فيوضات نورانية من خطب مرشد صوفية الصين

بقلم فضيلة الشيخ محمد عبد الرؤوف اليماني الحسني الحسني شيخ الطريقة الجهرية النقشبندية مرشد صوفية الصين

الخطبة الأولى

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام علي رسوله محمد وعلي آله وصحبه أجمعين . وبعد :

شرح الأمانة في دين الإسلام :

قال الله تعالي في سورة الأحزاب : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا . إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا .لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا }

س : ما هي الأمانة ؟

ج : معني تأدية الأمانة في الشريعة تأدية الواجبات ، نحو : معرفة وحدانية الله تعالي ، وطاعة أوامر الله تعالي ، وإجتناب من نواهي الله تعالي ، وإجتناب من كلمات الكفر ، وإجتناب من صفات النفاق ، وإجتناب من كلمات الكذب ، وتأدية الأمانات إلي أهلها ، وحفظ الأسرار ، وإيفاء الديون بكاملها ، والعدل في التجارة ، وتزكية النفس ، وتقوي الله تعالي ، والإحسان ، والتمسك بالوضوء في كل يوم ، ومعرفة معني الحياء ، وحفظ العنين والأذنين والأنف والفم وأعضاء الجسم من الحرم ، وإيمان باليوم الآخر ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا ، والجهاد في سبيل الله تعالي وغيره ، ألا و إن جميع ما ذكرت آنفا من الواجبات في نطاق ظاهر دين الإسلام .

ومعني تأدية الأمانة في الطريقة إتباع المرشد ، و معني إتباع المرشد إما إتباع الشيخ في الطريقة ، وإما إتباع العالم في الحقيقة ، أي إتباع عالم له درجة الولي ، ألا و إن جميع ما ذكرت آنفا في نطاق باطن دين الإسلام .

ولذالك لابد لأهل السنة والجماعة من تأدية الأمانة في باطن دين الإسلام وظاهره ، يعني لابد لهم من الإجتناب من خيانة في باطن دين الإسلام وظاهره .

س : ما هي الخيانة ؟

ج : مخالفة أصول دين الإسلام ، أي مخالفة القران الكريم والحديث الشريف ، وإتباع النفس والهوي .

س : شروط تأدية الأمانات إلي أهلها ؟

ج : وهي أربعة شروط :

أوّلا : صوم رمضان ، وحفظ العنين والأذنين والأنف والفم وأعضاء الجسم من الحرم . لقوله تعالي في سورة البقرة : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

ثانيا : إيتاء الزكاة ، لقوله تعالي في سورة التوبة { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

ثالثا : حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، لقوله تعالي في سورة آل عمران : { فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }

رابعا : المحافظة علي الوعد والبراءة من الخيانة والتأدية الأمانات إلي أهلها ، لقوله تعالي في سورة النساء : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا }

وإن الإستغفار الله تعالي من جوهر الأمانة ، يعني لابد لكل مؤمن ومسلم من أن يستغفروا الله تعالي لإخوة المؤمنين والمسلمين ، لأن هذا الإستغفار من نطاق تأدية الأمانات إلي أهلها .

وإن الإحسان بأزواجهم وتربية أولادهم وتعليمهم علوم دين الإسلام من نطاق تأدية الأمانات إلي أهلها أيضا .

وإن الدعوة ذوي الأرحام والأصدقاء إلي سبيل الله تعالي وتعليمهم علوم دين الإسلام من نطاق تأدية الأمانات إلي أهلها أيضا .

ولابد لأهل تأدية الأمانات إلي أهلها من الإجتناب من صفات المنافقين ، ألا وإن آية المنافق ثلاث : وإذا قال كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان .

ولابد لأهل تأدية الأمانات إلي أهلها من عبادة الله تعالي ؛ ولابد لهم من الإجتناب من النفس والهوي ؛ ولابد لهم من حفظ العنين والأذنين والأنف والفم وأعضاء الجسم من الحرم ؛ ولابد لهم من الإتباع أحكام دين الإسلام أي أحكام المذاهب الأربعة .

ولابد لأهل تأدية الأمانات إلي أهلها من فعل الخيرات وقول كلام سديد وحب دين الإسلام ، وحب جميع المسلمين ونية جيدة .

يا بني آدم ! أدّوا الأمانات إلي أهلها ، لأنّ تأدية الأمانات إلي أهلها من أصول دين الإسلام ، وإن الخيانة من صفات المنافقين ، والمنافقون أصدقاء إبليس وشياطين ، ولذالك لابد لأهل السنة والجماعة من الإجتناب من الخيانة .

يا بني آدم ! إعلموا أنّ الدين عند الله الإسلام . ولذالك قال الله تعالي في سورة آل عمران : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ .} صدق الله العظيم .

 

شرح الهجرة في دين الإسلام :

الأول : دراسة صفات المهاجرين ، لأنهم الذين هاجروا مع النبي صلي الله عليه وسلم إلي المدينة المنورة ، ومن أهم صفات المهاجرين الإخلاص والصدق والنية الصادقة والتكريس والمحافظة علي الفقر والإتباع .

وإن الله تعالي أمر النبي صلي الله عليه وسلم بالجلوس مع المهاجرين ، لأنهم الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ويريدون وجهه ، يعني إنه تعالي نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن الإجتناب من المهاجرين والجلوس مع المشركين من أغنياء قريش لأن المشركين لايسمعون كلامه صلي الله عليه وسلم ولايفقهون معني كلامه صلي الله عليه وسلم . كماقال الله تعالي في سورة الكهف :{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}

وكما قال الله تعالي في سورة الأنعام : { وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ }

ألا وإن المهاجرين خلاصة هذه الأمة ، وإنهم مصطفون عند الله تعالي ، وإنهم من المقربين ، ولذالك إن الله تعالي ذكّره صلي الله عليه وسلم بإهتمام بالمهاجرين والجلوس معهم .

الثاني : وإن المهاجرين وصلوا إلي الدرجة العلي ، لأن هذا السبب إتبعوا النبي صلي الله عليه وسلم ، وفي هذا الوقت غادروا مكة المكرمة والأزواج والأولاد والأقرباء والأصدقاء فيها والأموال فيها إلي المدينة المنورة ، وإنهم إتبعوا أمرالله تعالي ، لقوله تعالي في سورة النساء : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }

لأن المهاجرين تركوا بيوتهم وأموالهم في مكة ، ثم هاجروا إلي المدينة المنورة ، وسكنوا في الصفة في المسجد النبوي ، ولذالك حياتهم في المدينة المنورة حياة الفقراء وسماهم الناس بأهل الصفّة .

وعلامة المهاجرين ثلاث :

أوّلا : التمسك بحياة الفقر ،  لأنهم أنفقوا أموالهم في طريق دعوة إلي الله تعالي ونشرة الإسلام ، وإنهم نصروا النبي صلي الله عليه وسلم بأموالهم وأنفسهم .

ثانيا : العدل والإحسان ،لأنهم إهتموا بمنافع الآخرين وتركوا منافع أشخاصهم .

ثالثا : التمسك بالإيمان ، لأنهم حفظوا الإيمان بأموالهم وأنفسهم

ولذالك من درس صفات المهاجرين وتمسك بها فقد وصل إلي درجة المهاجرين ، فلابد  لأهل السنة والجماعة من دراسة صفات المهاجرين وتمسك بها .

الثالث : لابد لأهل السنة والجماعة من أن يجعلوا المتقين والصالحين والمقربين قدوتهم ، وأن لايغبطوا الأغنياء ، وأن يشكروا الله تعالي علي كل حال ، وأن يعلموا أن الدنيا دار الفناء والآخرة دار البقاء ، وأن المال والبنين زينة الحياة الدنيا ، لقوله تعالي في سورة : { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}

ولابد لأهل السنة والجماعة من ضيافة الضيوف الكرام ، لأن أهل ضيافة الضيوف الكرام سيضيفهم الله تعالي في الآخرة .

وفي الواقع يجب علي الذين يريدون أن يصلوا إلي درجة المهاجرين والأنصار أن يتمسكوا بثلاثة أصول :

أوّلا : الترك النفس والهوي والإجتناب من الشرك بالله تعالي . يعني إخراج النفس والهوي من القلب ، ومن أخرج النفس والهوي من القلب فلايشرك بالله تعالي .

ثانيا : معرفة حقيقة رسالة محمد صلي الله عليه وسلم ، والإيمان بما جاء به النبي عليه السلام من عند الله تعالي ، وطاعته صلي الله عليه وسلم ، وحبّه صلي الله عليه وسلم ، وتمسك بطريق المهاجرين والأنصار أي دراسة إيمانهم وأقوالهم وأفعالهم وأخلاقهم ، ودعوة الإسلام ونشرة الإيمان ، ورفع كلام الله تعالي أي القران الكريم ، وتوسيع طريق الله تعالي ، والتعاون علي البر والتقوي ، وتنبيه الغفلين من أمة الرسول صلي الله عليه وسلم ودعوتهم إلي سبيل الله تعالي

ثالثا : طاعة ظلاله صلي الله عليه وسلم في الدنيا بلا شرط وإتباعه علي كل حال ، لأن ظلاله صلي الله عليه وسلم في الدنيا الشيوخ في الطريقة ، أو العلماء في الحقيقة إي علماء وصلوا إلي درجة الأولياء .

يا بني آدم ! إعلموا أن الدين عند الله الإسلام . ولذالك قال الله تعالي في سورة آل عمران : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ .} صدق الله العظيم .

والحمد لله رب العالين كماهو أهله , وصلواته علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلامه , وحسبنا الله ونعم الوكيل .

والله ولي التوفيق !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق