مدرسة “أزَريف” بإقليم تزنيت..مدرسة علميّة عتيقة لازالت تزخر بالعطاء

في قريةٍ نائيّة أعلى قمة جبلٍ بآيت أحمد نواحي تزنيت تتربّع مدرسة علميّة عتيقة موغلة في القدم، حملت ولاتزال من الرمزية والإشعاع  العلمي والثقافي ما يبوِّءها مكانةً متميزة  قل نظيرها ضمن قائمة المدارس العتيقة بسوس وذلك على مرّ أزيد من ستة قرون من الزمن..إنها مدرسة”أزريف” العتيقة.
مدرسة أزريف
تأسّست مدرسة أزريف حوالي القرن الثامن الهجري على يد الفقيه الشيخ سيدي ابراهيم أفلول، فيما اشتهر – على سبيل المثال-الشيخ سيدي محمد بن يحيى المتوفي عام 1164هجرية كأحد جهابذة علماء أزريف؛ بعد ذلك تواتر تسيير المدرسة   أبا عن جدّ إلى أن صارت اليوم في الآيادي الآمنة للعلامة الفقيه سيدي الحاج محمّْد الشابي الأزاريفي أطال الله في عمره.
الأسرة الأزاريفية مشهود لها تاريخيا بكونها أسرة علمٍ وزهدٍ وشرف تحب العلم وأهله  ويوثرون على أنفسهم ولو كان بها خصاصة؛ وهذا هو السر و الضامن في استمراريتها إلى اليوم لأن النية كانت لله فدام العمل واتصل ولم تكن لغير لله فتنقطع وتنفصل.
وبذلك ظلت مدرسة أزريف العتيقة وما فتئت  تستقطب عشرات طلبة القرآن وعلومه من كل حدب وصوب، تحدثنا إلى بعض منهم، حكوا لنا بصدقٍ، قدِموا إليها من بعيد من مدن شمال المملكة وسطها وجنوبها.. أجمعوا كلهم على مزايا كثيرة جعلتهم يفضلون الاستقرار  بهذه المدرسة بالذات دون غيرها.
أزريف
دخلت المدرسة نظام التعليم العتيق حوالي سنة 2008، وبذلك تضمن لنزلائها علوما  تزاوج بين ما هو ديني ودنيوي عتيق وعصري لأن من  شأن ذلك  أن يضمن لطالب العلم  نيل شهادات تؤهلهم لولوج مختلف مسالك الدراسات الجامعية والاندماج في المجتمع.

“هكذا أمضينا أيام أزاريف الغراء المحجلة فمن صباح الاثنين 16شوال إلى صبيحة الجمعة 20 منه كنا نسبح في فوائد وموائد مما تمدنا به الخزائن والمرائب الأزاريفية صانها الله وصان لها ذلك الكريم الأريحي المدمث الأخلاق، والمعطر الأعراق.”

الكلام هنا للعلامة محمد رضى الله المختار السوسي في الجزء الثاني من كتابه” خلال جزولة ” ،ويؤكده  في كتابه الشهير المعسول حين قال: ” هنا بالخزانة الأزاريفية بقيت نحو ثلاثة أيام لا شغل لي إلا أن يؤتى لي بأكداس من الكتب.. وقد رأيت منها نواذر”.
وأكد الفقيه الحاج محمد الشابي أن الخزانة لازالت  تزخر بنوادر المخطوطات؛ تضم حاليا أزيد من 400 مخطوط  في فنون شتى؛ كمجالات التدريس، الفتاوي الفقهية، شرح سيدي خليل، التفاسير، وكتب الأصول والفرائض والبلاغة…
وصرّح ابنه الحسين الشابي أن الخزانة تستقطب بين الفينة والأخرى باحثين من داخل الوطن وخارجه وحكى كيف أن أحد الباحثين جال أقطاب العالم الإسلامي وراء مخطوط ناذر بدون جدوى؛ ثم وجده فيما  بعد في خزانة  أزريف
هذا غيض من فيض عن مدرسة أزريف العتيقة بآيت أحمد إقليم تزنيت جنوب المغرب ؛مدرسة من كبريات مدارس سوس قدَّمت الكثير للبلاد والعباد ولا زالت على النهج سائرة ، تجاوز اشعاعها المحلي والوطني، فلابد إذن أن تتظافر كل الجهود لإيلائها ما تستحق من عناية.
✍️ أحمد أولحاج-تزنيت

مدرسة أزريف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق