على هامش شهادة الشيخ محمد حسان السلفى المصرى (3-4)

3- دفع الصائل :
تردد هذا المصطلح كثيرا من قبل الأخ عبد الرحيم المسمارى أثناء الحوار فى سياق تبرير عمليات القتل والتفجير والإرهاب ضد الجيش الليبى والجيش المصرى .
فما هو المقصود بهذا المصطلح وما هى ضوابطه فى الشريعة والقانون ؟!
وكيف استخدم هذا المصطلح الشرعى النبيل لتبرير التفجير والتدمير ؟!

أولا : التعريف :
– فى اللغة :
الصائل : اسم فاعل من ” صال ” أى سطا عليه ليقهره , والمصدر ” صيال ” أى الاستطالة والوثوب 1)
– فى الاصطلاح :
الصيال : هو الاعتداء على الغير بقصد الغلبة والقهر أو الضرر والإيذاء 2)
وبذلك يكون ” دفع الصائل ” معناه : دفع المعتدى ورد عدوانه حتى لو وصل الأمر لقتل الصائل سواء من المعتدى عليه أو ممن شاهد الاعتداء من الغير.
ويطلق عليه الفقهاء ” الدفاع الشرعى الخاص ” تمييزا له عن ” الدفاع الشرعى العام ” الذى تقوم به الدولة والحكومة .
ثانيا : الأدلة من القرآن والسنة :
القرآن الكريم :
– ” فمن أعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل ما أعتدوا عليكم واتقوا الله وأعلموا أن الله مع المتقين ” البقرة 194
– ” فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفئ إلى أمر الله ” الحجرات 9

السنة المطهرة :
– ” من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ” رواه أبو داود
– ” جاء رجل فقال : يا رسول الله , أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالى ؟
فقال : لا تعطه مالك , قال : أرأيت إن قاتلنى ؟ قال : قاتله , قال : أرأيت إن قتلنى ؟ قال : فأنت شهيد , قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : هو فى النار ”
رواه مسلم
– ” أن رجلا عض يد رجل فنزع يده من فيه فوقعت ثنيتاه , فاختصموا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : يعض أحدكم يد أخيه كما يعض الفحل , لا دية لك ” رواه البخارى ومسلم
ثالثا : حكمه
الأصل فى ” دفع الصيال ” هو الوجوب على التفصيل :
1- الدفاع عن النفس : الأصل الوجوب
إلا فى زمن الفتنة فجائز والأسلم ألا يدافع
لقوله صلى الله عليه وسلم ” تكن فتنة فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل ” رواه أحمد
وقوله صلى الله عليه وسلم ” إن بين يدى الساعة فتنا كقطع الليل المظلم , يصبح فيها الرجل مؤمنا ويمسى كافرا , ويمسى مؤمنا ويصبح كافرا , القاعد فيها خير من القائم , والماشى فيها خير من الساعى , فكسروا قسيكم وقطعوا أوتاركم , واضربوا سيوفكم بالحجارة , فإن دخل على أحد منكم كخير ابنى آدم ” رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم فى المستدرك
2- الدفاع عن العرض : واجب بإتفاق العلماء
يهون علينا أن تصاب جسومنا وتسلم أعراض لنا وعقول
3- الدفاع عن المال : واجب عند الجمهور ما لم يخش على نفسه أو عرضه

رابعا : شروطه :
4- أن يكون هناك اعتداء بغير حق
5- أن يكون الاعتداء واقعا بالفعل ” حال ” وليس مؤجلا
6- استحالة دفع الاعتداء بالالتجاء إلى السلطات العامة
7- لابد أن يكون الدفاع لازما ومتناسبا مع الاعتداء
8- أن يقدم المعتدى عليه دليل وبينة على وقوع الاعتداء
9- حظر مقاومة مأمورى الضبط ” ممثلى الدولة ” من حيث المبدأ
10-حظر القتل العمد على سبيل الدفاع إلا فى حالات محدددة ” جرائم النفس والمال والعرض ”

