تزنيت.. اَلسَّهْلُ وَ الْمُمْتَنِع..
لأول مرة، منذ عقود من الزمن لم تنقطع حركة المرور على مستوى قنطرة وادي أولغاس بمحاداة دوار أزرو نتمزكو رغم فيضان الوادي بفعل أمطار الخير الأخير، ولأول مرة أيضا لم نسمع شكاوى السكان بانقطاع مسلكهم الطرقي الذي يربطهم ب”الحضارة” ويؤمن حاجياتهم اليومية كما يحدث دائما في مثل هذه الظرفية من كل سنة مطيرة.
والفضل في ذلك طبعا يرجع بعد الله إلى رجال عرفوا قيمة المسؤولية وقدروها تقديرا لذلك سمعوا صرخات الأهالي وأحسُّوا بحجم معاناتهم فلبّوا النداء ودافعوا ورافعوا بكل ما أوتوا من سبُل لحل معضلة العزلة الضاربة على المنطقة لعقود من الزمن.. لقد جابهوا الأمر بعزم وجدية وألحوا في ذلك إلحاحا ظاهرا للجميع حتى ظفروا بمشروع طرقي تاريخي للمنطقة في عز وقت الحاجة إليه.
يتعلق الأمر بمشروع تهيئية المسلك الطرقي الرابط بين إغير وتيمزكو في جماعة آيت احمد إقليم تزنيت على مسافة 15 كلم عبر وادي أولغاس بمحاداة قنطرة دوار أزرو النقطة السوداء التي طالما حولت حياة أهالي المنطقة إلى كابوس مرعب جراء العزلة الكلية عن العالم الخارجي كلما تساقطت الأمطار.
صحيح أن الخصوصيات الجغرافية للمنطقة التي تحيطها الجبال الوعرة من كل جانب تقف حجر عثرة أمام كل محاولة لتعبيد المسالك أو تهيئتها أو إصلاحها حتى تكون منفذا منقذا للناس ولو ظرفيا إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ؛
ومعلوم أن هذا المعطى الجاهز بالذات هو ما جعل “المسؤولين” ممن تولوا تدبير الشأن العام ببعض المؤسسات بالإقليم يختارون الحل السهل ويقدمون استقالتهم في أية خطوة إيجابية ولو بمجرد التفكير أو التداول في ما من شأنه أن يكون مسعى مستقبليا يروم شق مسلك تجاه المنطقة، لذلك لم يترددوا في الرد عن ملتمسات السكان في هذا الباب بأجوبة جاهزة واعتذارات مغلفة في لغة خشب غير مخفية بأن مسلككم الطرقي هذا “غير مصنف” يتعذر علينا التدخل في شأنه وقُضي للأمر ، كأن الموضوع أُغلقت أبوابه وجُفَّت أقلامه ورفعت صُحفه إلى الأبد..
ولأن لكل مشكلة حل ولكل زمان رجالاته ولا شيء مستحيل في هذه الحياة الدنيا وما أن يغلق الله بابا في وجهك حتى يفتح لك أبوابا أخرى غيره ،باشرت مصالح وزارة الفلاحة بتزنيت بعد اقتناع منها بجدوى المشروع ووقعه على الساكنة التي هي أيضا جزءا من مواطني هذا البلاد السعيد لهم ما لغيرهم من حقوق تحدي فك العزلة عن تيمزكو ودواويرها دراسة أولا ثم تمويلا وإنجازا شريكهم في ذلك المجلس الإقليمي لتزنيت والمجلس الجماعي لأربعاء آيت احمد والوكالة الوطنية لتنمية الواحات وشجر الأركان، فنجحت في ذلك بشهادة أغلبية السكان المحليين، والخير قادم لا محالة مستقبلا لأن مشروع تهيئة مسلك دواري تضرضورت وأنامر في أعماق جبال المنطقة الآن في يد مقاولة ستباشر أشغاله في ما يأتي من الأسابيع القليلة القادمة، فيما تحمل الأخبار التي ترِد علينا تباعا في أكثر من مصدر بشائر سارة بإمكانية تعبيد المسلك ككل لاحقا للحفاظ على جودة أشغاله المنجزة.
وغير بعيد عن تيمزكو ودائما بداخل المنطقة الجبلية للجماعة الترابية لأربعاء آيت احمد يلمس كل متتبع للشأن المحلي نفس البصمة ونفس التحدي ونفس الإنجاز الميداني في طريق تيوجكل-أكني مشغاو ، والأمر ينسحب على طرق أخرى بأكرض أوضاص-تنكطوف ، ومزلات-مركز آيت احمد (بشراكة مع الجماعة ) ؛ناهيك عن عشرات التدخلات الآنية التي تُجرى كلما دعت الضرورة عقب الفيضانات الجارفة استعانة بآليات المجلس الإقليمي وجرافة المجماعة أحيانا في مسالك دواوير تغرات وأنسور وأنمس وآيت لعواين وآيت عمر وفوالوس وتسكدلت وإغران وإنجارن وتوزضارت وتودقي ..لمسة ميدانية عنوانها لا يحتمل غير القرب من انشغلات المواطنين والإنصات إلى همومهم والمساهمة في حل مشاكلهم في زمن كثر فيه الكلام وقل العمل..
ويظل اليوم كل ما يحلم به المواطن البسيط بالمنطقة الجبلية لآيت احمد حقيقة أن تتحرك الجهة المسؤولة عن تعبيد المسلك الطرقي الرابط الشرياني الرابط بين جماعتي أربعاء آيت احمد وأداي بمنحذر “تدنغا” وفعل ما يلزم فعله ميدانيا حتى يخرج هذا المشروع المتعثر منذ 2015 إلى أرض الوجود فبعض الغيورين هرموا من أجل تلك اللحظة التي لا زالت لم تتحقق بعد.