في ذكرى يوم الأرض الفلسطيني..
المفسدون في الارض
قال تعالى :” وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) الاسراء
يُخبر الله سبحانه وتعالى اليهودَ ويُعلِمهُم في التوراة بأنه قضى إليهم وقَدَّرَ لهم أن يُفسدوا في الأرض مرتين مع علوٍ كبيرٍ فيهما:
1- الفسادُ الأولُ كان معاونةُ اليهودَ للفرسِ على إستيلائهم على القدسِ وتدميرها وقتلِ عددٍ كبيرٍ من النصارى فيها وتدميرِ كنيسةَ القيامةِ، فتدميرُ كنيسةَ القيامةِ وقتلُ النصارى بمعونة الفرس الوثنيين بغير حقٍ هو الإفسادُ الأولِ في الأرضِ والتجبر بهم والطغيانُ والعلوُ عليهم بغير حقٍ هو العلو الأول. فهدمُ كنائس النصارى يُعتبر إفساداً في الأرضِ لقوله تعالى :” أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)
فلولا دفعُ اللهِ الناس بعضهم ببعضٍ لهدمَ القاهرون أو الظالمون أماكنَ عبادةِ المقهورين أو المظلومين؛ فهدمُ مساجدُ اللهِ وصوامعُ الرهبانِ وكنائسُ النصارى واليهودِ هو من الإفسادِ في الأرضِ، لقوله تعالى :” فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ” البقرة 251
ففسر قولُهُ تعالى في آية الحج قولَهُ تعالى في آية البقرة على أنَّ اللهَ يدفعُ الناس بعضَهم ببعضٍ كي لا تفسُدَ الأرضُ بهدمِ أماكن العبادةِ للمسلمين والنصارى واليهود؛ ففسادُ الأرضِ هو العام وهدمُ أماكنِ العبادةِ هو الخاص
وكذلك لقوله تعالى عن الملائكة المُطَّهرون :” قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ” البقرة: 30 ، ففي الآية الكريمة سفكُ الدماءِ هو من الإفساد في الأرض.
وكذلك لقوله تعالى :” أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا” المائدة 32 فالآية الكريمة تساوي بين القتلِ ظلماً والإفسادِ في الأرض في عقوبة فاعلهما، وهي القتلُ، فالأول يُقتلُ حدًا إذا كان قتلُه غيلةً، وقصاصًا إذا كان مكابرةً، والثاني يُقتلُ حدًا إذا كان إفسادُه بالقتلِ. وقد يقول قائل أنَّ البطشَ والشوكةَ والقوة كانت للفرس واليهود قد استعانوا بهم في تدمير كنيسة القيامة وقتلِ النصارى. أقول أنَّ حُكمَ اللهِ وقضاءه أن تُضرب الذلةُ والمسكنةُ على اليهود لكفرهم وقتلهم الأنبياء بغير حقٍ فلا ترفعُ عنهم الذلة والمسكنة ولا يعلون ولا يظهرون إلا بحبلٍ من الله وحبل من الناسِ .
ثم يقول تعالى فإذا جاء موعدُ عقابُ الإفسادُ الأول، كقوله تعالى :”هَٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ” يس 63، بعث وسلَّط عليهم النصارى الذين كانوا ذوي قوةٍ وبطشٍ شديدٍ في الحروب ففتحوا القدسَ بقيادة هرقل وأعادوا بناءَ كنيسةِ القيامةِ وذهبوا وجاءوا وترددوا بين المساكن وتمكنوا وطردوا اليهودَ منها وقتلوا منهم فكان ذلك عقاباً لهم على ما أفسدوه في المرة الأولى.
ثم بعث اللهُ المسلمين على النصارى ففتحوا القدس ودخلوا المسجد الأقصى في عهد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ومنعوا اليهود من السكن مع النصارى بإيليا (القدس) بطلبٍ من أهلها من النصارى بموجب العهدة العمرية.
