قَلَمِي والنّونَ وَأُمِّي الحَنونِ

عَدَدُ أَنْفاسِ الصُّبْحِ ، وَمِلْءُ الفَضَاءِ نُورًا ، وَثِقَلُ السَّحابِ أَمْطارًا ، أَرُدِّدُ اسْمَكَ فِي ذَاكِرَتِي ، وَفِي واقِعيَّتِي ، وَأَرْسِمِكَ ابْتِساماتٍ كَثيرَةٌ ، وَأَنْظِمُكَ قَصائِدَ وَأَشْعَارًا ، أَلُونْ الغَسْقَ وأَعْكَسَ فَوْقَ الوُجوهِ مَزيجِ الأَصْفَرِ والْبُرْتُقاليِّ مِنْ الشَّفَقِ .

وَأُكَلِّمُكَ بِحَقِّ قَداسَةِ مَكانَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ .
وَمِن روحِكِ جِئُتْ وَوُلِدُتْ وَكَبَّرْتَ ، وَعَلَى مَبادِئِكَ وَدُسْتورِكَ مَشَيْتَ ، وَمِنَكَ وَلَكَ كُتِبُتْ وَجاهَدُتْ فِي حُروفِي وَفَوْقَ سُطورِي وَأَسْهَبُتْ تَفاصيلَ احِّلامي وَرُوِيَتْ حِكايًا أُمْنياتِي وَفِي حَرَكاتِي وَسُكُونِي تَكونينُ دَائِمًا ” مُرادِفاتُ جُمْلَتِي وَرَئيسَةُ كَلِماتِي .

لَكَ الرَّبيعُ وَعَلَيْكَ قَليلٌ وَلَكَ المَحَبَّةِ العَظيمَةِ وَلِأَجْلِكَ تَنْحَني الأَغْصَانُ وتَتَمايَلُ خَمائِلُ الوُرودِ وتَتَغَنَّجُ الأَزْهارُ وَمَعَكُ النَّسيمِ يَكونُ عَليلًا ” وتَغاريدُ العَصافيرِ أَنْغامَ وَضَحِكاتِ الأَطْفالِ أَفْراحَ قُلوبِ وَراحَةِ الأَنْفُسِ .

أُمِّي يَا سِرَّ الوُجودِ وَيَا رِسالَةَ الحَياةِ وَيَا سَعادَةَ الأَيّامِ حُضورَكَ كَانَ وَطَنًا ” وَغيابَكَ أَكْوانًا ” . . .
نَعَمْ وَمَعَ الدَّمْعِ مُنْحَتِني صَبْرًا ” وَمَعَ الحُزْنِ هَدِيتِينِي حُبورًا ، وَفِي كُلِّ لَحْظَةِ اعْطِيتْنِي قوَّةً لِمُوَاجَهَةِ العُمْرِ بِسَدَادٍ وَحِكْمَةٍ وَرُشْدٍ .

لَا تَزالينُ فِي وَتينِي مَلِكَةُ وانُتْ أَصْبَحَتْ قُرَّةُ عَيْنِي يَا أُمِّي يَامِدَلَلَتِي وَيَا ابْنَتِي الكَبيرَةَ الكَبيرَةَ .
طَيِّبُ عِطْرِكَ وَعَبَقَ أَنْفاسَكَ وَذُؤَبَاتِ شَعْرِكِ وابْتِسامَةَ وَجْهِكَ وَقُدْرَتَكَ عَلَى تَبْديلِ الظَّلَمَةِ الَّى أَنْوارًا وَتَحْويلِ الحُروبِ الَّى السَّلامِ .

كُلُّها كَانَتْ مُحَفِّزَ لِخْيَارَاتِي وَقَراراتِي وَكُلُّ انْتَاجَاتِيْ وَحَتَّى اعِّمالِي وَكِتاباتِي .
اطْمَئْنِي كُلَّمَا هَمَّتْ النَّفْسُ الَّى الشِّدَّةِ أَراكَ تَمْسَحينِ فَوْقَ ناصيَتِي وَتُصَوَّبينَ مَساراتِي وَتَدَفْعِينَنِي الَّى اَلِايْجَابِيَّةِ .
نامِي قَريرَةُ الرّوحَ وَسَطَ النّورِ ، أُمِّي الرّائِعَةُ وَالَّتِي مِنْ ضَعْفِها جَعَلَتْنَا أَقْوياءَ وَمِن يَأْسِها وَبَأْسَها غُرِسَتْ فِينَا الْآمَالَ وَاَلْأُمْنياتِ وَحُبَّ الحَياةِ .

اليَوْمَ الواحِدُ وَالعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ آذَارَ يَوْمَ الأُمِّ وَلَا يَكْفِي كَيْ أُعَبِّرَ لَكَ عَنْ عَظيمٍ امْتِنانِي وَمَحَبَّتي .
عُمْري كُلُّهُ مُسَخَّرٌ لِرِضاك وَلَوْ رُزِقُتْ فَوْقَهُ أَعْمارٌ عِدَّةٌ قَليلٌ يَا غاليَتِي وَيَا حَبِيبَتِي وَيَا تاريخي وَحاضِرِي وَمُسْتَقْبَليٌّ وَيَا فَرَحِي وَسَنّائي وَهَنَائِي وَرَباطَةُ قَلَمِي وَمِدادُ نوْني وقَرْطاسي .
من كتاب نون النسوة والقلم.

بواسطة
لطيفة خالد - مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق