دموع مدينة ..

منذ اندلاع ثورة فبراير عام 2011 والتغني بحرية الإنسان، والسعي قدماً لبناء دولة القانون والمؤسسات.

ورغم انتصار الثورة الانتفاضة، لم يتغير حال مدينة ” مرزق ” الجريحة والمنكوبة منذ اماد طويلة، تقاسي أوصاب الالم القديم منذ عهد القذافي، والى الان لم يتغير شيء، رغم صبر اهلها الطويل فهي اليوم ليست بخير، اشبه بمريض اثخنته الجراح واعيا سقمه الطبيب المعالج .

مدينة كان يصارع اهلها أطفالا ونساءً، شيباً وشباباً، زوابع وعواصف لا تتوقف، غابت البسمة على الشفاه، وصدى ترانيم الاطفال واهازيج الافراح، اناس منهمكون في حصاد زرعهم ، وتدبير لقمة عيشهم، منهم من وجد له عمل بمؤسسات الدولة، وكثير منهم يعانون البطالة. وشباب لم تسمح لهم ظروف العيش القاهرة مواصلة دراستهم ، وآخرون وجدوا في الانتساب للمؤسسة العسكرية سد رمق .

هنا في مدينة  ينتشر الخوف، ويغيب الامل في تحقيق الأمن، لقد اصبحت ظاهرة انتشار السلاح وحديث لغة الرصاص عنوانا، وبات من يمتهنون مراسم السطو والحرابة وعمليات الخطف المتحكمون في مفاصل الحياة، ولا يمر يوماً إلا ويحمل خبر من جرفته وحشية المكان، دون رادع لأولئك الذين سمموا حياة الامنين المسالمين .

ثمان سنوات مضت وسكان المدينة  يصارعون بصبر وغصة سكنت قلوبهم، وعندما بلغ السيل الزبا، أنفجر بركان الصمت الطويل القابع في جوفهم، ضد من سلبهم الامن والكرامة،  وانتهك حرماتهم، وبدأت المواجهة مع القدر المحتوم، لتزف أكثر من 45 شهيدا من اهلها  سقطوا دفاعاً عن عرضهم ، وفي سبيل حماية ذويهم . وبعد اربعة اشهر من نزيف متواصل .

اضطروا الى ترك مدينتهم، وباتوا جميعا مهاجرين، ونازحين في اصقاع قرى ومجاهل فزان، بعدما تركوا ورائهم مدينة منكوبة كانت يوما ما تعج بالحركة والحياة ، وأكثر من 35000 الف  انسان قذف بهم  في مواطن الشتات ، تركوا ذكريات عهود وازمان ، ومنازل صارت خرائب ، وشوارع من دخان ورماد .

كم هي قاسية حياة النزوح، وكم هو قاس وجع انتظار تنفس الصعداء بعد طول غم وعناء، والحياة في مراكز الإيواء، ومكابدة المرض وقد عز الشفاء، ومقارعة برد الشتاء، وشتات الاهل والأصدقاء، وتوسل المساعدات من المنظمات الأهلية والدولية، تائهين  في مسارب النزوح من شرق البلاد الى غربها، الامل المعقود ، في غياب تحقق الوعود .

بواسطة
احمد محمد محمد علي باوة - ليبيا
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق