النقابات الأمنية.. ظاهرة مؤذنة بعودة بوليس التفتيش

في خطاب أعاد لأذهاننا محاكم التفتيش و شرطة الرب في التحقيق في البدع الهرطوقية في صورة محكمة كاثوليكية نشطت خاصة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، مهمتها اكتشاف مخالفي الكنيسة ومعاقبتهم و لقمع جرائم البدع والردة في جميع أنحاء العالم المسيحي من القرن الثالث عشر إلى السادس عشر كان خطاب النقابة الأمنية بصفاقس حيث وصفت اليسار التونسي بالكفر و الإلحاد و الهرطقة في الحريات رامية إياهم بإشاعة الفاحشة في المجتمع و محاربة دين الرب هكذا كان خطابهم.

و الإشكال هنا في تركيبة الخطاب و مضمونه أنه متناقض في شكله متضاد في بنيته و مراميه.
حيث أن هذا الخطاب لا يصدر إلا من الجماعات التكفيرية الإرهابية كالسلفية الجهادية و أنصار الشربعة و من لف لفهم و التي خلنا أن أمننا الجمهوري يحمينا منهم و من أفكارهم و طقوسهم الغريبة عنا و عن التركيبة السوسيولوجية و الأنتروبولوجية للمجتمع التونسي.

أما من ناحية المضمون فهو خطاب مخيف و يدل فعلا على الإختراق الذي حصل لوزارة الداخلية و إحداث الأمن الموازي الذي شكله علي العريض و حذر منه الشهيد شكري بلعيد و كل القوى الوطنية .

إن خطاب الحقد و التكفير الأخير لايدل إلا على نجاح وعد راشد الغنوشي للسلفيين ذات 2012 في إجتماع بينهم حيث يقول فيه ” الأمن مش مضمون ” أما اليوم و عن طريق النقابات الأمنية التي تسعى جاهدة في إرساء النظام البوليسي المبني على نقيض الحقوق و الحريات ، و على غرار بيانهم الصادر أمس و الذي ينص على توعدهم بقمع كل التحركات و الإنتقام من المتظاهرين و عدم تأمين التظاهرات و تعليق العمل الإداري و الإيقافات العشوائية للناشطين في مشهد خلنا و خال الشعب أنه قطع معه خاصة بعد إعتذار الأمنيين على ما تم إقترافه ما قبل 2011 بتعلة أنهم مأمورين و لا حول لهم و لا قوة .

و هنا لابد أن نذكر النقابات الأمنية بأبجديات العمل النقابي الذي شكله و رسم نظامه الداخلي و خط طريق عمله اليسار ضد الإضطهاد و الإستغلال و العنف ، بأن مصطلح النقابة هو هيئة قانونية تشكل لأغراض المفاوضة الإجتماعية أو المساومة من أجل رعاية مصالحهم الإقتصادية و الإجتماعية .

و على هذا الأساس و في مرسوم عدد 42 المؤرخ في 25 ماي 2011 و الذي نص في أحد فصله الحادي عشر على أنه :
يحجّر على أعوان قوات الأمن الداخلي، في ممارستهم العمل النّقابي الإضراب عن العمل أو تعطيل سيره بأيّ وجه. و لكن في بيانهم يخرقون نظامهم الداخلي.

لكن و بعد عدة محطات تاريخية إبتداء من أحداث 9أفريل 2012 مرورا ب4 ديسمبر 2012 من قبل الأمن و رابطات حماية الثورة ذات النزعة الإرهابية إلى تهريب أبو عياض من بعدها و البلطجة النقابية المتمثلة في محاصرة محكمة بن عروس و إفتكاك زميلهم من القضاء عنوة و تصديقا لنبوءة شكري بلعيد هاهو الهاروني يتوعد المتظاهرين بأمن النهضة و النقابات تكفر في خطاباتها المحتجين و تتدخل في الشأن السياسي في قولهم جماعة الصفر فاصل ،و اليسار الفاشل ، و الحثالة.

وهو لا يدل الا على إختراق النقابات الأمنية و توظيفها سياسيا لصالح أطراف سياسية معينة ضد أخرى ، و عليه لابد من مراجعة النقابات ومن يترأسها و ميكانيزم إشتغالها و لابد من إيمان منظوريها بأنهم جهاز تنفيذي لا غير ينفذ ما قرره القضاء و ليسوا سلطة تشريعية أو سلطة التنين الذي يبتلع كل الحقوق و المهام و تكون بيده كل شيئ .

بواسطة
صهيب المزريقي - تونس
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق