عندما يصبح الغباء خيانة..

كل هذا: الضياع ، الهزيمة، الشتات، التّفكك، الفقدان للإنسان والأرض معا، التعقيد، القوة التي تضاف للعدو، والضعف الذي يعترينا بكل لحظة، الظلام القاتم، البؤس المتمدد في الأرجاء… كل هذه المفردات في تضاعف مستمر نحو
الأسوأ منذو ستةِ أعوام.!

يقف خلفها كائن بشري بعقل أغبى كائن حيواني. يقال أن الخِراف هي الأشدُ غباءاً وليس الحمار.. إنَّ أي كائن اتفق أو يتفق عليه العلماء الباحثين أنه الأغبى على ظهر هذا الكون، فإن كائننا الذي نعنيه هنا سيكون أشدَ منه غباءاً.. عادة ما اسميه دائماً حين أتحدث عنه بـ” التّنح” وهذا المصطلح عامّي يأتي بمعنى: الأطرش. والأطرش هو نقيض النبيه واللبيب.

لماذا أحاول أن أناديه بـ: الغبي ، التنح ، الأطرش ، أو المُقَعي؟! أنا لا أُلقي عليه هذه المسميات التي قد تكون من أسماء الدواب، جُزافاً. بل ولا حتى أنا من يطلقها عليه أو يكتبها. فلا أمتلك كل الإدراك الذي يمكنني من تسميته بما يليق به في كيفية اللحظة التي يعيشها. بل مؤشرات الواقع والأيام والسنين هي من تفعل..

وحده الزمن الذي لا يكذب. يُعري الناس ويكتب حقائقهم كما هي.. يقفز أمامي، أي الزمن، ثم ينط إلى صفحاتي المُشرعةُ للكتابة ويصبح الكلمات اللائقة “بتنحِنا” تلقائياً دون تدخلي.. أحاول الإمساك بتلابيبهِ وهو يمارس الجنون في أوجهِ وذروته، داخل السطور: ” قفْ! قليلاً ، لأرتب الأمر، أو لأُرتبك في مكانك الصحيح” ينْفض بيديَّ حتى خارج الدفتر قائلاً لي بكل صخبْ الدنيا: “العليل الذي يترك نفسه فريسةً للمرض، وهو يرَ جسده يتآكل بالساعاتِ والإيام والسنوات، ولا يسأل عن سبل الشفاء. نحن من نكتبهُ ونوَصِفه.”

صدقتْ أيها الزمن: فمنذو اللحظة التي أصبح فيها هذا التنح سلطاناً علينا.. نتأرجح بين ألوان الجحيم. يُنَقِلُنا عبر الأيام والسنوات من وادي إلى وادي أشدُ وطئة. وعلى ما يبدو أنه بمتناحتهِ هذه ينتظر أن يُوصلنا إلى ما بعد الجحيم
حيث الانصهار والذوبان والتلاشي ..
حيث نصبح اللا شيء.

ويصبح السلطان الغبي شيء أشد من خيانة الأوطان عندما يرَ أن غباؤه يعجز عن ابتكار الحلول ويشاهد بأم عينيه وطنه يضيع ويتلاشي. مع ذلك يتشبثُ بالبقاء.

بواسطة
حسام الحاتمي - اليمن
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق