د. عبد الهادي السبيوي يبحث دور التصوف المعيني في ترسيخ الأمن الروحي للفرد والمجتمع
أكد الدكتور عبد الهادي السبيوي، أستاذ باحث في التربية السلوكية، أن فكر الشيخ ماء العينين يتضمن نظرية متكاملة في الأخلاق، ينبغي أن تدرس في الجامعات والمعاهد العليا، تقوم على مجموعة من الدعائم ومدارها إصلاح الإنسان من الداخل، من منطلق قوله تعالى “ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها”، موضحا أن الشيخ ماء العينين أسس زاويته وجامعته بالسمارة على بعد فكري تقدمي سبق به عصره لأنه تيقن أن صلاح الكون ينطلق من الجوهر الذي هو الإنسان.
جاء ذلك خلال مشاركة السبيوي في فعاليات الملتقى الدولي السادس للفكر الصوفي عند الشيخ ماء العينين، الذي نظمته مؤسسة الشيخ ماء العينين للعلوم والتراث والمركز الجامعي للدراسات والبحوث الأفريقية بجامعة محمد الأول بوجدة المملكة المغربية، بتعاون مع الأكاديمية العالمية لعلماء الصوفية، بمدينة كلميم جنوب المغرب في الفترة من 18 إلى 20 ماي 2023، تحت شعار”التصوف منبع إصلاح القيم الكونية “، بحضور علماء وباحثين من 30 دولة.
وأبرز الأكاديمي عبد الهادي في كلمته المعنونة ب “دور التجربة الصوفية السلوكية المعينية في بناء وترسيخ الأمن الروحي والاطمئنان النفسي للفرد والمجتمع”، مركزية الإنسان في هذا الكون، معتبرا إياه مناط الوجود تشريفا وتكليفا، مشيرا إلى أن معظم مشاكل العالم مصدرها الإنسان نفسه، مشددا أن لا سبيل إلى إصلاح هذا العالم إلا بصلاح الإنسان نفسه.
وفي ذات السياق أوضح أن منهج الشيخ ماء العينين قائم على تربية الإنسان وتزكيته بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لافتا إلى أن الشيخ استطاع توحيد مجتمع “البيضان” رغم تشعبه بالمحبة والعرفان والربانية، مشيرا إلى أن بناء الإنسان الكامل من الداخل يكون بالتصوف العملي الذي هو إحدى ركائز التربية عند ماء العينين، والمستمد من الصفات الخلقية الظاهرية والباطنية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال فيه تعالى: “وإنك لعلى خلق عظيم”، منبها إلى أن المنهج المعيني قائم على الوسطية والاعتدال وتربية الإنسان وفق منهج النبوة.
وأضاف أن الإنسان المعاصر يعيش اليوم إنسانية معذبة تعاني من الفراغ الروحي، مما نتج عن ذلك انحراف في السلوك والممارسة، مشيرا إلى أن هذا الأمر يشكل خطرا على الأمن الروحي وطنيا ودوليا، وقد أعزى الدكتور سبب هذا الانحراف في الفكر والسلوك إلى إهمال الجانب الروحي والتربوي لدى الإنسان وهو جانب اشتغلت عليه مختلف المدارس الصوفية، مشددا على الحاجة إلى المنهج المعيني لتحصين الشباب من الغلو والتطرف.
وتابع “الفكر المعيني كبسولة يمكن أن يصلح به حال عالم اليوم كونه يجمع بين متطلبات الروح والجسد، فالإنسان عند الشيخ ماء العينين روح وعقل وجسم “.
وبين الأستاذ المحاضر أن مهمة التربية في العالم اليوم هي بناء الإنسان الإحساني، وذلك عبر تربيته وتكوينه، داعيا إلى ضرورة الاستلهام من فكر الشيخ ماء العينين الهادف إلى بناء الإنسان الإحساني.