حروب أردوغان القادمة وفرص الصدام مع مصر
هناك نوعان من الحروب يخوضها الرئيس التركي أردوغان، الأول للحفاظ على السلطة وإستعادة الخلافة العثمانية، والثاني حروب يخوضها أردوغان لإنهاك الجيش بصفة مستمرة كي ينشغل عن ما يحدث في الداخل التركي تماما، وكي لا يتكرر ما حدث ليل منتصف يوليو2016م مجددا.
وهناك ثلاث حروب رئيسية صنعها أردوغان بصحبة مدير مخابراته هاكان فيدان ووزير داخليته الاسبق أفكان علاء لضمان أستمرارية أردوغان وحزبه في التفرد بالسلطة، فجائت حربه الأولى لتصفية ما أسماه الكيان الموازي، والثانية ضد العرق الكردي، والثالثة ضد حركة فتح الله جولن، وقد خرج أردوغان من جميع هذه الحروب منتصرًا، ليستعد اليوم لخوض حرب موسعة في ليبيا.
وحينها ستكون الأمور مختلفة عن أي معركة سابقة، لان الميدان الليبي يعني مواجهة مباشرة ضد مصر، وهو الاتجاه الذي يدفع فيه الانجلوأمريكي، والذي أعطى ضوء أخضر للتركي للتبجح في ليبيا، وفي نفس الوقت يرغب في إستنزاف مصر عسكريا عبر الصدام المباشر مع تركيا، في صنع حرب أشبه بالحرب الخليجية الاولى بين إيران والعراق، والتي أراد منها المعسكر الغربي الذي دعم الطرفين إستنزافهم معا.
ولأن القاهرة تدرك ذلك جيدا، أستعدت مصر بكل قوة كي تكون جاهزة للرد وليس للبدء، وأن يكون تحركها وسط تحالف دولي وإقليمي وليس بمفردها، وقد نجحت مصر في تشكيل تحالف جاد بعيدا عن الاميركي والروسي اللتان لم يعدان حلفاء لأحد في الإقليم.
وتجلى هذا التحالف عبر مناورات “ميدوزا”10 التي جائت للمرة الأولى بمشاركة فرنسا والإمارات، بعد ان كانت مقتصرة على مصر واليونان وقبرص فقط.
بالجهة المقابلة ذهبت تركيا تبحث عن حليف جديد، فأستغلت الضغوط الخليجية على رئيس وزراء باكستان عمران خان للتطبيع مع إسرائيل من جانب (برغم التواصل القوي السري بين عمران خان وتل أبيب عبر مستشاره سيد بخاري وليس عبر أمراء الخليج)، وتجدد صراعه مع الهند من جانب أخر، ومدت جيشه بطائرات البيراقدار وغيرها من المعلومات الهامة، كي تنجح تركيا في إستقدام باكستان في أخطر ملفين تتفاعل فيهم تركيا إلا وهم شرق المتوسط وليبيا.
فعقدت مع باكستان مناورات في شرق المتوسط، ونسقت عبر سفيرها في طرابلس سيرحات أكسين ترتيب اجتماعات المعلن منها والسري بين الجيش الباكستاني وقادة مليشيات حكومة الصخيرات، الامر الذي جعل اليونان تتجه للتحالف مع الهند نكاية في التحرك الباكستاني بالقرب من بحر إيجة.
بينما لم تثمر إجتماعات الفرقاء الليبيين برعاية الأمم المتحدة طوال الفترة السابقة عن شئ، إلا تحضير الميدان الليبي لمعركة الكبرى، بعد أن جائت تركيا هي المستفيد الأكبر والمستغل الأفضل لما يحدث في ليبيا منذ توقيع إتفاق برلين وحتى الأن، فلم يكن لكل الاجتماعات التي جائت بين الفرقاء الليبيين هنا والإبتسامات الصفراء بينهم هناك أي جدوى، وهو ما يعزز فرص الصدام بين تركيا ومصر.
وهو ما يمثل فرصة جديدة لأردوغان الذي يبحث عن معركة جديدة كي يتم إشغال الجيش التركي في الجبهات التي تفتح عليه كل يوم بكل بقعة مختلفة بمنطقة الشرق الأوسط والقوقاز.
فكعادته يبحث الرئيس التركي أردوغان عن تفجير النزاعات والحروب في كل مكان، بعد أن أكد نظام حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أنه لا يستطيع العيش دون الدخول في حرب جديدة كحال دول الإحتلال الإسرائيلي، فالرئيس التركي يقوم بإلهاء جيش بلاده بحروب هنا وهناك خشية من أن ينقلب عليه مجددا، ونذكركم بكم العمليات التي شنها أردوغان ضد الاكراد بأخر ثلاث أعوام فقط.
لذلك بات إحتياج أردوغان للدخول في أي حرب أهم من تحقيق النصر نفسه، فالوضع السياسي في تركيا غير مستقر كحال الليرة التركية، والأمور تنقلب ضد أردوغان مع مرور الوقت، لذلك من الضروري إشغال الجيش طوال الوقت بحروب خارجية.