إن الله –عزوجل- جعل المسلمين ظاهرين فوق النصارى واليهود ؛لأن النصارى كفروا بالله بزعمهم الأُلوهية إلى عيسى عليه السلام واليهود كفروا بالله بتكذيبهم عيسى عليه السلام وبالهمِ بقتله وصلبه ولكن اللهَ نجاه وطهره منهم.
فإذا أحسنَ اليهودُ إستعمالَ الأموالَ والبنين في طاعةِ اللهِ أحسنوا بذلك لأنفسهم لأنَّ اللهَ غني عن العالمين وإن أساءوا إستعمالها فإنهم يظلموا أنفسَهم ولكنَّ اليهودَ عملوا بمعدنهم الرديء والدنيء فأفسدوا للمرة الثانية والقرينة الدالة على إفسادهم في المرة الثانية هو قوله تعالى :” إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ . وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا”.
فإذلالُ عدوُهم لهم وقَهرُهم وتدميرُ ما يملكوه في المرة الآخرة أي المرة الثانية يقتضي ويستلزم أنهم أفسدوا فسلَّط اللهُ عدوهمَ عليهم عقاباً لهم كما حصل في المرة الأولى، بانتصار الإسلام والمسلمين في المدينة المنورة ببدايات البعثة النبوية.
2-إفسادهم في المرة الثانية هو ظاهرٌ في زماننا هذا بقتل المسلمين وتعذيبهم والتنكيل بهم وبنشر الفساد في العالم كُلِه. وأما مكان إفسادهم الثاني فهو في فلسطين، أرض الأنبياء، وفي الأرضِ كُلِها كي يثبتوا ويديموا بقاءهم ووجودهم في أرض فلسطين، لقوله تعالى :” وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا” الإسراء 104
فالآية الكريمة تُخبر بأنَّ اللهَ –عزوجل- شاء لبني إسرائيل السكنَ في أرض فلسطينَ قادمين من مصر مع نبيهم موسى -عليه السلام- ليرجعَهم إلى موطن أبيهم وجدهم يعقوب وإسحاق عليهما السلام الذي كان فيه قبائل كنعان قبلهما. فأقاموا مملكتهم في أرض فلسطين كما في عهد داود وإبنِه سليمان عليهما السلام ثم تشتتوا وتفرقوا في الأرض كُلِها على يدِ نبوخذ نصر، ثم رجعوا إلى فلسطينَ، ثم شتتهم هرقلَ، ثم جاء بهم الله عزوجل بمشيئته من جميع أنحاء الأرضِ إلى أرضِ فلسطينَ لفيفاً مجتمعين ومختلطين في المرة الثانية من إفسادهم وهي الآخرة كما هو حاصلٌ في زماننا هذا..
نعم هذا الوضع المهين يمكن أن يبعث الحمية ويستنفر الطاقات للعودة إلى المنهج الرباني الذي قضى بأن المسلمين سيدخلون المسجد الأقصى ويزيلوا هذا الطغيان. ربنا إنك ترى حالنا وهواننا الذي وصلنا إليه فلا كرامة ولا احترام لمآذنك وبيوتك وحدودك ،وكتابك يحرق ،وأولى قبلتينا تدنس يوميا ،والموحدين في غزة والضفة تنتهك حرماتهم، وتهدم بيوتهم، والأمم تداعى علينا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فهل اقترب قضاءك؟؟؟؟
أما عدوهم المسلَّطُ عليهم في المرة الثانية فهم المسلمون والقرينةُ على ذلكَ قوله تعالى :” فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ” ، فالله عزوجل يُخبر في الآية الكريمة أن أعداء اليهودُ في المرة الثانية سوف يدخلوا المسجد الأقصى عنوةً كما دخلوه أولَ مرةً صُلحاً لأنَّ دخولهم في المرة الثانية للمسجد الأقصى يكون مقترنٌ بقهر وبإذلال وبخزِيٍ لليهود، ما يفيدُ بأن أعداءَهم في المرة الثانية هم المسلمون لأنَّ اللهَ عزوجل خصهم بدخول المسجد وتحديداً كما دخلوه أول مرة والذي دخل المسجدَ أول مرةٍ هم المسلمون. وفي هذا تظهر لطيفةٌ هامة وهي أنه عندما سلَّطَ اللهُ أعداءَ اليهودِ عليهم في المرة الأولى لم يَذكر اللهُ دخول المسجد لأن المقصود في المرة الأولى النصارى وهم ليسوا مخصوصين بدخول المسجد لأنهم غير مُسلمين وإنما ذكر سبحانه تمكُنَ النصارى في المساكن والذهاب والمجيء بينهم.
