التوحيد.. جوهر الاسلام
نحن قوم أعزّنا الله بالاسلام كمنهج رباني، وكل ما في الإسلام من تشريع وتوجيه وإرشاد، إنما يقصد إلى إعداد الإنسان ليكون عبدا خالصا لله، لا لأحد سواه.
ولهذا كان روح الإسلام وجوهره هو التوحيد. ولم يأت هذا المنهج نتيجة لإرادة فرد، أو إرادة أسرة، أو إرادة طبقة، أو إرادة حزب، أو إرادة شعب، وإنما جاء نتيجة لإرادة الله، الذي أراد به الهدى والنور، والبيان والبشرى، والشفاء والرحمة لعباده. كما قال تعالى يخاطبهم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} (النساء:174)، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} (يونس:57)
ورسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم- هو الداعي إلى هذا المنهج أو هذا الصراط، المبين للناس ما اشتبه عليهم من أمره.
يقول تعالى مخاطبا رسوله: {كَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ} (الشورى:52-53)
والإسلام منهج رباني خالص 100%عقائده وعباداته، وآدابه وأخلاقه، وشرائعه ونظمه، كلها ربانية إلهية. أعني في أسسها الكلية، ومبادئها العامة، لا في التفريعات والتفصيلات والكيفيات.
فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ ” خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطًّا ثُمَّ قَالَ هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ هَذِهِ سُبُلٌ -قَالَ يَزِيدُ: مُتَفَرِّقَةٌ – عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ (إِنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) ( الأنعام، 153)
ومنذ انطلاق الرسالة المحمدية وأعداء الإسلام لا ينفكّوا يكيدون له بطرق شتّى:
– دراسة الميراث الإسلامي العظيم وتصيُّد الأخطاء البشرية التي لا يسلم منها أحد للنيل من هذا الدين العظيم.
– محاولة الدّس فيه وتفسير حوادثه بما يريدون وكيفما يشاؤون.
– – بثُّ الشبهات من خلال مواقعهم الإلكترونية وقنواتهم الفضائية ومفكريهم وعملائهم.
– بثُّ الإشاعات التي طالت لتنال من مقام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأزواجه وصحابته وأعلام المسلمين.
– التشكيك في مصادره ومحاولة العبث بها، وقد بذلوا لهذا الأخير جهوداً جبارة وأموالاً طائلة وأوقاتاً طويلة.
نحن كمسلمين تربينا وتزينا بالأخلاق العظيمة النابعة من المدرسة المحمدية ،رغم اعتزازنا بهذا الدين العظيم القيّم فقد قصرنا في حقه كدعاة وكمدافعين عنه ،لا بدّ من شرح وتفهيم غيرنا مبادىء وتعاليم هذا الدين بالرضا والاحسان والمعاملة الطيبة والاقناع حتى تألف قلوبهم وتنغرس الهداية فيهم ،ونستميلهم الى جانبنا .
الاسلام عمره ما كان ارهاب ولكن اعداؤه هم الارهابيون المجرمون الذين فصلوا رؤوس المسلمين عن اجسادهم بسبب حقدهم المتأصل في نفوسهم المريضة والمتعفنة ،ففي عام 1845 م في بلد الكفاح والنضال (الجزائر) حدثت مجزرة الفراشيح الفظيعة على يد السفاح الفرنسي بيليسييه ،فقد هرب الاطفال والنساء والشيوخ واحتموا بمغارة فجاء هذا السفاح وجنوده وحاصر المغارة واحرق مَن فيها وقال:”إنّ حياة جندي فرنسي واحد تساوي حياة جميع هؤلاء المسلمين .هذه فرنسا يا سادة !
وهذا ما يشبه ارتكاب الكيان الصهيوني حين ارتكب المجازر الفظيعة في حق الشعب الفلسطيني البطل :دير ياسين كفر قاسم قبية ضانا صبرا وشاتيلا وتل الزعتر ،وكل يوم ما خفي اعظم ,والبعض يتجاهل تاريخ نضال الشعب الفلسطيني الذي ينهض ويولد من جديد وعزمه حديد وعمره مديد وعن طريق العودة لن يحيد ولو طعنونا من الوريد الى الوريد ،زعردي يا أمَّ الشهيد فعدوّنا والله جبان رعديد.
ثلاثة اشياء يدمرن الحضارات:
1-هدم الاسرة وذلك بتغييب دور الام وجعلها تخجل من كونها ربة بيت تبنيه وتربي ابناءها على منهج رسول الله –صلى الله عليه وسلم – وتجعلها تفكر في العمل والخروج لتتشرب ما في المجتمع من اضاليل ومتاهات.
2- هدم التعليم وذلك بالحطّ من مكانة المعلم الرفيعة والتشكيك في قدراته والعمل على تحقيره من قِبَلِ تلاميذه ،وأمت قلبه وارفع ضغطه حتى يكره مهنته السامية ،ليصبح التعليم مسخرة بعد ان كان مفخرة ويؤدي نتائج ايجابية .
وبمناسبة يوم المعلم سيبقى المعلم تاجا ومنارة على رؤوس الجهلاء الاغبياء.فتحية اجلال واكبار لكل معلم .
3- هدم القدوة (العلماء) وذلك بالتشكيك بعلومهم الدينية ومقدرتهم على ارشاد الناس ،واجعل الناس يكرهون الاستماع اليهم.
وللقضاء على الحضارة الاسلامية الممتدة الى اصقاع العالم رغم المكائد والدسائس، فما عليك الا اتباع ثلاثة عوامل:
1- حرق آيات الكتاب من الصدور.2- القضاء على صلاة الجمعة 3- منع الصلاة والطواف في المسجد الحرام والوقوف على عرفات.
قال تعالى:” يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) الصف
قال تعالى:” وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) المزمل
قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} أي لا تعجل بقراءة القرآن بل أقرأه في مهل وبيان مع تدبر المعاني. وروى عبدالله بن عمرو قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يؤتى بقارئ القرآن يوم القيامة، فيوقف في أول درج الجنة ويقال له أقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها”. وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمد صوته بالقراءة مدا.
وقوله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} إنا سنوحي إليك القرآن، وهو قول ثقيل يثقل العمل بشرائعه. ثقيل والله فرائضه وحدوده، حلاله وحرامه، العمل به.
ثقيلا بالوعد والوعيد والحلال والحرام. ثقيلا على المنافقين وعلى الكفار؛ لما فيه من الاحتجاج عليهم، والبيان لضلالتهم وسب آلهتهم، والكشف عما حرفه أهل الكتاب.
ثقيل بمعنى كريم؛ مأخوذ من قولهم: فلان ثقيل علي، أي يكرم علي.
“ثقيلا” رزينا ليس بالخفيف السفساف لأنه كلام ربنا. ثقيلا لا يحمله إلا قلب مؤيد بالتوفيق، ونفس مزينة بالتوحيد. هو والله ثقيل مبارك، كما ثقل في الدنيا يثقل في الميزان يوم القيامة.
“ثقيلا” أي ثابتا كثبوت الثقيل في محله، ويكون معناه أنه ثابت الإعجاز، لا يزول إعجازه أبدا. وقيل: هو القرآن نفسه؛ كما جاء في الخبر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها- يعني صدرها – على الأرض، فما تستطيع أن تتحرك حتى يسرى عنه. وفي الموطأ وغيره أنه عليه السلام سئل: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: “أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول” .
قال تعالى:” أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)محمد
إشارة إلى ارتجاج القلب وخلوه من الإيمان. أي لا يدخل قلوبهم الإيمان ولا يخرج منها الكفر، لأنّ الله تعالى طبع على قلوبهم.
الإسلام دين العزة والكرامة والقوة والشجاعة والشدة والغلظة على الكافرين وأعداء الدين من اليهود والنصارى وسائر المشركين.
اللّهم يا حي يا قيوم يا ذو الجلال والإكرام، اهدنا في من هديت، وعافنا في من عافيت، واقضِ عنّا برحمتك شرّ ما قضيت، إنّك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، آمنا بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فاغفر لنا ما قدّمنا وما أخّرنا، وما أسررنا وما أعلنّا، وما أنت به أعلم، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.
اللّهم اغفر للمسلمين جميعاً الأحياء منهم والأموات، وأدخلهم جناتك، وأجرهم من عذابك، ولك الحمد، وصلى اللهم على أشرف الخلق سيّد المرسلين محمد -صلى الله عليه وآله وسلم -وعلى أهله وصحبه أجمعين.