الرئاسة الثالثة.. ليست مكسر عصا
فجأة، ومن غير ميعاد، ضرب القاضي صوان على الوتر الحساس في قضية انفجار مرفأ بيروت، فخلط الأوراق بادعائه على رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب، وعلى غيره من الوزراء!
مما استدعى حملة تضامن واسعة مع الرئاسة الثالثة، بغض النظر عن الرئيس! وكانت بدايتها، عندما زار دولة الرئيس سعد الحريري – المكلف بتشكيل حكومة المهمة – السرايا، تلاها اصدار سماحة مفتي الجمهورية بيان دعم وشجب.
كما فعل ذلك كل من الرئيسين السنيورة وسلام. حتى حزب الله وحركة امل، استغربنا واستهجنا ذلك سائلين عن وحدة المعايير.
لكن! السؤال ما هي أبعاد قرار القاضي صوان؟ هل فعلا البحث عن الحقيقة والحقيقة فقط؟ أم هو تأمين التضامن والدعم لدياب، لتعويم الحكومة لاحقا؟
أم الهدف هو إظهار المكون السني انه لا يريد الحقيقة، ويوضع بين المطرقة والسندان؟
مطرقة معرفة من هو المسؤول عن انفجار مرفأ بيروت، بدءا من شاحنة الموت المحمولة بالنيترات، مرورا بكيفية تخزينها في العنبر 12، وصولا الى التفجير وتدمير بيروت. وسندان ان الرئاسة الثالثة، هي أضعف الرئاسات ومن خلالها نظهر للعالم اننا في دولة قانون تحاسب الفاسدين وقضاؤها نزيه، فنكون أبطالا من كرتون.
القضية الان صورت وكان السنة ضد العدالة، وضد الحقيقة. وهذا غير دقيق ويحق لنا هنا ان نسأل: لماذا دائما جدار الرئاسة الثالثة واطيا؟ كما يقول: المثل الشعبي (حيطه واطي).
فعند اغتيال رفيق الحريري، في14 شباط 2005، استقالت
الرئاسة الثالثة تحت وقع ثوار 14آذار. وكان عمر كرامي رحمه الله يومها الرئيس، فيما رفضت الرئاستين الأولى والثانية، الاستقالة. وقيل يومها ان البطريرك رفض استقالة رئيس الجمهورية تحت ضغط الشارع، ويومها كان رئيس الجمهورية اميل لحود الذي قال للنائب والوزير احمد فتفت (بدي فتفتك).
جاءت ثورة 17 تشرين، استقال سعد الحريري تلبية لمطالب ثوار 17 تشرين، لكن ايضا رفضت الرئاستين الأولى ممثلة بميشال عون ، والثانية ممثلة بنبيه بري، الاستجابة لمطالب الثوار. واتضح ايضا ان البطريرك الراعي ضد استقالة الرئاسة الأولى تحت ضغط الشارع.
الآن لبنان يترنح على شفير الانهيار، فلا حكومة جديدة! لان الرئيس المكلف ينتظر ملاحظات رئيس الجمهورية، ورئيس الجمهورية ينتظر كما يقول رأي الرئيس المكلف على اقتراحاته.
لم تجر انتخابات نيابية لملئ المقاعد التي شغرت باستقالة بعض النواب عقب انفجار المرفأ! وبرأيي لا انتخابات في المدى المنظور، لان بعض الاطراف وضع القانون الانتخابي على الطاولة مطالبا بتعديلهرغم حداثة اقراره!
أضف الى ما سبق الحديث عن الاغتيالات، والتفجيرات الأمنية فقد عاد وبقوة ومن أعلى مرجعيات أمنية!
لقد بات اللبنانيون على قناعة، ان لا نهضة للبنان ابدا في المدى المنظور، وخاصة بعدما ترنحت المبادرة الفرنسية، وظهر الرئيس ماكرون ضعيفا غير قادر لا على الضغط ولا على اصدار العقوبات التي هدد بفرضها على المعرقلين لمبادرته.
أيام تفصلنا عن زيارة جديدة لماكرون، الى لبنان في الثاني والعشرين من الشهر الحالي و اللبنانييون خائفون من الغد، خائفون من رفع الدعم في آخر الشهر! فهل تكون عيدية اللبنانيين الخروج من المأزق ام الدخول رسميا في الانهيار؟
وما الجدوى من زيارة ماكرون ان لم تنج حكومة؟ فهي ستبقى جعجعة ان لم يكن هناك طحين!