شواذ القطاع الفنّي

يقول نيتشه ” لقد اخترعنا الفن لكي لا نموت من الحقيقة ” ، الفنّ هو المرساة التي تجزم توازن زورق الحياة و تضمن له استمرارية معادلة عويصة ؛ التّماهي و التّأرجح مع الصّمود و الصّلابة في آن واحد . كل أساليب الفنّ و مدارسه خُلقت لتكون ترياق للواقع و للحقيقة ، و العكس غير مقبول . هو الدّين الأشمل ، فلا يوجد فنّان زنديق ، بَطِر أو كافر ، إذا ما اعتنق المرء فنون الحياة ، سُحقت كل أخطائه السابقة اذ لا يتطلب الفن ّ معايير دقيقة ، هو السّلس الذي يتأقلم و لا ينتظر تأقلم الآخر ، هو المرن المتسامح في كل مصاعب الحياة ، تجد لحنًا ، قافية ً ، آلة تتقاسم معك الانين ، تعانقك بكل أوتارها ، ترتّب دقّات قلبك الضائع حسب إيقاعها و تحوّل المأساة الفرديّة الى نشوة جماعية نتقاسمها ..

الفن اكبر من الأفراد ، هو اعمق من الشّخصنة ، و بريئ براءة الذئب، من كل الأمراض النفسية الآدمية ، أُناس الضّياع ، بائعي الهوى الفنّي .

شواذُّ القطاع الفني هم رذاذ البقايا الذين استسلموا لأمراضهم و دنّسوا صراط النعمة الوحيدة بنجاسة الواقع .
أينما حلّ الجهل ، حلّت النجاسة..

عشّاق ” الفلس” و عشّاق ” الغادة” هم اوغاد العصر و لا دواء لهم غير سحب آلاتهم، ابياتهم، مسارحهم .. منابرهم و طالباتهم منهم ، تحت شعار ” الفن للجميع ” يخرج المكبوت يزأر فينجّس العرين و الأسود جميعا ..
لا خلوة لهم و لا وحي فنّي ينزل على من لا مبدأ يحتويه . هم عناكب السّاحة يدرسون المساحات جيدا ، يختارون الضحية ثم يمتصّون ما في الجسد من خلايا و يتركونه خاوٍ وحيد ..

الطب ، التعليم ، الهندسة ، المحاماة ، المحاسبة و الموسيقى ، المسرح ، الرقص ، الرسم ، و الدين كلهم فنون عملاقة لا تقبل بتنكيلها ابدا ، و الشّاذ ..لا يحفظ و لا يقاس عليه .

بواسطة
غالية كامل - تونس
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق