الدّين و اللّادين في تونس..
ينصُّ الدّستور التونسي في فصله الأوّل على أنّ “تونس دولة حرّة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربيّة لغتها، والجمهورية نظامها” وذلك إقرار واضح وصريح بأنّ الدّيانة الرّسمية للجمهورية التّونسية هي “الإسلام” إلاّ أنّ هذا الإقرار لا يتعارض البتّة مع حرّية الضّمير الّتي خصّها الدّستور التّونسي بالفصل السادس وفحواه “الدّولة راعية للدّين، كافلة لحرّية المعتقد والضّمير وممارسة الشّعائر الدّينيّة، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي، تلتزم الدّولة بنشر قيم الاعتدال والتّسامح وبحماية المقدّسات ومنع النّيل منها، كما تلتزم بمنع دعوات التّكفير والتّحريض على الكراهية والعنف وبالتّصدّي لها” .
ماسبق اثبات لترسّخ ثقافة التعايش السّلمي والقبول بالآخر المختلف دينيا في المجتمع التّونسي، إذ يقرُّ الفصل السادس من دستور الجمهوريّة التّونسية أهمّية ضمان التّعايش بين الأدّيان في كنف الإحترام والسّلام وينبذُ التعصّب والتّطرف والتّشدد ويدعو إلى تأسيس الحوار والقبول بالآخر ومعاملته بالمثل لأن ذلك سيضمن للمواطن التّونسي السّلم الاجتماعي. فالتّعددية أمر آلفه المواطن التّونسي وتعايش معه منذ زمن حتّى أنّ بنّية المجتمع التّونسي فسيفساء تجمع أغلبية مسلمة مع أقلّية مسيحية دون أن ننسى اليهوديّة. لكن هل ستتقبل هذه الدّيانات -بنفس رحابة الصّدر- مايسمى باللاّدينيين؟
في السّنوات الأخيرة عجّ الشّارع التّونسي بقلق المواطنين عامةً وبشكل خاص المسلمين -الّذين يمثّلون ال 98% من المجتمع التّونسي- قلقهم على الهوية الإسلامية للدّولة التونسيّة، نشأ هذا القلق إثر ظهور فئة من دُعات الحداثة والتحضر السّاعين إلى تجريد الدّولة من الطابع الدّيني والسير بها إلى ما يسمّى اللّادين أي الفصل التام بين الدّين والدّولة بتعلّة أن الدّين غير مواكب لتحولات العصر وأنّ اللحاق بركب الحداثة يستوجب -لامحالة- السير على خُطى الدّول المتقدمة الّتي انتهجت سياسة الفصل بين الدّين والدّولة فطفت على السطح جمعات مطالبة بالمساواة في الميراث بين المرأة والرّجل الأمر الّذي يتناقض مع النّص القرآني.
كما دُعمت نشاطات لبعض الجهات والجمعيات الّتي تعمل على نشر الشذوذ الجنسي تحت مسمّى “المثلية الجنسيّة” وقد أصبح هذا الأمر مجاهرا به وهو مايتعارض مع الدّيانات السماوية، على غرار تأسيس مجموعات عبر صفحات التواصل الاجتماعي لتوحيد صفوف اللاّدينيين والدّفاع عنهم … سلوكات كهذه وغيرها تعرّي المساعي الحثيثة للسير بتونس من الهوية الدّينية إلى اللاّ دين. فهل ستُكلل مساعي هؤلاء بالنجاح ويكون لتونس مستقبل قاطع مع الدّين أم أنّ تونس ستبقى دولة الإسلام عمادها وتلاقح الحضارات مبدؤها؟؟