《تداووا بالحب》
عبث أن تتراجع القيم الإنسانية والحب والتواصل الإنسانى الحقيقي وتضحى حياتنا هكذا تُسيطر عليها المادة والبراجماتية.
المشاعر الإنسانية الراقية تُوارى عوار أنفسنا، تُجملنا، تُخفف حدة النزعات العدائية لدينا، تجعلنا المخلوقات الأرقى.
ويا للمفارقة فشركات المحمول تتسابق على طرح أفضل العروض لتشجيع الناس على التواصل ولكن هيهات فتلك العروض يبدو أنها مفيدة للعشاق فقط، أما فى المطلق فلقد تراجع التواصل بين الناس وأما بين ذوى القربي فبكل أسف اندثر بينهم تقريبًا الود رغم كل هذا التيسير فى سبل الإتصال، والبعض يضن بوقته علي قريب له أو صديق ويُعد محادثته له مضيعة للوقت بل وتفننت الناس فى القطيعة فباتت تسخر هواتفها للتظاهر بعدم التواجد مخافة أن يُبادر أحدًا ويُحادثهم؛ أمور صادمة حقًا أن تتراجع معدلات الحب والمودة بين الأقارب والأصدقاء و الناس عمومًا بهذا الشكل ويتمركز الفرد حول ذاته، لذا لا تسأل عن البركة والسعادة فهما مفهومان لا ينبعان إلا من رحم القيم الروحانية والإنسانية النبيلة؛ أما أن يتحول الإنسان إلى كائن جامد باراجماتى آلى فإنه يكون عادل جدًا أن تؤول حياتنا إلى ما هى عليه الآن وأن لا يشعر الإنسان بالسعادة وتعج حياته بالقلق والهم والإضطراب فقد قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم:-
“من سره أن يُبسط له فى رزقه أو أن يُنسأ له فى أثره فليصل رحمه”
صدق رسول الله صل الله عليه وسلم.
ومن أقوال
“جورج أورويل” ذلك المتكهن السابق لعصره والتى تصف حالنا اليوم:-
” أنه لن يكون بوسعك أن تشعر بعاطفة إنسانية، وكل شئ بداخلك سوف يموت، ولن تكون أبدًا أهلاً للحب أو الصداقة، أو السرور بالحياة أو الضحك، الفضول، الشجاعة، الاستقامة، بل ستكون أجوفاً فارغاً.. الحرية عبودية والآدمى الحر الوحيد مغلوب دائمًا على أمره.”
نعم فلقد أضحت الحياة تسير فى قالب صاخب جامد سريع مريب لا يعبأ لقيم الحب والمودة بين الناس. والعجيب أن ثمة راحة نفسية تنبعث فى نفس الإنسان حينما يُقدم علي القيام بأى عمل روحانى أو إنسانى بل إن ذلك هو السبيل إلي السعادة بلا منازع ولكننا بسب ضغوط الحياة تحولنا إلي ألة تعمل لجلب المال فلم يعد للقيم مكان بيننا ولكن المادة ليست هى التى تحقق السعادة والراحة النفسية وإلا ما كانت كثير من الدول المتقدمة فى مقدمة الدول الأعلى معدل فى الإنتحار والإكتئاب.
حقيقةً مابين السعادة المنشودة والاغتراب والقلق الذى نحياه جسر كبير يجدر بنا أن نعبره لبلوغ سعادتنا ولكن ذلك لن يكون إلا بالحب؛ لذا تداووا بالحب.