بينما في المرة الثانية ذَكر اللهُ سبحانه وتعالى دخول المسجد؛ لأن المقصود في المرة الثانية المسلمون وهم مخصوصون بدخول المسجد للتعبد فيه. وكذا تظهر لطيفةٌ أخرى هامةٌ وهي أنَّ اللهَ عزوجل جعل عقابَ اليهودِ من نفسِ جنسِ العملِ، فعندما طغوا وتجبروا بالنصارى بمساعدة الفرس في المرة الأولى بعث اللهُ عليهم النصارى ليعاقبوهم على ما فعلوه بهم، وعندما طغوا وتجبروا بالمسلمين في المرة الثانية يبعثُ اللهُ عليهم المسلمين ليعاقبوهم على ما فعلوه بهم إن شاء الله تعالى.
فعندما يعودوا إلى الإفساد بإتباعهم الدَّجال، كما رُوي في الحديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: “يتبعُ الدجالَ من يهودِ أصبهانَ سبعونَ ألفًا عليهم الطَّيالِسَةُ”(1) ( الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم – المصدر: صحيح مسلم – الصفحة أو الرقم : 2944 خلاصة حكم المحدث : صحيح)، ينزل عيسى -عليه السلام -عند المنارة البيضاء شرقي دمشق فيقتلُ الدجالَ
عند باب اللُّد الشرقي في فلسطين فيُهزم اليهودُ ويقتلهم المسلمون ويطهروا الأرض من شرهم عندئذ، كما في رواية أبو أمامة الباهلي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم -قال: ( … قيل : فأين العربُ يَوْمَئِذٍ ؟ قال : هم يَوْمَئِذٍ قليلٌ ، . . . وإمامُهم رجلٌ صالحٌ ، فبَيْنَما إمامُهم قد تَقَدَّم يُصَلِّي بهِمُ الصُّبْحَ ، إذ نزل عليهم عيسى بنُ مريمَ الصُّبْحَ ، فرجع ذلك الإمامُ يَنْكُصُ يَمْشِي القَهْقَرَى ليتقدمَ عيسى ، فيضعُ عيسى يدَه بين كَتِفَيْهِ ، ثم يقولُ له : تَقَدَّمْ فَصَلِّ ؛ فإنها لك أُقِيمَتْ
فيُصَلِّى بهم إمامُهم ، فإذا انصرف قال عيسى : افتَحوا البابَ، فيَفْتَحُون ووراءَه الدَّجَّالُ ، معه سبعونَ ألفَ يهوديٍّ ، كلُّهم ذو سيفٍ مُحَلًّى وسَاجٍ ، فإذا نظر إليه الدَّجَّالُ ذاب كما يذوبُ المِلْحُ في الماءِ . وينطلقُ هاربًا ، … فيُدْرِكُه عند بابِ لُدٍّ الشرقيِّ ، فيقتلُه ، فيَهْزِمُ اللهُ اليهودَ ، فلا يَبْقَى شيءٌ مِمَّا خلق اللهُ عَزَّ وجَلَّ يَتَواقَى به يهوديٌّ ، إلا أَنْطَقَ اللهُ ذلك الشيءَ ، لا حَجَرٌ ولا شجرٌ ولا حائطٌ ولا دابةٌ ، إلا الغَرْقَدَةُ ، فإنها من شَجَرِهِم لا تَنْطِقُ ، إلا قال : يا عبدَ اللهِ المسلمَ هذا يهوديٌّ فتَعَالَ اقتُلْه …)) . الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الجامع – الصفحة أو الرقم: 7875 خلاصة حكم المحدث: صحيح ). وقد يقول قائل لماذا لم يصف اللهُ عزوجل إفسادَ اليهودِ مع الدجال بإحدى الإفسادين المذكورين في سورة الإسراء؟
الجواب هو رُغم أنَّه إفسادُ اليهودِ مع الدجال هو أعظمُ فتنةً في تاريخ البشرية إلا أنَّ فتنةَ الدجالِ هي ليست من صُنعِ اليهودِ كما هما الإفسادان الإثنان رغم أنهم يتبعونه ويشاركونه في فتنة الناسِ ولكن هي فتنةٌ لشخصٍ شاء اللهُ أن يبتلي ويمتحن العبادَ به، فأقدره على أعمال خارقةٍ من مقدورات اللهِ تعالى من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره، ونهريه، وإتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كلُ ذلكَ بقدرة الله تعالى ومشيئته إبتلاءاً وإمتحاناً للناسِ.
