مولانا وحيد الدين خان .. والكنز المخبوء ( 2-4 )

وفى كتابه ” الماركسية التى رفضها التاريخ ” :
قام العلامة المفكر وحيد الدين خان بنقض الفلسفة الماركسية منتقدا نظرتها للإنسان كمادة وتجاهلها للروح والإرادة الإنسانية.

وأثبت تهافت نظرية المادية الجدلية سواء من الناحية العقلية أو التاريخية .
وأوضح أن خطأ الماركسية الرئيسى هو غلوها واعتبارها الجانب الاقتصادى المادى هو الجانب الأساسى والرئيسى فى حركة التاريخ وحياة البشر.

وكيف أنها جعلت الاقتصاد ” الجانب المادى ” هو محور وأساس فلسفتها ليصبح الاقتصاد تلقائيا القضية الأسياسية للحياة , بدلا من أن يبقى فى مكانته الأصلية كقضية عادية من قضايا كثيرة تتعلق بالحياة وتؤثر فيها , ولكن الماركسيين جعلوا الاقتصاد قضية القضايا وفى ضوئه بدأوا يشرحون جميع وقائع الحياة وفى ضوئه أيضا يحددون أهمية مختلف الجماعات والأفراد والقضايا , وأصبح الاقتصاد هو محور كل الصراعات والجهود , فيتلون كل جهد فكرى وعملى بلون الفكر الجديد , وليس معنى هذا أن جوانب الحياة الأخرى تنعدم بعد قبول التصور الماركسى بل هى جميعا تصبح توابع عادية للقضية الأسياسية “الاقتصاد” وتفقد معنويتها خارج إطار ذلك الجانب الأساسى .
وفى كتابه ” خواطر وعبر” :

نجد الفيلسوف والحكيم وحيد الدين خان الذى عركته الأيام والسنون يقول :

– ” المسلمون اليوم هم أبطال الهم والتفكير عن ” الآخرين ” , ولا شخص يريد أن يفكر عن نفسه فلدى الكل قائمة طويلة عن مجرمين ومذنبين من ” الآخرين ” بينما لا أحد يملك قائمة بذنوبه وانحرافاته .. إن الشعب الذى يتمتع أفراده بمزاج “محاسبة الذات ” تكون أموره كلها صحيحة وسليمة , أما الشعب الذى يكتسب أفراده مزاج ” محاسبة الغير ” فإن شئونه تتدهور ومصالحه تضيع , فمحاسبة الذات تصلح الدين والدنيا معا , أما محاسبة الغير فتضيع الدنيا والآخرة معا ” 1)

– “عليك ألا تضيع أية لمحة من الوقت المتاح لك , فأنت صاحب الشهور والسنوات لو جمعت اللحظات من عمرك وأحسنت استخدامها .. ولو أضعت اللحظات فلا شك فى أنك ستضيع الشهور والأعوام 2)

– ” هناك كفايات لا متناهية مودعة فى كل إنسان , ولكن هذه الكفايات تكون راقدة فى بداية الأمر وفى الظروف العادية , ولا تستيقظ هذه الكفايات إلا بالعمل على إيقاظها والسبيل الوحيد لإيقاظ هذه الكفايات هو التصدى للتحديات والمخاطر ” 3)

– ” لو أثبت الإنسان فائدته سيصبح محترما فى أنظار الكل بل وحتى فى أنظار عدوه الظالم الفتاك ؛ فكونك مفيدا ونافعا يجعل حتى الوحوش يكرمونك وينحنى أمامك حتى الملوك ” 4)

– ” طلب الدين الإلهى كامن فى الفطرة البشرية , وهذا هو السر لقوته ؛ فالدين الإلهى يغزو قلوب البشر بقوته الذاتية وليس بسبب قوة المؤمنين القومية أو المادية ” 5)

وفى كتابه “عصر السلام ” :
نجد وحيد الدين خان داعية السلام العالمى ؛ منطلقا من أصول الإسلام الحقيقى فى القرآن والسنة والتى تدعو لإفشاء السلام فى العالم والذى هو اسم من أسماء الله الحسنى .

مؤكدا أن العنف ” كالمستنقع ” الذى يفضل الخروج منه فى أسرع وقت , وأن الأمة التى تمارس العنف تبرهن بكل وضوح على عدم قدرتها على إدارة الأزمات 6)

وأن القضاء على الارهاب يتطلب ” قنبلة أدبية فكرية ” تساعد الناس على تجنب الإرهاب ونبذه وتستحث الإرهاربين على إتباع سبل السلام 7)

مضيفا أننا إذا أردنا أن نستأصل الإرهاب فعلينا أن نعيد بناء وهندسة عقول المتطرفين على مسار وخطى السلام 8)

مؤكدا أنه وفقا لتعاليم الإسلام لا يوجد شك أن الذين يقتلون أنفسهم فى العمليات الانتحارية يموتون ميتة جاهلية ولا جنة تنتظرهم 9)

وأن الأمر الصحيح بالنسبة للجهاد القتالى فى الإسلام , لا يكون إلا فى حالة الدفاع وبما أن الدفاع أمر يهم الدولة فمن النادر وقوعه ” 10)

مقررا أن هناك قاعدتان أساسيتان فى الإسلام هما التوحيد والسلام 11)

ثم يدعو المسلمين إلى إنشاء ” المركز العالمى للسلام ” بعضوية الدول الإسلامية والمؤسسات والأفراد ويكون هدفه تعزيز السلام العادل ودعمه ونشره حول العالم بدلا من العنف 12)

وتقدير لدوره العالمى فى الدعوة للسلام تم تكريمه فى 2016م بمنتدى تعزيز السلم فى المجتمعات المسلمة بدبى وحاز ” جائزة الإمام الحسن بن على رضى الله عنه للسلم الدولية ”

وجاء فى حيثياتها :
” مولانا وحيد الدين خان مفكر إسلامى هندى , نذر حياته لتأصيل ثقافة السلم وتعزيز قيم التسامح الكامنة فى روح الإسلام الصحيح وهدى القرآن الكريم واستلهام السيرة النبوية الشريفة وبرز كشخصية ملهمة فى الحوار والانفتاح على مستوى العالم عندما قاد مسيرة سلام جابت 35 ولاية هندية عام 1992م إثر حالة الانقسام الحاد التى واجهها المجتمع الهندى بعد أزمة مسجد بابرى , وفى عام2001م أسس المركز العالمى للسلام والروحانية الذى يساهم من خلال أنشطته فى جهود السلام وحوار الأديان على مستوى العالم “.

وفى كتابه ” عليكم بسنتى ” :
انتقد موقف البعض الذين يختزلون السنة النبوية فى السواك والجلباب فقط !!
تاركين السنن الحقيقية مثل : ” الزهد فى الدنيا وكظم الغيظ وكبح جماح الغضب والوفاء بالوعد والصبر على المكاره والمثابرة وإتقان العمل والتفكر والاعتبار والإعراض عن الجاهلين والنصح والصفح عن المسئ وعدم الطمع فى المناصب والدفع بالتى هى أحسن وعدم الانتقام ” معتبرا ذلك خللا فى التفكير ” راجعا إلى الدعاية الخاطئة التى جعلت السنة قاصرة على أمور محددة كاللحية والسواك وشرب الماء باليد اليمنى والدخول إلى المسجد بالرجل اليمنى وتقديم اليسرى عند الخروج منه إلى غير ذلك ” 13)

الهوامش :
1- ” خواطر وعبر ” وحيد الدين خان ط1 مكتبة العبيكان بالرياض 1996م ص 9
2- المرجع السابق ص 33
3- المرجع السابق ص 37
4- المرجع السابق ص 87
5- المرجع السابق ص 101
6- ” عصر السلام ” وحيد الدين خان , من منشورات جمعية الرسالة ص 83
7- المرجع السابق ص 96
8- المرجع السابق ص 99
9- المرجع السابق ص 109
10- المرجع السابق ص 162
11- المرجع السابق ص 156
12- المرجع السابق ص 171
13- ” عليكم بسنتى ” وحيد الدين خان ط1 القاهرة 1992م ص 9

بواسطة
محمد حسينى الحلفاوى - مصر
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق