غربة وطن القرن 21
كل المستندات التي يكتسبها الفرد في الرقعة الجغرافية التي ولد ثم ترعرع فيها تضمن له حقوقه كمواطن ، ثم تقتل حسّ المواطنة فيه دون شفقة ، فإرتباط الدولة بكل خصوصيات الفرد ، و انتقالها لإعدام الحريات بطريقة عمودية عقيمة تسحب من الضخية(نحن) ثقتها في الوسط الذي وعدها و لم يفي بالوعد ..
فكرة المواصلة في الحرب من أجل وطن حرّ هي أنبل فكرة يمكن للبشر ان يعيش لأجلها ، لكنها أصبحت معنونة و مقنّنة ، فسقط قناع الحرية الزائف في وحل الخيانة ، الذي صعب على المرء حتى نبشه بأصابع قدميه . كانت الضوابط و القوانين اسباب نضال عندما كانت الأمور مشوّشة عند الجميع ، لكن نفس الضوابط و القوانين أضحت طُعما لشعب جريح ، يسقط تارة و تارة يضمد جراحه في نفس الوحل المتسخ ، و يواصل المشوار نفسه ، دون مستقبل واضح و دون حلولا مكتوبة ، دون ترتيبات مناسبة للعصر اصلا . نحن نمارس الجهاد الجاهلي ، الجاهل و المزعوم ، و بمنهج تعليمي اخرق ، نريد تكوين جيل صالح ..تبّا!
الاعتراف و الإقرار بالهزيمة يسحبان شباب الوطن لشواطئ أخرى، غير شواطئ بلده ، و الوقت هو السبب الوحيد في كل هذه المأساة ، عليك الاختيار اما ان تجذّف بيدك المبتورة في بحر شاسع ، مضلم ذو أمواج كافرة لا تبالي ، لكن فوقك سماء الوطن تمطر أملا و امتنانا احيانا ، أو أن تقطع يديك المتورمة ثم تقطع الأمل نهائيا من فكرة ولدت و عشت تحلم بها و ترحل ..
كان وطني في الطفولة عبارة عن ألعابي و مدرستي الكبيرة الملونة ، المجاورة لجامع و كنيسة ؛ جارتي الأفريقية سمراء البشرة ، التي لطالما ربّتت على كتف جارتنا الأخرى البيضاء الأرملة الباكية ، أصبح الوطن الان جدرانا بين الجارتين ؛ تكفيرا و مجزرة بين الجامع و الكنيسة و اما ألعابي .. فهي الان خردوات في الطريق العام تطلب النجدة.