تزامنا مع اليوم العالمي للمدن.. وكالة بيت مال القدس تسلط الضوء على واقع المدينة الصعب

قالت وكالة بيت مال القدس الشريف، التابعة للجنة القدس، برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، إن تخليد المنتظم الدولي لليوم العالمي للمدن، في 31 من أكتوبر/ تشرين الأول من كل سنة، لا بد أن يضع العالم أمام مسؤولياته في حماية القدس وصيانة مركزها الديني والحضاري، والحفاظ على وضعها القانوني، وتوفير أسباب العيش الكريم لساكنتها.

وجاء في تقرير موضوعاتي أصدرته الوكالة بهذه المناسبة إن المؤسسة على قناعة بأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما أقرتها أجهزة الأمم المتحدة، لا يُمكن أن تقوم في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه في القدس، إذا كان الجميع متفقون على أن هذه المدينة كانت وستبقى مركزا للتجاذبات، تبدأ منها فرص تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة برمتها، وتنتهي فيها.

وفي هذا الباب، قال التقرير إنه على الرغم من أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية غير ممكنة دون تحقيق تقدم على الصعيد السياسي، فإن تعزيز الطابع العربي للقدس الشرقية يتطلب إعادة النظر في مفهوم التنمية في ظل الاحتلال وإعادة تعريفها كشكل من أشكال المقاومة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المعززة للوجود الفلسطيني على أرضه.

لذلك، تجعل وكالة بيت مال القدس الشريف سكان القدس الشرقية، مسيحيين ومسلمين، في صُلب نموذج إنمائي، يقوم على مقاربة واقعية لسياسة مدنية، تأسست على فهم صحيح لطبيعة المدينة المقدسة ووضعها الاستثنائي، وواقعها المعقد، ولتطرح الحلول التي يمكنها أن تجمع الناس وتوحدهم على مبادئ الإنصاف والاستدامة.

وأشار تقرير الوكالة إلى أن تواتر المصادمات والمواجهات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين العُزل وارتفاع وتيرتها في السنتين الأخيرتين بشكل مقلق، كلها عوامل تزيد من معدلات الاحتقان، وتُؤجل فرص التقارب، وترهن حاضر المدينة ومستقبلها.

وشدد التقرير على أن الواقع الذي باتت تفرضه السلطات الإسرائيلية اليوم، يجعل من الصعب استعادة شخصية القدس الشرقية بطابعها الديني والحضاري الأصلي، لحجم الضرر الذي لحقها جراء سياسات مُمنهجة استمرت لعقود، وما تزال متواصلة إلى اليوم.

وسرد التقرير، استنادا إلى وثائق فلسطينية وإسرائيلية، جوانب مما تعانيه الأحياء العربية شرقي القدس من أزمات إسكانية ومشاكل في البنية التحتية مقارنة بالقسم الغربي من المدينة، بما في ذلك التجهيزات المتآكلة، وغياب الصيانة، وضيق الشوارع، وغياب الأرصفة، وعدم كفاية معالجة مياه الصرف الصحي وندرة الملاعب العامة وغيرها من التجهيزات.

ذلك أنه مع تقلص المساحة الممنوحة للفلسطينيين، قال التقرير أن المقدسيين يشتكون من مشاكل مزمنة تطال البُنى التحتية والتجهيزات، ويطالبون بصيانة الطرق وربط الأحياء بعضها ببعض بشبكة شوارع كاملة، وترميم المناطق التجارية بالمدينة المقدسة وأسواقها الخاصة، وزيادة أعمال النظافة في الشوارع العامة وغيرها من الخدمات الأساسية.

وفي هذا الصدد ذكر التقرير بأن البناء الكثيف في مساحات محدودة يؤدي إلى كثافة سكانية مرتفعة مما يزيد العبء على البنى التحتية، كما أن البناء غير المرخص يضيف مزيدا من السكان على نفس مساحة الأرض ويزيد في النقص القائم منذ البداية في توفير الخدمات العامة والرفاهية والتعليم. وبذلك تزداد الظروف المعيشية تدهورا وسوءا.

ويؤدي البناء غير المرخص – يضيف التقرير – إلى المس بالشوارع والبناء على أجزاء منها، مما يحول دون إقامة شبكة شوارع جيدة، كما يصعب على السكان الوصول إلى العديد من البيوت. هذه التعقيدات ساهمت في عدم إقامة شبكة طرق منظمة وإقامة شبكة إنارة مناسبة. وبسبب عدم وجود شبكة أرصفة وممرات منظمة للمشاة باتت الشوارع ممرا للسيارات الخفيفة والثقيلة والمشاة في نفس الوقت، مما يشكل خطرا على الأطفال وطلاب المدارس.

لذلك أدى غياب برامج تخطيطية للأحياء العربية في القدس الشرقية إلى نقص في شبكة الطرق، كما أدى إلى نقص في الشوارع المعبدة والشوارع المجهزة وفي تمهيد الطرق والشوارع الترابية. كما أن شبكة الطرق المتاحة لا تلبي احتياجات السكان بسبب ضيقها وتعرجاتها، وتفتقر إلى الحواف والأرصفة.

وبالنتيجة، يخلص التقرير إلى أن ظروف الحياة في القدس الشرقية باتت لا تُحتمل في ظل المضايقات النفسية والمجالية التي تخنق السكان العرب وتُوسع على غيرهم بإجراءات مُمنهجة يغيب عنها العدل والإنصاف وتكافؤ الفرص والمساواة أمام القوانين، وأمام الواجبات والالتزامات، مما يحمل الفلسطينيين على المطالبة بحقوقهم الثابتة في حماية أرضهم بكل الأشكال المشروعة بما في ذلك الرد القانوني والحضاري على المخططات الهيكلية للمناطق العربية أو المناطق التي تم إعلانها مناطق خضراء يمنع البناء عليها.

ودعا التقرير إلى ضرورة إنصاف الجانب الشرقي من القدس بالسماح بتوسيع رقعة البناء، سواء العمودي أو الأفقي، لتدارك أزمة السكن، ووقف أعمال هدم الأبنية الغير مرخصة، والعمل على تنظيم المناطق العربية ضمن مخططات ورؤية محلية تحافظ على الطابع العربي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق