على هامش شهادة الشيخ محمد حسان السلفى المصرى (4-4)

4- عقيدة الولاء والبراء :
الولاء والبراء من القضايا التي أسيء فهمها قديما وحديثا , والدارس لحركات الإسلام السياسي في العصر الحديث , يجد أن هذه القضية احتلت الجانب الأكبر من اهتمام هذه الحركات خصوصا ” الحركات السلفية ” , بل بنيت عليها مسائل كثيرة في منتهى الخطورة , ولذلك لابد من بحث هذه القضية وتفكيكها .
– هل الولاء والبراء أصل من أصول الإسلام ومسألة إيمان وكفر ؟!
– هل هي مسألة عقيدة ؟!
– وهل الولاء والبراء يكون للمبادئ أم للأشخاص ؟!
– وهل نعادى ونبغض ونكره الشرك أم أشخاص المشركين ؟!
– وهل السفر للبلدان ذات الأغلبية غير المسلمة لغرض التنزه يعتبر موالاة للمشركين ؟!
– وهل التأريخ بالتاريخ الميلادي ومدح تقدم الحضارة الغربية يعتبر موالاة للمشركين ؟!
وإن كان مصطلح الولاء والبراء : من البدع المستحدثة , فكيف تحولت هذه البدعة إلى عقيدة يؤمن بها من يدعون أنهم يتبعون السنة ويحاربون البدعة ؟!

أولا : تعريف الولاء والبراء :
الولاء : هو المحبة والنصرة والإتباع والتحالف والتعاون
البراء : هو التباعد والتخلص والتنصل

 

 

 

ثانيا : بعض الفتاوى التي تبين محورية هذه الفكرة عند تيارات الإسلام السياسي :
1- عبد الرزاق عفيفي :
يقول : ” الولاء والبراء … أصل من أصول الإسلام ” 1)
2- د. صالح الفوزان :
يقول : ” من أصول العقيدة الإسلامية أنه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالى أهلها ويعادى أعداءها فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم …. وقد جهل كثير من الناس هذا الأصل العظيم , حتى لقد سمعت بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة في إذاعة عربية يقول عن النصارى , إنهم إخواننا ويا لها من كلمة خطيرة ………….. ومن مظاهر موالاة الكفار : التشبه بهم في الملبس والكلام وغيرهما , الإقامة في بلادهم وعدم الانتقال منها إلى بلد المسلمين , السفر إلى بلادهم لغرض التنزه ومتعة النفس , الاستعانة بهم والثقة بهم وتوليتهم المناصب التي فيها أسرار المسلمين واتخاذهم بطانة ومستشارين , التأريخ بتاريخهم كالتاريخ الميلادي , مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها , مدحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد , التسمي بأسمائهم ” 2)
3- محمد سعيد القحطانى :
يقول : ” لن تتحقق كلمة التوحيد في الأرض إلا بتحقيق الولاء لمن يستحق والبراء ممن يستحق … إنها قضية إيمان وكفر ” 3)

 

 

 

ثالثا : الإفتاء الحضاري :
1- العلامة عبد الله بن بيه :
يقول : (( الوليُّ له معان كثيرة منها المحب والصديق والنصير ويطلق على واحد وعشرين معنى …. وهو لفظ مشترك ، وليس حقيقة لا لغوية ولا شرعية ولا عرفية يتعين حمل الكلام عليها .
وإني لأعجب ممن يناضل عن السنة ويحارب البدعة بدءا من المصطلحات إلى المضامين فهو ينكر المجاز لأنه ما نطق به الأولون فراراً من البدعة ثم يُحْدِثُ مصطلحاً حذر منه السلف ويتكلف له ويحيطه بسياج من الأفعال والمظاهر بدلاً من إجراء الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على مجاريها وفهمها في سياقها لتتضامن مع الآيات الأخرى التي تحث على التضامن مع بقية البشرية كلها في أوجه الخير والتعاون معها في مواجهة الشركما يدل عليه :
– حديث حلف الفضول وحديث فديك :” يا فديك أقم الصلاة وآت الزكاة واهجر السوء واسكن من أرض أقومك حيث شئت ”
– وتدل عليه وثيقة المدينة التي أخرجها ابن إسحاق في سيرته .
وأنكر أحمد بن حنبل إمام أهل السنة رحمه الله تعالى الولاء والبراء قائلاً – كما رواه عنه الأصطخري -: والولاية بدعة والبراءة بدعة وهم الذين يقولون نتولى فلاناً ونتبرأ من فلان وهذا القول بدعة فاحذروه 4) . ” 5)

 

 

 

 

2-د.سعد الدين هلالي :
يقول : ” قاعدة ” الولاء والبراء ” يجب توجيهها إلى معنى موضوعي وليس إلى الأشخاص , فالمسلم يوالى معاني الإسلام ولو كانت من غير مسلم كالإعانة على فعل الخير , والمسلم يبرأ من الظلم ولو كان من مسلم , فالجمع والتفرق يدور مع موضوعات الإسلام وجودا وعدما وليس مع من يحمل صفة المسلم , فالمسلم ليس له حق دائم وإنما حقه في النصرة ساعة تحليه بصفة الإسلام ويزول حق النصرة هذا ساعة ارتكابه للصفة الكفرية أو الظلمية , وكذلك غير المسلم تكون معه وتفارقه بهذا المعنى ” 6)

الخلاصة :
1- الولاء والبراء ليس عقيدة بل ” بدعة ” استحدثها الخوارج قديما وأخذ بها المتطرفون حديثا .
2- الولاء والبراء يكون للأفعال وليس للأشخاص .
أولا : القرآن : ” فإن عصوك فقل إنى برئ مما تعملون ” , ” وأشهدوا أنى برئ مما تشركون من دونه ” , ” إنني براء مما تعبدون ” .
ثانيا : الحديث : قول النبي صلى الله عليه وسلم ” إنى أبرأ إليك مما صنع خالد ” ولم يتبرأ من خالد !!!

 

 

 

3- الولاء والبراء لا ينافى التعاون مع الآخر على الخير
– حلف الفضول : اشتراك النبي صلى الله عليه وسلم في حلف الفضول قبل نزول الرسالة حيث قال صلى الله عليه وسلم : ” لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان , ما أحب أن لي به حمر النعم , ولو دعيت به في الإسلام لأجبت ” حيث كان حلفا لنصرة المظلوم .
– وثيقة المدينة : بين النبي صلى الله عليه وسلم ويهود المدينة بعد الهجرة مباشرة وجاء بها : ” وأن بينهم النصر للمظلوم , وأن بينهم النصر على من هاجم المدينة , وأن يهود بني عوف أمة ” سياسية ” مع المسلمين ”
4- معاملة المواطنين غير المسلمين بالبر والقسط والتعاون والإخاء , ليس شركا ولا يضاد العقيدة السليمة .

الهوامش :
1- من تقديمه لكتاب ” الولاء والبراء فى الإسلام ” لمحمد سعيد القحطانى ص 6
2- أنظر كتاب ” الولاء والبراء فى الإسلام ” د.صالح الفوزان منشور على شبكة العلوم السلفية – المجالس العلمية .
3- أنظر كتاب ” الولاء والبراء فى الإسلام ” لمحمد سعيد القحطانى ص 9
4- أنظر ” طبقات الحنابلة ” للقاضي أبي الحسين الفراء ج1/ ص35
5- أنظر بحث ” الولاء بين الدين وبين المواطنة ” عبد الله بن بيه مقدم للمجلس الأوربى للإفتاء والبحوث الدورة 17 , ص 1, 8
6- أنظر كتاب ” الإسلام وإنسانية الدولة ” د. سعد الدين هلالى , الهيئة المصرية العامة للكتاب , 2012م , ص 291

بواسطة
محمد حسينى الحلفاوى - مصر
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق