجهوية وإتقان فن ممارسة الفتن بين مكونات الشعوب ضمن سياسة الحرب بالإنابة، ولعلهم نجحوا في سنوات سابقة في ظل إدارة باراك أوباما، وكذلك صناعة السيناريوهات لقطف ثمار أية خلافات لصالحهم سيما التي تحصل ببلدان العالم ومنها المنطقة العربية الملتهبة. هكذا هي حقيقة توجه الديمقراطيين ونهجهم في التعامل مع العالم الخارجي، إذ يتم بنفس طويل وخطوات أكثر فهما للمواقف والبيئات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية.
ومنذ مجيء بايدن للحكم لاحظنا مراكز الأبحاث والدراسات ورسم السياسات الأميركية أخذت تتحدث حيال العالم الخارجي، بل تطرح بعض الإشارات بذكاء تتعلق بالإشكالية العراقية والحلول المناسبة لها، ومن أبرز النقاط في هذا السياق مشروع الأقاليم بتقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم (كردي، شيعي، سني)، وكان قد طرحه عندما كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس إبان احتلال بلاده للعراق مطلع 2003، لكن اليوم أصبحت الأمور كلها بيده، لذلك بدأت عمليات الترويج للإقليم بالعراق، وبالوقت الذي يشكل ذلك نذير شؤؤم وخطورة جدية ينبغي على المسؤولين المعنيين بالدولة العراقية لاتخاذ خطوات وطنية لأجل المواجهة ودون السماح لفرض خيار تمزيق العراق.
وتكاد تكون خطوات بادين مع العراق واضحة باعتماد سياسة التفريق بين القوى السياسية داخل المكون الواحد بل وتنميتها ،أو استثمار الموجود منها، ومن ثم التلويح بخطر داعش والإرهاب، خاصة الساحة العراقية تمثل أرض خصبة لتنفيذ مآرب أميركية خطرة ،منها الاقتتال الداخلي وتنمية الوجود الفعلي لجماعات العنف المتطرف والعصابات واختلاق مسوغ فعلي، ولفت انتباه الناس لأهميته، ولا يمكن مواجهة هكذا مشاريع أميركية سياسية ملغومة في ظل حالة التشرذم والخصام الذي يشهده النظام السياسي بالعراق، ليس على صعيد خلافات المكونات الرئيسة بل تعدى الى الخلافات بين القوى السياسية في داخل المكون الواحد، فالقوى السياسية الشيعية مختلفة مع بعضها الى حد كبير الطلاق ،والقوى السياسية السنية متصارعة مع بعضها الى حد كسر العظم، وكذا الحال بالنسبة للقوى السياسية الكردية ،حيث بدأت متصارعة متنافرة مع بعضها بعض، والخيار الوحيد لحماية العراق والإبقاء عليه بعيدا عن مخططات بايدن واعوانه هو تعزيز الجبهة الداخلية، ومحاربة التزوير، بشرط ان تسبقها عملية اصلاح شاملة حقيقية تحرر المؤسسات من سطوة الفساد والفاسدين وتعيد للمواطن حقوقه المسلوبة منذ 18 عاما.