خامسا : العقل الإرهابى وقلب الحقائق :
تلاحظ فى حوار الأخ عبد الرحيم المسمارى أنه برر ما حدث من قتل وتفجير لقوات الشرطة المصرية فى الكيلو 135 طريق الواحات بتاريخ 20-10-2017م .
بأن ذلك تم تحت عنوان ” دفع الصائل ” !!!
وهذا كما هو واضح لأصحاب العقول والفطر السليمة قمة التدليس والتزوير
– فهل هذا التنظيم الإرهابى , المتسلل إلى الأراضى المصرية بطريقة غير شرعية والذى جاء بهدف محدد هو استهداف الكنائس والمرافق الحيوية والشخصيات العامة
يعتبر معتديا عليه كما يدعى الإرهابى الليبى ؟!
– هل عندما تقوم قوات الأمن المصرية بالقيام بواجبها والتوجه للتعامل مع هذا التنظيم الإرهابى لحماية البلاد والعباد من شروره, تكون هى المعتدية الظالمة كما يدعى الإرهابى الليبى ؟!
هل وصل قلب الحقائق وتزييف الوعى إلى هذا المستوى ؟!
هذا كلام لها خبئ معناه ليست لنا عقول
– بهذا المنطق الفاسد والسخيف , يكون الخوارج ” قديما ” على حق وفى حالة دفاع شرعى وتكون قوات الإمام على رضى الله عنه على باطل ومعتدية ظالمة , فهل يقول بذلك عاقل ؟!
سادسا : فهم سقيم لحديث شريف
هناك بعض الأحاديث التى يستغلها الجهاز الإعلامى ” للإرهاب ” للتلبيس على البسطاء , لابد من كشفها وتعريتها مثل :
حديث ” إذا إلتقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار ”
يردد الجهاز الإعلامى للإرهاب بناء على الفهم الخاطئ – المتعمد – لهذا الحديث مقولة ” الدم المصرى كله حرام ” , وذلك بعد كل حادث إرهابى !!
فهل هذا الكلام صحيح ؟!
هل دم الجندى المصرى المكلف بحراسة الأرض والعرض عندما يستشهد يتساوى مع دم الإرهابى المعتدى الذى جاء بالدمار والخراب والقتل والتفجير ؟!
بالطبع لا
والآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال الفقهاء تؤكد ذلك .
ولكن الهدف هو تمييع المعركة مع الإرهاب وجعل الجندى فى حربه مع الإرهاب يحارب بلا عقيدة وبلا دافع , وهذا هو بداية الهزيمة وهذا هو المطلوب .
إن حديث ” إذا ألتقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار ” معناه
إذا تقاتل المسلمان يريد كل منهما قتل الآخر , فهما فى النار لأن كليهما كان حريصا على قتل صاحبه .
أما الواقعة التى نحن بصددها هو قيام معتد أثيم بالاعتداء على آخر .
فهل المطلوب الاستسلام بناء على الفهم السقيم للحديث السابق ؟!
أم أن الواجب هو دفع الاعتداء ولو قتل المعتدى فهو ” فقط ” فى النار , أما لو قتل ” المعتدى عليه فهو شهيد وفى الجنة ؟!
هذا ما تؤكدة آيات القرآن والأحاديث الصحيحة وأقوال الفقهاء
هذا فى الدفاع الشرعى الخاص
فما بالكم يا أولى الألباب بالدفاع الشرعى العام , المنوط به قوات الشرطة والجيش ؟!
هل المطلوب – بناء على هذا الفهم السقيم – من الجندى المكلف بحراسة الحدود المصرية والمنشأت العامة , ألا يتعامل مع أى إرهابى أثيم ؟!
مطلوب منه أن يقول له : أتفضل !!!
لماذا ؟!
لأن الدم المصرى كله حرام !!!
وإذا تعامل مع الإرهابى فكلاهما فى النار !!!
هذا قمة الكذب على الله ورسوله وتحريف للكلم عن مواضعه
فإن دفاع الجندى عن الأرض والعرض واجب شرعى قبل أن يكون وطنيا وذلك بالشرع والعقل .
الختام :
إن دفع الصيال حق شرعى وقانونى وإنسانى , تم تحريفه فى عقول الشباب بواسطة أمراء الإرهاب لجعلهم وقودا للفتنة , لاسقاط الجيوش وإسقاط الدول الوطنية .
وبهذا يتبين لنا ماذا يفعل الجهل الدينى وتغييب العقل بالشباب , يحولهم لعقول مفخخة لتدمير أوطانهم وقتل مواطنيهم وذويهم باسم الدين والدين براء من ذلك .

الهوامش :
1- أنظر : لسان العرب لابن منظور مادة صول ج 8 ص 87
2- أنظر الموسوعة الفقهية الكويتية ج 29 ص 103

بواسطة
محمد حسينى الحلفاوى - مصر
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق