هَجرُ الذُّنوبِ وَرِضا المَحبوبِ
الذَّنْبُ: الإثْمُ والجُرْمُ والمعصية، والجمعُ ذُنوبٌ، وذُنُوباتٌ جمعُ الجمع، وقد أَذْنَب الرَّجُل؛ وقوله، عزّ وجلّ، في مناجاةِ موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولهم علَيَّ ذَنْبٌ؛
عَنَى بالذَّنْبِ قَتْلَ الرَّجُلِ الذي وَكَزَه موسى، عليه السلام، فقضَى عليه، وكان ذلك الرجلُ من آلِ فرعونَ.
الهَجْرُ: ضد الوصل. هَجَره يَهْجُرُه هَجْراً وهِجْراناً: صَرَمَه، وهما يَهْتَجِرانِ ويَتَهاجَرانِ، والاسم الهِجْرَةُ. وفي الحديث: لا هِجْرَةَ بعد ثلاثٍ؛ يريد به الهَجْرَ ضدَّ الوصلِ، يعني فيما يكون بين المسلمين من عَتْبٍ ومَوْجِدَةٍ أَو تقصير يقع في حقوق العِشْرَة والصُّحْبَةِ دون ما كان من ذلك في جانب الدِّين، فإِن هِجْرَة أَهل الأَهواء والبدع دائمة على مَرِّ الأَوقات ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إِلى الحق، فإِنه، عليه الصلاة والسلام، لما خاف على كعب ابن مالك وأَصحابه النفاق حين تخلفوا عن غزوة تَبُوكَ أَمر بِهِجْرانهم خمسين يوماً، وقد هَجَر نساءه شهراً، وهجرت عائشة ابنَ الزُّبَيْرِ مُدَّةً، وهَجَر جماعة من الصحابة جماعة منهم وماتوا متهاجرين؛ قال ابن الأَثير: ولعل أَحد الأَمرين منسوخ بالآخر، ومن ذلك ما جاء في الحديث: ومن الناس من لا يذكر الله إِلا مُهاجِراً؛ يريد هِجْرانَ القلب وتَرْكَ الإِخلاص في الذكر فكأَنَّ قلبه مهاجر للسانه غير مُواصِلٍ له؛ ومنه حديث أَبي الدرداء، رضي الله عنه: ولا يسمعون القرآن إِلا هَجْراً؛ يريد الترك له والإِعراض عنه. يقال: هَجَرْتُ الشيء هَجْراً إذا تركته وأَغفلته.
جاء رسول عمر بن الخطاب من إحدى الغزوات فبشره بالنصر، فسأله عمر بن الخطاب: متى بدأ القتال؟ فقالوا: قبل الضحى. قال: ومتى كان النصر؟ فقالوا: قبل المغرب. فبكى سيدنا عمر حتى ابتلت لحيته. فقالوا: يا أمير المؤمنين، نبشرك بالنصر فتبكي! فقال -رضي الله عنه-: والله إن الباطل لا يصمد أمام الحق طوال هذا الوقت إلا بذنب أذنبتموه أنتم أو أذنبته أنا … وأضاف قائلًا: نحن أمة لا تنتصر بالعدة والعتاد، ولكن ننتصر بقلة ذنوبنا وكثرة ذنوب الأعداء، فلو تساوت الذنوب انتصروا علينا بالعدة والعتاد. قال تعالى:”وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ . لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ ” يس 75
المعاصي سبب كل عناء وطريق كل شقاء
في غزوة أُحد ظهر أثر المعصية ، فبسبب معصية واحدة خالف فيها الرماة أمر النبي – صلى الله عليه وسلم- ،تأخر النصر، وقال سبحانه -:”وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ”. آل عمران 152
فكيف ترجو أمة عصت ربها، وخالفت أمر نبيها، وتفرقت كلمتها أن يتنزل عليها نصر الله وتمكينه؟ وبالمعاصي تدور الدوائر، ففاضت أرواح في تلك الغزوة بسبب خطيئة، وخرج آدم من الجنة بمعصيته، و” دخلت امرأة النار في هرة “فما الذي أهلك الأمم السابقة وطمس الحضارات البائدة سوى الذنوب والمعاصي. قال تعالى:” فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ”.
فالمعاصي سبب كل عناء وطريق كل شقاء ما حلت في ديار إلا أهلكتها ولا فشت في مجتمعات إلا دمرتها وأزالتها وما أهلك الله تعالى أمة إلا بذنب وما نجى وما فاز من فاز إلا بتوبة وطاعة . قال تعالى : ” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ” وقال تعالى : ” وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير”
المعصية عذاب ووحشة، المعصية حتى ولو كانت صغيرة مع الإصرار عليها تعمي البصيرة وتسقط الكرامة وتوجب القطيعة وتمحق البركة ما لم يتب العبد ويرجع خائفا وجلاً . تائباً طائعاً.
قال الشاعر عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذلَّ إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها
قال مجاهد رحمة الله:” إن البهائم لتلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة وأمسك المطر وتقول هذا شؤمه معصية بني آدم”و لا حول ولا قوة إلا بالله. تأمل يا رعاك الله قول الحق سبحانه : ” أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” .آل عمران 165 فالزم يا عبد الله الطاعة والعبودية، يؤخذ بيدك في المضايق، وتُفْرَج لك الشدائد، ولا تجعل أعمالك جُندا عليك، يزداد بها عدوك قوة عليك.
التحذير من إيثار الدنيا على الآخرة
هذه الغزوة تعلمنا كذلك خطورة إيثار الدنيا على الآخرة، وأن ذلك مما يفقد الأمة عون الله ونصره وتأييده، قال ابن مسعود: ” ما كنت أرى أحداً من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم — يريد الدنيا حتى نزل فينا يوم أحد { مِنْكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُم مَّن يُرِيدُ الآَخِرَةَ } ، عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم -قال: “إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء”.
الصراع بين الحق والباطل
في غزوة أُحد تأكيد لسنة الله في الصراع بين الحق والباطل، والهدى والضلال، فقد جرت سنة الله في رسله وأتباعهم أن تكون الحرب سجالاً بينهم وبين أعدائهم، فيدالون مرة ويدال عليهم أخرى، ثم تكون لهم العاقبة في النهاية، ولئن انتفش الباطل يوماً وكان له صولات وجولات، إلا أن العاقبة للمتقين، والغلبة للمؤمنين، فدولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.
والجنة عزيزة غالية لا تُنال إلا على جسر من المشاق والمتاعب، والنصر الرخيص السهل لا يدوم، ولا يدرك الناس قيمته، ولذلك قال الله:” أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ” آل عمران 142
الأخذ بالأسباب
لا بد أيضاً من الأخذ بأسباب النصر المادية والمعنوية مع التوكل على الله والاعتماد عليه، فقد ظاهر النبي – – صلى الله عليه وسلم – بين درعين، ولبس لأْمَة الحرب، وكافح معه الصحابة، وقاتل عنه جبريل وميكائيل أشد القتال، رغم أن الله عصمه من القتل.
تمحيص المؤمنين
من فوائد غزوة أُحد تمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، ومحق الكافرين باستحقاقهم غضب الله وعقابه، وقد جمع الله ذلك كله في قوله:
{ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ }. آل عمران139
قال عبد الله بن محمد القحطاني:
إِيماننا باللَهِ بَينَ ثَلاثَةٍ عَمَلٍ وَقَولٍ واِعتِقادِ جَنانِ
وَيَزيدُ بِالتَقوى وَيَنقُصُ بِالرَدى وَكِلاهُما في القَلبِ يَعتَلِجانِ
وَإِذا خَلَوتَ بِرِيبَةٍ في ظُلمَةٍ وَالنَفسُ داعيَةٌ إِلى الطُغيانِ
فاِستَحي مِن نَظَرِ الإِلَهِ وَقُل لَها إِنَّ الَّذي خَلَقَ الظَلامَ يَراني
قيل للإمام الشافعي: “يا إمام دُلنا على واجب وأوجب؟ قال: واجب الناس أن يتوبوا ، ولكن ترك الذنوب أوجب”.
رضا الله المحبوب
كل إنسان يسعى إلى نيل رضا ربه، والشعور بالراحة والطمأنينة، والابتعاد عن المعاصي، والسير في الطريق الصحيح؛ فالحياة مليئة بالمغريات التي قد تقودنا إلى طريق السوء والبعد عن الله تعالى، وقد يكون جهلنا بما يجب علينا فعله وما يجب الابتعاد عنه سبباً من أسباب السير في طريق المعاصي. كلّ إنسان معرض لأن يخطئ أو يرتكب ذنباً سواء كان كبيراً أم صغيراً، ولكن ما زالت هناك فرصة أمامك كي تتوب، وترجع إلى ربك، وتبتعد عن الذنوب؛ فالله تعالى يقبل التوبة، ويرضى عن عباده التائبين، وخير الناس من يستفيد من خطئه، ويتعلم منه، ولا يعود له أبداً؛ فالحياة مدرسة، نخطئ فيها، ونتعلّم منها الكثير، ومهما كانت أخطاؤنا، فإنّ التوبة الخالصة لله تعالى والأعمال الصالحة تعوّض ما فعلناه من سوء، وتقوّي إيماننا بالله تعالى. هناك الكثير من الأعمال التي يمكنك أن تتقرب بها إلى الله تعالى ويرضي عنك ربك، ومن المهم أيضاً ألا تقطع صلتك بربك، وتستمرّ في عمل الخير، ولا ترجع أبداً لارتكاب المعاصي؛ كي لا يغضب عليك الله تعالى، ولا يقبل توبك. ويجب أن تفعل كلّ ما أمرنا به الله تعالى في كتابه (القرآن الكريم)، مثل: (إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وقراءة القرآن، وحسن الخلق، والتعامل مع الآخرين باحترام، والابتعاد عن المكر والحسد والكره وغيره. فيجب أن نتّقي الله تعالى في جميع اعمالنا مهما كانت صغيرة؛ كي نحافظ على أنفسنا من الوقوع في المعصية والذنوب. ولا يوجد عمل محدّد يجعل ربك يرضى عنك؛ فالله تعالى يحب المسلم الذي يتقيه في كلّ كبيرة وصغيرة، وأن يجعل مخافة الله تعالى بين عينيه دائماً، ويعلم أنّ الله يراقبه، وسوف يحاسبه على أعماله سواء كانت خيراً أم شراً، فأعمال الخير لا حصر لها، وأنت لا تعلم أي عمل منها سوف يدخلك الجنة، ويرفع قدرك عند ربك، ويجعل الله -عز وجل- يرضى عنك، ويدخلك جنته من أوسع أبوابها.
أفضل الأعمال التي ترضي الله
تقوى الله والحفاظ على ذكره الحفاظ على ذكر الله تعالى دوماً يقربك من الله تعالى، وذلك بحفاظك على الدعاء دائماً، وشكر ربك وحمده في السراء والضراء، والحفاظ على ذكر الأحاديث التي أوصانا بها رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم)، ومنها أحاديث: (تناول الطعام، وعند دخول الحمام، وعند الاستيقاظ من النوم، ولبس الجديد، وعند الوقوع في كرب) من الأحاديث والأدعية، وأذكار الصباح والمساء التي تقرّبنا من الله تعالى، وتحفظنا دائماً من كل خطر وسوء.
احرص على قراءة القرآن الكريم كل يوم وتلاوته؛ كي لا تنسى ذكر الله، وتبقى دائماً على علم بمدى ثواب العمل الصالح، وعقاب الأعمال السيئة والمعاصي. تذكّر دائماً أن تلجأ لله تعالى عند كل مشكلة، والإكثار من الدعاء والاستغفار؛ حتى يُبعد الله عنك كل شر، ويخرجك من أيّ مصيبة قد تحدث لك. يجب أن تتّقي الله تعالى في كل شيء، حتى لو كان عملاً صغيراً وبسيطاً في نظرك، فهو كبير عند الله تعالى، وابتعد عن الغش والكذب والسرقة والكره والحقد والحسد، وكل الصفات السيّئة التي تبعدك عن الله تعالى، وتكره الآخرين فيك، وتجلب لك الكثير من المشاكل.
الحفاظ على فروض الله الصلاة هي صلة العبد بربه، وهي من أكثر العبادات التي يحب الله أن يتقرب بها العبد له؛ فالمحافظة علي الصلاة تبعدك عن المعاصي، وتقربك من الله تعالى، ويفضّل أن تحافظ على الصلاة في المسجد وصلاة الجماعة، فأجرها عند الله أكبر وأعلى من صلاة الفرد.
حافظ على قراءة القرآن الكريم، وفهم معانيه وتفاسيره؛ كي تتبع ما أمرنا الله به، وما نهانا عنه، وتفهم الدين بشكل صحيح وسليم.
يجب ألّا تتكاسل في أداء فريضة الصيام؛ لأن أجرها لله تعالى، والله يحب أن يلتزم الفرد بالصيام، والتقرب لله تعالى في شهر رمضان من أفضل العبادات، التي تعجل من رضى الله علينا، وخصوصاً أنّه في ليلة القدر، والتي لو قبلك الله فيها، فسوف يغفر من ذنبك، ويرضى عنك ربك رضىً كبيراً.
لا تنس إيتاء الزكاة؛ فهي تزيد من بركة مالك، وتسدّ بها جوع مسكين أو يتيم، فتساعده في ستر نفسه وأولاده، فذلك عند الله من أعظم الأعمال.
يفضّل التصدق في السر؛ حتى يزيد أجرك عند الله، ولا تحرج من تصدقت إليه بمالك، أو تتفاخر بأنك كريم أمام الناس؛ لأنك سوف تنال أجرك في الدنيا فقط، ويعرف الناس أنك كريم، أمّا الله تعالى فلا يحب أن يتباهى أحد بكرمه أو عطفه على الناس؛ كي لا يذهب ثواب ما فعله من دون أجر. بر الوالدين وصلة الأرحام إنّ رضا الوالدين من رضا الله تعالى.
طاعة الوالدين، والتعامل معهم بلطف وحب، وخدمتهم عند كبرهم ومرضهم، وعدم إغضابهم لأي سبب كان؛ حتى يرضوا عنك ويدعوا لك بالخير. تذكّر دائماً أن والديك هما من ربياك صغيراً، وسهرا على راحتك، وتحمّلوا الكثير من المتاعب كي تكبر، وتصبح إنساناً ناضجاً وناجحاً في حياتك، فيجب أن ترد لهم الجميل، وتكرمهم في كبرهم، وتنال رضاهم عليك.
يجب المحافظة أيضاً على صلة الأرحام وزيارة الأقارب، وخصوصاً في شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى، وعدم قطع صلة الرحم وهجر الأقارب والأخوة. من لم يكن فيه خير لأهله لم يكن فيه خير لنفسه. ابتعد دائماً عن أماكن الشبهات والمحرمات، فمهما كان الشيء المشكوك فيه أنّه حرام صغير فابتعد عنه؛ لأن الخطأ الصغير يجرّك إلى ارتكاب خطأ أكبر منه، وبالتالي سوف تلاحظ أنك ارتكبت الكثير من الأخطاء، وأصبح الخطأ شيئاً بسيطاً وليس كبيراً.
ابتعد خصوصاً عن رفاق السوء؛ لأنهم سوف يؤثرون فيك عاجلاً أم آجلاً، ويجروك إلى طريق المعصية والخطأ. كن دائماً مصدر خير وفرح لمن حولك؛ حتى يحبك الناس، ويدعون لك دائماً بالخير، ويذكروك بالخير في حياتك وبعد مماتك؛ فالإنسان لا يدوم له بعد الموت إلا الذكر الحسن والعمل الصالح. هذه كانت أهم الصفات والواجبات التي عليك اتباعها؛ حتى يرضى عنك الله تعالى، فكلّ عمل يكمل الآخر، ولا يوجد عمل محدّد يجعل ربك يرضى عنك، ويضمن لك الحصول على الثواب والرضا من الله تعالى، فعندما تكون شخصاً صالحاً، وترضي والديك وأهلك ومن حولك، وتعيش بما يُرضي الله، سوف يحبك الله ويحبك عباد الله، ويَرضى عنك ربك، ويزيد من أجرك وثوابك أضعاف مضاعفة. لذلك، احرص دائماً على أن تكون قدوةً صالحة للآخرين، وألّا تبتعد عن الله، مهما كانت المغريات في الحياة، ومهما كانت حياتك صعبة، فكلّما أحببت الله وتمسكت بدينه، وطبّقت شرعه في الأرض، زاد حبّ الله لك ورضاه عنك. وتذكّر دائماً أنك عندما تكون إنساناً صالحاً، فسوف تنفع نفسك أولاً، وتنفع من حولك ثانياً، وعندما تكون إنساناً فاسداً سوف تضر نفسك، وتضر غيرك، ويغضب عليك ربّك ومن حولك.
اللهم رضاك والجنة!