وهنالك بعض المفسرين المعاصرين فسروا الإفساد الثاني لليهود بأنه هو إفسادهم مع الدجال،
وأقول أن هذا غير صحيح لثلاثةِ موانعٍ:
(1) نوع من الكساء يوضع على العمائم
الأول: بعد الإفساد الثاني يَمنحُ اللهُ عزوجل اليهودَ فرصةً أخرى للتوبة، لقوله تعالى :” فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا . عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ . وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا . وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا “. فالله الرحمن الرحيم يمنحُ اليهودَ فرصةً أخرى للتوبة بقوله تعالى :”عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ”، ما يعني أنه يستحيل أن تكون فتنةُ المسيحَ الدجالِ هي الإفساد الثاني لأنه بعد الإفساد الثاني تكون هنالك فرصةٌ لليهودِ للتوبةِ،
بينما فتنةُ المسيحَ الدجال لا يكون بعدها فرصةٌ لليهودِ للتوبة وإنَّما يَقتلُهم المسلمون فيخلصون العالمَ كُلَّهُ من شرِهم.
الثاني: عندما يأتي موعدُ الإفسادِ الثاني يجيءُ اللهُ باليهودِ إلى أرض فلسطين مختلطين مجتمعين من جميع أنحاء العالم كله، لقوله تعالى :”وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا”. بينما في فتنة المسيح الدجال اليهودُ لا يكونون مجتمعين في مكانٍ واحدٍ وإنما يطوفون ويجولون العالمَ كُلَّه مع متبوعهم المسيح الدجال بإستثناء مكة والمدينة، قال الرسول- صلى الله عليه وسلم- (ليس من بلدٍ إلا سيطؤُه الدَّجَّالُ، إلا مكةَ والمدينةَ، ليس له من نقابِها نَقبٌ إلا عليه الملائكةُ صافِّين يحرسونَها، ثم ترجفُ المدينةُ بأهلِها ثلاثَ رجفاتٍ، فيُخرِجُ اللهُ كلَّ كافرٍ ومنافقٍ.) ( الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم : 1881خلاصة حكم المحدث: صحيح ). ما يعني أنه يستحيل أن تكونَ فتنةُ المسيحَ الدجال هي الإفساد الثاني لعدم إجتماع اليهودُ في أرض فلسطين.
