تحوير الى ما لانهاية
أكاد أقول إننا شعب لا يعرف قيمة الوقت.. بدليل أن يقول لك أحدهم: قابلني بعد العشاء.. أو قابلني بعد العصر!!.. أو إذا سألتَ واحدًا عن شارع معين وأين يقع قال لك: كلها فركة كعب!!. والمشكلة أن مَن لا يعلم لا يعترف بذلك، بل يتبرع بالفتوى.. حتى تضيع.. فى اللف والدوران، وكنا نضحك لما قرر البارودي ألا يرد على أحد.. فكتب على بابه: ورحمة الله وبركاته.
ومن المصريين مَن يستوقفك، أو يدق باب مكتبك قائلًا: لو سمحت دقيقة واحدة، أو أرجوك اسمح لى بخمس دقائق.. فإذا سمحتَ له.. انطلق يروي لك حدوتة لا تعرف أولها من آخرها. ومرة استوقفني رجل راجيًا أن أعطيه أذنى لدقيقة واحدة.. وأتذكر هنا أنني وافقت.. ووقفت لأستمع إليه.. وأنا أنظر إلى ساعتي، ولما مضت الدقيقة وقفت وأنهيت الحديث وأنا أقول له: لقد انتهت الدقيقة.. فهل نحن لا نعرف قيمة الوقت، وأين نحن من الألمان وهم أكثر شعوب الأرض التزامًا بالزمن؟!.
وقرأت قصة مؤخرا يرويها أحد الزملاء لى أنه كان فى معهد الصحافة ببرلين، وذهب إلى طبيب العيون، ولم يحسب الوقت، وتأخر عن موعد المحاضرة.. ولما وصل متأخرًا خمس دقائق وفتح باب المحاضرة.. لمح شفايف الأستاذ المحاضر وهو يهمس: إجبتين.. يعنى آه أنت مصري.. أى بسبب تأخره هذه الدقائق الخمس سمح للأستاذ بأن يهين المصريين ويسب. وكانت نتيجة ذلك أنه أصبح يتعمد الوصول إلى قاعة المحاضرة مبكرًا عن موعدها حتى لا يهين أحدهم شعب مصر!!. والألمان هم ملوك احترام الزمن فى العالم كله.
والألمان- مثل اليابانيين- يقدسون الوقت.. فإذا طلبتَ مقابلة أحدهم ورجوتَه أن يعطيك من وقته خمس دقائق.. خلع ساعته، ووضعها أمامه على المكتب، وسمح لك.. ولكننا لا نعرف كيف نحترم وقتنا ووقت الآخرين. ولذلك أود التعريف والتذكير انه اذا قام أحد منا بحجز موعد عند طبيب فى ألمانيا، ووصل فى الموعد، سيجد الممرضة تنادى عليه، ولذلك لا نجد أى زحام، حتى عند الأطباء.. وهذا على عكس كل الأطباء عندنا، فالطبيب يحدد لك الموعد.. ولما تذهب تجد أن الطبيب نفسه لم يحضر بعد.. ولن يستقبلك إلا بعد ساعتين، ولذلك نجد عيادة الطبيب ممتلئة، حتى إن من المرضى مَن يقفون على السلم المؤدى إلى عيادة الطبيب!!.. ولن نجد علاجًا.
ويتجلى عشق الألمان للوقت فى انضباط مواعيد وصول الأتوبيسات، وتجد ذلك واضحًا فى المحطة التى يقف عندها سائق الأتوبيس، ونفس الشىء فى مواعيد القطارات وعربات المترو وهكذا..