وطني.. بين مطرقة جائحة كورونا و سندان الفساد
بات الوضع الوبائي في تونس مقلقا جدا لاسيما مع ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا المستجد في بعض بلدان العالم، ذلك ما ينبئ بوضع وبائي كارثي في الأيام القليلة القادمة. غير أن تأزم الوضع لم يمنع المتاجرين بآلام الفقراء من البروز على السطح وممارسة سلوكاتهم اللاأخلاقية في حق أبناء جلدتهم.
فلمّا استحال تأمين تحاليل كورونا داخل المراكز الحكومية فقط (مستشفى شارل نيكول، مستشفى عبد الرحمان مامي، مستشفى سهلول سوسة، معهد باستور) وسمحت الدولة للمخابر الخاصة القيام بهذا النوع من التحاليل، برزت مظاهرالفساد الإجرامية متمثلة في محاولة بعض المخابر الخاصة التربح من الوضع الوبائي واستغلال ضعف الرقابة وحاجة المواطنين الملحة لإجراء التحاليل فتجرؤوا على الترفيع في أسعار تحاليل تقصي فيروس كورونا إلى حدود 400 دينار(حوالي 145دولارا) عوضا عن 209 دنانير (حوالي 76 دولارا) مثلما هو محدد من وزارة الصحة .هكذا سلوك دنيء في مثل هذا الوقت هو بلاشك خيانة للوطن الذي يكابد جائحة كورونا وجرم في حق الشعب ومتاجرة واضحة بآلامه في ظل محنة عنيفة ألقت بظلالها على الإنسانية جمعاء.
الأسعار المشطة الّتي تستنزف جيوب المواطنين ليست الثغرة الوحيدة في عمل المخابر الخاصة، فالأخطاء المتكرّرة والنتائج المتناقضة تفتح باب الشك في مهنية ومصداقية هذه المخابر على مصرعيه خاصة في الآونة الأخيرة الّتي ازداد فيها عدد المصابين ارتفاعا. فقد يتحصل الشخص الواحد على نتيجتين متناقضتين، الأولى سلبيّة والثانية إيجابية في يوم واحد، أو أن يتحصل شخص على نتيجة تحليل سلبيّة وبعد بضعة أيام يعلمه أعوان المخبرأن نتيجة تحليله إيجابية وهذه الأخطاء تشكل كارثة على صحة المواطنين وتساهم في تضخم عدد الإصابات عن طريق الاختلاط بحاملي الفيروس الناجم عن أخطاء نتائج تحاليلهم.
وهو ما يفضي إلى أن النسب المصرح بها من الحكومة بشأن المصابين بالجائحة تفتقر للدقة والواقعيّة.
من رحم الأزمة الصحية ولدت أزمة أخلاقية تغذّت من أوجاع المواطنين وترعرعت على مخاوف الفقراء الّذين عمّقت التجاوزات في أسعار وسائل الحماية من جائحة كورونا محنتهم فارتفاع ثمن الكمامات الواقية والسائل المعقم أثقل كاهلهم ووقفوا عاجزين عن توفير هذه الوسائل الوقائية التي تعد السلاح الوحيد في مجابهة هذه الآفة.
ألم يأن الآوان بعد ليبرأ وطننا من مثل هذه السلوكات الأنانية وأن يتنفس الشعب عبق الأمان؟ ومتى سنصنع نهضة حقيقية شاملة تقطع مع كل سبل الفساد..؟