الثالث: عندما يأتي موعدُ الإفساد الثاني يبعثُ اللهُ المسلمين على اليهود فيستنقذون ويحررون المسجد الأقصى من بين أيديهم لقوله تعالى :” فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا”، بينما في فتنة المسيح الدجال لا يستطيعُ اليهود أن يستولوا على بيت المقدس وإنما يحاصرونه لما أخرجه الحاكم وصححه عن أبي الطفيل قال: كنت بالكوفة فقيل: قد خرج الدجال فأتينا حذيفة بن أسيد فقلت: هذا الدجال قد خرج؟ فقال اجلس فجلست، فنودي أنها كذبة صباغ فقال حذيفة: إن الدجال لو خرج زمانكم لرمته الصبيان بالخزف، ولكنه يخرج في نقص من الناس، وخفة من الدين، وسوء ذات بين، فيرد كل منهل، وتُطْوَى له الأرض طيّ فروة الكبش، حتى يأتي المدينة فيغلب على خارجها ويمنع داخلها، ثم جبل إيليا فيحاصر عصابة من المسلمين، فيقول لهم الذي عليهم: ما تنتظرون بهذا الطاغية أن تقاتلوه حتى تلحقوا بالله أو يفتح لكم، فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا، فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم، فيقتل الدجال ويهزم أصحابه. ما يعني أنه يستحيل أن تكونَ فتنةُ المسيحُ الدجال هي الإفساد الثاني لعدم إستيلاءِ اليهودِ على المسجد الأقصى.
لا بدّ للفساد وأهله والشر العالمي وأساطينه وأركان حربه من نهاية ،كي يقوم بعد ذلك حُكم الله في الأرض ويغيش الناس في سلام عادل مشرّف تحت مزلة الاسلام فتتنزّل بركات السماء وتُخرج الأرض ثمراتها وكنوزها وتُشرق الأرض بنور ربّها .
المدافعون عن الأرض
يُحيي الفلسطينيون في الثلاثين من مارس/آذار من كل عام الذكرى (45) ليوم الأرض للتعبير عن تمسّكهم بأرضهم وهويتهم الوطنيّة، بعد أن صادرت سلطات الكيان الصهيوني آلاف الدونمات من الأراضي السكنية الفلسطينيّة، خرجت على أثرها المظاهرات التي توسعت لاحقاُ وأدت إلى مواجهات بين الفلسطينيين و السلطات الصهيونية، انتهت باعتقال ومقتل العديد من الفلسطينيين.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة في الثلاثين من مارس/آذار مقتل 4 فلسطينيين وإصابة المئات برصاص العدو الصهيوني وسط التوتر والاحتجاجات الفلسطينية التي تمتد على الحدود مع الكيان الغاشم.
ويختلف عن يوم الأرض العالمي الذي يصادف 22 أبريل/نيسان، والذي يهدف لنشر الوعي والاهتمام بالبيئة الطبيعية لكوكب الأرض.
ويحيى الفلسطينيون في 30 مارس/آذار، من كل عام ذكرى “يوم الأرض”، الذي تعود أحداثه لعام 1976 حيث صادرت السلطات الصهيونية مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين داخل الكيان الغاشم، وهو ما تسبب بمظاهرات أدت لوقوع شهداء وجرحى.
ومنذ ذلك العام شكل الـ 30 من آذار (مارس) مناسبة للفلسطينيين في الداخل والشتات، ومعهم المتعاطفون في الدول الأجنبية بإحياء ذكرى يوم الأرض، وتجديد تشبثهم بحقوقهم.
وطني كلمة رائعة وبسيطة حروفها قليلة ومعانيها جمّة عظيمة يتملكنا العجز عن حصرها ،فهو هويتنا وفخرنا وملجؤنا الذي نفخربه ونحسُّ بالأمان،وهو الحضن الدافىء كالأم الحنونة التي تحتضن ابناءها وتخشى عليهم من الغدر،وهو نعمة من الله نحميه وندافع عنه ونفديه بارواحنا ،ومهمها كتبتُ من كلمات وأشعار لا يمكن وصف الحب الذي يتأجج في داخل هذا الشعب المناضل .
ولقد علمني وطني بأنّ دماء الشهداء هي التي ترسم حدود الوطن، فيا وطني أحبك لا بديل ،أتريد من قولي الدليل! سيظل حبك في دمي وشرياني،لا لن أحيد ولن أميل،سيظل ذكرك في فمي ووصيتي في كل جيل.
إني اخترتك يا وطني حباً وطواعية
إني اخترتك يا وطني سرّاً وعلانية
إني اخترتك يا وطني
فليتنكّر لي زمني
ما دمت ستذكرني
يا وطني الرائع يا وطني