المسيح وأسنان الكلب

روي أن النبي عيسى (عليه السلام ) كان قد مرّ في أحد الايام على جيفة كلب، وكان معه تلامذته من الحواريين، فغطوا آنافهم وقالوا: أفٍ أفٍ، ما انتن ريحه! فنظر عيسى عليه السلام إلى الجيفة ولم يرَ شيئاً سالماً غير أسنان بيض، فقال موعظته : ما أشد بياض أسنانه!

في هذه القصة نجد مجموعة من العبر والدروس اللطيفة التي لابدّ لنا من تعلمها واتباع أحسنها، خصوصا في هذا الوقت الحرج الذي تمر فيه البشرية بفقدان الجانب الإنساني بشكل غريب! فالنبي عليه السلام يريد أن ينهى عن السباب والبغضاء والغيبة حتى للكلب الذي تحول إلى جيفة، فهذه الأشياء من أرذل العادات وأسوأ الأفعال التي صارت ديدنا ومنهجا لكثير من الناس للأسف الشديد!

كما أن النبي عيسى يريد أن ينبه تلامذته وينبهنا من بعدهم أنه ينبغي أن نذكر من الأشياء أحسنها وليس اسوأها، حتى لو كانت السيئات أكثر من السيئات. فإذا كان عيسى النبي ينظر إلى جيفة الكلب بهذه النظرة الجميلة، فكيف بنا نحن الذين نتعامل مع الإنسان الحي وليس الجيفة، الإنسان الكامل الخلقة، الذي يمتلك عديد الصفات الحسنة ونحن ننظر فقط إلى سيئاته القليلة جدا ونحاول ان نبرزها ونشهر بها أمام الناس!!

نسينا الإحسان إلى الناس، وصارت عادتنا اقتفاء عيوبهم، وتركنا التفضل بالجميل واتينا التعامل بالمثل وهو ليس من شيم المحسنين التابعين لسيرة الأنبياء والصالحين.

إن الإحسان للمسيء ونسيان هذا الإحسان قربة إلى الله، وكذلك نسيان اساءات الناس إلينا وتذكر فقط احسانهم أو تذكر اسائتنا السابقة لهم، سوف يساعد كثيرا على إبقاء التراحم والتوادد ويزيد من نشر ثقافة الرحمة والعطاء والتواصي بالخير والتعاون على البر والتقوى. الأمر الذي يستحسنه كل البشر بغض النظر عن دينهم ولغتهم ومذهبهم.

بواسطة
غفار عفراوي - العراق
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق