المفكر أحمد المسلمانى .. والهندسة السياسية (3-3)

ثالثا: قادة الهندسة السياسية
1- أحمد بن طولون
يقول : ” فى عصر أحمد بن طولون أصبحت مصر .. أول دولة إسلامية مستقلة فى الإسلام
لم يكن استقلال مصر خروجا على الدين أو ابتعادا عن رسالة الإسلام .. بل كان استقلالا وطنيا فى ظل الإسلام .
وأقامت الدولة المصرية مع الدولة العباسية ما يشبه الكومنولث الأسلامى
ولقد كان ذلك نموذجا جديدا فى الهندسة السياسية .. كيف يمكن إقامة دولة وطنية دون أن يكون ذلك خروجا على الإسلام والمسلمين ؟
لقد اتسم الزعيم المصرى بأبرز صفات القادة ” العقل والحزم ”
كان ابن طولون نموذجا جادا فى الهندسة السياسية .. هندسة الداخل .. عبر مشروع نهضة وطنى ناجح , وهندسة الخارج عبر إقامة علاقة كونفدرالية إسلامية مع الدولة الإسلامية .. فى إطار محكم لهندسة الروح والوطن ” .
2- على بك الكبير
يقول : ” كان على بك الكبير يمتلك رؤية حضارية .. لجأ إلى ما لجأ إليه قادة مصر العظام على مر التاريخ . من تقوية الجيش .. وبناء الجبهة الداخلية .. والتطلع إلى فرض نفوذ الدولة المصرية فى محيطها الذى يصل إلى جبال طوروس .
نجح الجيش المصرى فى عهد على بك الكبير فى ضم الحجاز واليمن والشام .. وكان يرسل للمدن والبلاد قبل وصول الجيش المصرى يؤكد على أن المصريين جاءوا من أجل الحرية والقضاء على الطغيان العثمانى .. وعندما نجحت تركيا فى ترتيب الإنقلاب عليه .. عرضت روسيا أن تدعم الزعيم الوطنى على بك الكبير .. لكنه رفض الاستعانة بجيش أجنبى لمحاربة جيش بلاده ” .
3- رفاعة الطهطاوى
يقول : ” كان الشيخ رفاعة الطهطاوى نموذجا للهندسة الحضارية .. وكان نجاحه مذهلا فى الفكرة والحركة .. وفى المبنى والمعنى .
كان رجلا مؤمنا وصالحا .. وكان حداثيا وعالميا كذلك .. كان يمتلك الغيرة على دينه ووطنه بعد صدمته من وضع بلاد المسلمين ووضع بلاد الآخرين .
جاء رفاعة الطهطاوى فأسس مشروعا حضاريا عظيما .. أنقذ العقل والقلب وأعاد وضع البلاد فى الجانب الصحيح من التاريخ ” .
4- الأستاذ الإمام محمد عبده
يقول : ” كان الأستاذ الإمام محمد عبده مفكرا عملاقا .. وكان ينظر إلى العالم بجدية تامة . ورؤى واقعية .. وفهم عميق لما هو قائم ولما يجب أن يكون .
كان نموذجا ل ” الهندسة الفكرية ” .. كان يعرف على المستوى الكلى والاستراتيجى .. معالم الضعف وحقائق القوة .
تشكلت ” الهندسة الفكرية ” عند الإمام محمد عبده مما يمكن تسميته الطريق الثالث أو الطريق الجديد
” تطوير اللغة ، الإصلاح التعليمى ، الإصلاح الاجتماعى ، الإصلاح السياسى ، الدعوة للوسطية ، احترام العقل ” .
رفع الأستاذ الإمام فى هندسته الفكرية اللاءات الست :
لا للتقليد .. لا للتغريب .. لا للتخلف .. لا للأتراك .. لا للإنجليز .. لا للاستبداد
وفى تقديرى :
فإن اللاءات الست للأستاذ الإمام .. إنما تمثل نموذجا جاد فى الهندسة الفكرية ” .
5- طلعت حرب
يقول : ” كان طلعت حرب باشا .. نموذجا لذلك التوازى الخلاق بين الهندسة الاقتصادية والهندسة السياسية , إنه الزعيم الذى امتلك رؤية عالمية فى رسم الهندسة الوطنية .. هو صانع الحلوى الذى بنى بمفرده نصف الدولة المصرية .
أدرك طلعت حرب أن الاقتصاد هو الوجه الآخر للسياسة .. وأن الاستقلال الاقتصادى هو الراعى الحقيقى للاستقلال السياسى .. وأن جلاء الاستعمار يجب أن يعقبه جلاء الفقر .. وأنه لا وجود للفخر الوطنى من دون حماية من الاقتصاد الوطنى ” .
