يا ليت قومي يعلمون

أعتقد أن ماهو أخطر من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلداننا العربية، هو أزمة الأخلاق و القيم. إنحدار أخلاقي ذاك الذي أصبح يفتك بأوصال الشعب العربي. لقد تفشت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة بشكل أصبح يدعو للاشمئزاز و التقزز و حتى العار، فعار على أمة محمد،صاحب الأخلاق و الشيم أن تتطبع بطباع خلنا أنها اندثرت ببزوغ شمس الإسلام. لكن هيهات، فكل من فيك يا بلدي من سياسيين و إعلاميين و أشباه مثقفين غدا يغذي هذا الإنحطاط السلوكي.

برامج إعلامية تمارس كل أنواع الرذيلة، دون استحياء، على الملأ، منابر و خطابات سياسية و إعلامية تدعو و بشكل صريح و مباشر إلى الضرب عرض الحائط بتعاليم ديننا السمحة، إستراتجيات فاشلة تحرض على العنف و الفساد و الإنحطاط الأخلاقي، سعي دؤوب لطمس كل ما يتعلق بالدين الإسلامي و التسويق له على أنه عنوان الإرهاب و التطرف و الظلم. كل هذه الأساليب تمارس على شعب معظمه من السذج، فيتلقى هذا الغزو الفكري دونما تدبر، مستغلين بذلك ضعف الوازع الديني لدى أغلبية الشباب و حالة البطالة و الفراغ لدى معظمهم. فعوض أن توجه طاقاتهم إلى الخلق و الإبداع و خدمة البلاد و العباد، ٱستغلت هذه الطاقات في استنباط المزيد من الكلام البذئ في الشارع و التفنن في أساليب الغش و السرقة و التحرش، و بدل التنافس على الدرجات العلمية و استباق الخيرات، أصبح موضوع التنافس التعري و العري و حفظ ما أمكن من الأغاني الهابطة و الألفاظ السوقية. انقلبت الموازين في أوطاننا فغدا الشاذ معتادا و إهانة كبار السن ليس بالأمر الجلل و عدم إحترام الآخرين مدعاة للتفاخر و العنف اللفظي و الجسدي عنوان للقوة و “الرجولة”.

إرتفاع معدلات الجريمة، عدم الانظباط في العمل، عدم إحترام القوانين و الأولويات، إهانة المقدسات،و الفوضى… مظاهر سوداوية أصبحت تنسب الى بلداننا العربية، بعد أن تلاعب مترفوها و أباطرة الفساد فيها بعقول زهرة شبابها فسفهوا أهدافهم و ميعوا قضاياهم و حادوا بهم عن طريق الصواب.

أملنا كبير أن تستفيق هذه الأمة يوما ما فتستعيد مجد الأجداد و تسير بالبلاد نحو التقدم و الازدهار.

بواسطة
سوسن سعيدان - تونس
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق