تونس.. جرعة زائدة من الديمقراطية تقتل سبل الحياة في بعض الولايات !!
لم تنقطع منذ اندلاع الثورة في تونس سنة 2011 الاحتجاجات الاجتماعية والقطاعية على حد سواء، انها تتجدد كل عام زمنيا وتتجدد ايضا كلما تم استبدال حكومة بأخرى، في تونس لا شيء أسهل من تغيير الحكومة ولو بعد بضعة اشهر فقط من تنصيبها، غير ان ارقام فواتير تغيير الحكومات والاعتصامات المطالبة بالشغل والتنمية -على شرعية هذه المطالب- تضخمت بشكل مخيف، وسببت انهيارا كبيرا في المؤشرات الاقتصادية للبلاد.
لنأخذ مثلا قطاع الفوسفاط، فقد تراجع إنتاج هذا العام بأقل من النصف عن حجم الانتاج المسجل سنة 2010، كما تسبب الاضرابات والاحتجاجات القطاعية في خسارة الاف ايام العمل، الاعتصامات بلغت مؤخرا حدودا مؤذية بشكل مباشر للمواطن، هذه المرة لم تعن الحكومات فقط، فإحدى هذه الاحتجاجات أفقدت مستاكني عدة ولايات في تونس صوابهم واربكت سير حياتهم اليومي، فقد تسببت في اضطراب توزيع ولايات الجنوب بحاجاتها من قوارير الغاز المنزلي، مناخ كان ملائما لبروز مستكرشين ومتمعشين على حساب الازمة لتزداد الامور سوءا بسبب تاخر محاولات تغطية النقص الحاصل لتشهد الاجواء تحولا دراماتيكيا كبيرا بتسجيل اعمال تغيير وجهة لشاحنات نقل الغاز وافتكاك قوارير بمنتصف الطريق وتجمعات ضخمة امام مخازن التزويد في ظل ظرف وبائي دقيق !!
هذه الازمة طرحت من جديد نقاط الاستفهام التي يخشى البعض طرحها علانية : ما مدى مشروعية وشرعية الحراك الاحتجاجي ؟
هل ان ابطال اي حراك احتجاجي يتجاوز حدودا معينة يعتبر اعتداء على شرعية مطالب هذا الحراك ؟
من يضع اصلا حدود الحركات الاحتجاجية الاجتماعية ؟ ام ان لا حدود لها على الاطلاق ما دمنا في مناخ ديمقراطي ؟
لكنه على كل حال مناخ ديمقراطي مشوب بنوع من الانانية وفقدان الثقة التي يرى المحتجون انه سبب رئيسي في تواصل الاحتجاجات وبلوغها احيانا مستويات خطرة قد تهدد ديمومة قطاع ما او حتى السلم الاجتماعي نفسه.
ولكن : كيف ستستقيم المعادلة التي عجزنا نحن التونسيون لنحو 10 اعوام عن حلها : الاحتجاج والمطالبة والاستمرار بذلك لكن دون تعطيل لنشاط اقتصادي او تهديد مباشر لاقتصاد البلاد او ايقاف مرفق حيوي ؟