6- نابليون بونابرت
يقول : ” قام نابليون بانتشال قارة أوروبا من الماضى .. ودفعها بالقوة نحو المستقبل
ليكون زمن نابليون .. نهاية تاريخ .. وبداية تاريخ جديد .
أعاد هندسة فرنسا ونقلها إلى الحداثة العسكرية والمدنية .. أسس دولة القوة والقانون معا .. ثم أعاد هندسة أوروبا .
إن نابليون بونابرت كان واحدا من أعظم رواد الهندسة السياسية .. هندسة الأنا ثم هندسة الوطن .. ثم هندسة المحيط الجيوسياسى بكامله ” .
7- كليمنس فون مترنيخ
يقول : ” يرى هنرى كيسنجر أن ” مترنيخ ” وزير خارجية الإمبراطورية النمساوية المجرية قد جعل من الإمبراطورية الممتلئة بالمشاكل .. قوة قارية عظمى .. ما يجعله من أعظم الدبلوماسيين فى التاريخ .
استطاع بفضل رؤيته أن يقدم نموذجا مذهلا فى إدارة الضعف .. لتصبح بلاده المهزومة والمرتبكة .. صاحبة السيادة الدبلوماسية وصانعة النظام الأوروبى لمدة قرن كامل .
تمكن مترنيخ من تحقيق هدفه الاستراتيجى الكبير بتحقيق السلام وإنهاء الحروب .. وبرع فى صياغة الحسابات المعقدة والتوازنات الدقيقة .. حتى تثبت الرمال المتحركة .. وتصمد التربة الأوروبية تحت ” خيمة السلام ” :
ليحصد ب” السياسة ” ما كان مستحيلا ب ” القوة ”
وليأخذ ب” العقل ” ما كان مستحيلا ب ” الجيش ”
كان مترنيخ يرى أن السياسة الناجحة .. هى ألا تضيف منافسا لك وأن تلعب دورا أكبر من حجمك .
إن مترنيخ هو ذلك المهندس الذى قدم للعالم تلك التجربة المذهلة فى ” إدارة الفشل ”
و” قوة الضعف ” .
8- بسمارك
يقول : ” السياسى الألمانى بسمارك .. واحد من كبار صناع الهندسة السياسية فى التاريخ . استطاع خلال 9 سنوات فقط توحيد ألمانيا وإعادة تنظيم أوروبا الوسطى .
سعى بسمارك لتحقيق هدفه الكبير بعملية عملاقة من الهندسة السياسية .. حيث وضع مشروعا حضاريا ألمانيا .. يشمل الزراعة والصناعة والحرب .. كما يشمل القيم والمبادئ التى أطلقها بسمارك وهى ما تسمى الآن بالقيم الألمانية .
إن قوة بسمارك الحقيقة .. كانت قوة العقل وامتلاكه رؤية كاملة فى الهندسة السياسية ” .
9- الإمبراطور بطرس الأكبر
يقول : ” لقد كان القيصر بطرس الأكبر هو المهندس السياسى الوحيد للدولة الروسية .. فقد استطاع منفردا أن يحول بلاده من دولة أسيوية عادية .. إلى قوة عظمى منذ ذلك الحين وإلى الآن .. فلجأ إلى التسليح وإلى بناء الأساطيل .. وأرسل البعثات وأسس المدارس والجامعات وافتتح المصانع والشركات وأطلق عصر الحداثة الروسى ” .
استطاع أن ينقل روسيا من الإقطاع إلى الحداثة .. ومن الإنزواء إلى الصدارة .. ومن الدولة إلى الإمبراطورية ” .
وبعد هذه الجولة مع كتاب ” الهندسة السياسية ” للمفكر الأستاذ أحمد المسلمانى .
يتبين لنا بجلاء أهمية الأفكار التى يناقشها هذا الكتاب .
وأن الحاجة ماسة إليه فى الوقت الحاضر أشد ما تكون .
هذا كتاب يحتاجه شباب الأمة وقادتها ويجيىء فى آوانه .
وأطالب وزارة الثقافة المصرية بطباعة الكتاب طبعة شعبية مدعمة ضمن سلال الهيئة العامة للكتاب .. ليستفيد منه الجميع .

بواسطة
محمد حسينى الحلفاوى - مصر
المصدر
مقال الرأي يُنشر في الجريدة ويعكس في الأساس رأي الكاتب حول الموضوع الذي كتبه ولا يعبر بالضرورة عن صوت المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق